مجلس محافظي البنوك المركزية العربية : 1.7 مليار شخص على مستوى العالم لا يمتلكون حسابات مصرفية
قال مجلس محافظي البنوك المركزية العربية إنه لا يزال هناك نحو 1.7 مليار إنسان بالغ على مستوى العالم لا يمتلكون حسابات مصرفية، تمكنهم من إجراء المعاملات المالية الأساسية مثل تلقي الأموال والقيام بعمليات الايداع والادخار.
أوضح المجلس فى دراسة حديثة له أنه إدراكاً لذلك، تبنّت السلطات الاشرافية والقائمون على صناعة الخدمات المالية في المنطقة العربية على مدار السنوات الخمس الماضية، سياسات وإجراءات مهمة هدفت إلى معالجة التحديات التي تعيق تعزيز الوصول للتمويل والخدمات المالية.
في هذا السياق، وفي ضوء الجهود المبذولة في الدول العربية لتبني استراتيجيات للشمول المالي وتوفر عوامل وفرص ومعطيات عديدة تساعد في دعم مساعي تحقيق أهداف الوصول للتمويل، سيمكّن تطوير نظم المدفوعات الصغيرة وتحويلات العاملين في المنطقة العربية من خلال توظيف التقنيات المالية، في تحقيق قفزة في تعزيز فرص الوصول للتمويل وتوسيع نطاق الخدمات المالية الرقمية المستندة إلى أنظمة مدفوعات رقمية أكثر قبولاً وانسجاماً لاحتياجات المتعاملين.
من جانب آخر، تشهد المدفوعات عبر الحدود زخماً متزايداً في الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تتسارع فيه الابتكارات والحلول التقنية، وما تقدمه من فرص كبيرة. يشمل التقدم في هذا الشأن، المدفوعات الصغيرة، بما يمكن ليس فقط البنوك والشركات الكبيرة، من استخدام نظم الدفع الدولية، بل أيضاً شركات خدمات التجزئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والأفراد من استخدام هذه النظم والحلول الحديثة في تنفيذ المدفوعات والتحويلات.
ولا شك أن التوسع والنمو الكبير في تدفقات تحويلات العاملين والتجارة الإلكترونية، يبرز الحاجة للمزيد من الاهتمام بأنشطة التحويلات والمدفوعات الصغيرة عبر الحدود، واتجاهاته في إطار آليات نظم الدفع عبر الحدود، سعياً للعمل على تعزيز كفاءة وتسهيل هذه المعاملات وتضمينه في المعاملات المالية الرسمية.
في هذا السياق، يكتسب توسيع وتنويع منصات أنظمة المدفوعات الصغيرة ومقدمي خدمات الدفع، ولتسهيل المدفوعات عبر الحدود أهمية متزايدة في المنطقة العربية. ذلك أن التوسع في تقنيات الخدمات الرقمية للمدفوعات الصغيرة سيساهم في تعزيز الشمول المالي الرقمي، وبالتالي المساعدة في استقطاب نحو 63 في المائة من الأفراد الذين لا تتوفر لهم حسابات مصرفية رسمية في المنطقة العربية.
كما سيساعد ذلك في خلق فرصة لعدد كبير من المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية من الوصول إلى النظام المالي الرسمي. تجدر الاشارة في هذا الإطار، أن حجم تدفقات تحويلات العاملين في المنطقة العربية، الذي وصل إلى نحو 60 مليار دولار عن عام 2019، يوفر ذلك فرص كبيرة للاستفادة من هذه التحويلات في تعزيز الوصول للخدمات المالية الرسمية. إلا أن جهود توظيف التحويلات في النظام المالي الرسمي، تواجه عدة تحديات، أهمها الارتفاع النسبي في تكلفة إرسال تحويلات العاملين في المنطقة العربية.
في الوقت نفسه، تشير الاتجاهات الاقتصادية والمالية في المنطقة العربية إلى تسارع تدفقات المدفوعات منخفضة القيمة، أخذاً بالاعتبار النمو المتزايد في التجارة الإلكترونية وحركة العمالة ورؤوس الأموال في المنطقة.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه مدفوعاً أيضاً بالمبادرات القائمة حالياً التي تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمارات العربية البينية والروابط الاقتصادية والاستثمارية مع الشركاء التجاريين للدول العربية وفي مقدمتها منصة “بنى” للمدفوعات العربية. في الواقع، تقدم المنطقة العربية مركزاً جذاباً للمدفوعات ذات القيمة المنخفضة والتي شكلت نحو 70 في المائة من إجمالي المعاملات المالية المستلمة من خارج المنطقة في عام 2018، كما استحوذت المدفوعات ذات القيمة المنخفضة على حصة مهمة من إجمالي المعاملات المالية العربية البينية، بنسبة تقدر بنحو 60 في المائة في العام نفسه.
مع ذلك، تواجه المدفوعات الإقليمية عبر الحدود، تحديات وضغوطاً متزايدة. فمن جهة، تواجه القنوات والأدوات التقليدية، تحديات متزايدة لمتطلبات الامتثال، إضافةً إلى المخاطر والتحديات من شركات التقنيات سريعة النمو التي طورت حلول ونماذج أعمال جديدة قادرة على جذب عملاء جدد، وعلى زيادة حصتها في السوق، خاصة في سياق ظهور تقنيات مبتكرة. هذه التطورات تشكل تحدياً لقدرة البنوك المركزية على تتبع المعاملات عبر الحدود والإشراف عليها. كما يأتي في مقدمة هذه التحديات، ارتفاع رسوم المعاملات، وعمليات الامتثال المطولة، والوقت الطويل الذي تستغرقه التحويلات من طرف إلى طرف. تمثل مواطن ضعف رئيسة في نماذج المدفوعات التقليدية القائمة حالياً عبر الحدود.
ولمواجهة هذه التحديات، توفر التقنيات المالية الحديثة والمبادرات الإقليمية للمدفوعات العربية، بدائل مكملة للقنوات التقليدية، وتوفر كذلك بوابة أكثر شمولاً وكفاءةً للمدفوعات والتحويلات عبر الحدود لكل من الأفراد والشركات على حد سواء. يصاحب ذلك، التطورات المتسارعة في تقنيات نظم الدفع والبنية التحتية المالية، مثل خدمات المدفوعات الآنية السريعة، يوفر ذلك الفرصة لتقديم منتجات بوسائل أكثر شفافية وبساطة، مستفيدةً من توفر كم كبير من البيانات المتاحة ومعالجة أقل كلفة للمعاملات المالية. ستفتح هذه الحلول الجديدة بنفسها آفاقاً لخدمات جديدة، والأهم من ذلك، هناك فرص لن تتكامل فيما بينها لتقدم حلول شاملة للشمول المالي.
على الرغم من أنه من المستبعد ظهور منطقة دفع عالمية واحدة في الوقت القريب، إلا أنه يتوقع أن يتوفر لمختلف الأطراف والمتعاملين القدرة على الدفع في أي مكان، على الرغم من اختلاف المعايير والبنية التحتية من مكان إلى آخر. من هذا المنظور، تلقي الدراسة الضوء على القنوات الرئيسة التي يتم من خلالها إجراء المدفوعات الصغيرة عبر الحدود. كما تستعرض الإطار العام والأبعاد المختلفة التي تحكم عمليات تنفيذ المدفوعات الصغيرة عبر الحدود في المنطقة العربية. تشرح الدراسة التطورات الحديثة والجهود الجارية لتعزيز كفاءة انتقال المدفوعات عبر الحدود، وتحديداً منصات الدفع والتسوية عبر الحدود.
من جانب آخر، تتناولت الدراسة الفرص التي يمكن أن توفرها منصة “بُنى”، لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية، في توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية واستخدامها.
أخيراً تقدم الدراسة بعض التوصيات الاساسية حول الخيارات من السياسات للسلطات الاشرافية من جهة وكذلك على مستوى المؤسسات المالية ومقدمي خدمات الدفع والمتعاملين في السوق، بما في ذلك تطوير منصات الدفع عبر الهاتف المحمول بالإضافة إلى عملة رقمية عربية، بما يخدم دعم جهود وبرامج الشمول المالي في المنطقة العربية.