” النقد العربي” يُصدر دراسة حول تطبيق البنوك المتوافقة مع الشريعة لمتطلبات بازل 3

الصندوق : تطبيق البنوك المتوافقة مع الشريعة لمتطلبات بازل III في الدول العربية يواجه بتحديات ترتبط بمحدودية الأدوات المالية والأصول عالية الجودة المتوافقة مع الشريعة

البنوك المتوافقة مع الشريعة تميل لاستخدام المناهج المعيارية لقياس المخاطر وهناك حاجة لتطوير قدرات هذه البنوك لاعتماد مناهج متقدمة لقياس المخاطر

اتجاه بعض المصارف المركزية إلى إصدار تعليمات تراعي خصوصية البنوك المتوافقة مع الشريعة فيما يخص اختبارات الضغط

ضرورة مواصلة الجهود الرقابية لتمكين البنوك المتوافقة مع الشريعة من الالتزام بالمعايير المصرفية الدولية وتأهيلها للإحاطة بمختلف المخاطر وتطوير أسواق الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة

في إطار سعي صندوق النقد العربي لإعداد إسهامات بحثية تتوافق مع أولويات دوله الأعضاء ودعم صناع السياسات، أصدر الصندوق دراسة بعنوان “تطبيق البنوك المتوافقة مع الشريعة لمتطلبات بازل III”.

أشارت الدراسة إلى أن الدول العربية تعتبر أهم مراكز التمويل المصرفي المتوافق مع الشريعة حيث تستحوذ على ما يقرب من 51 في المائة من حجم الصناعة على مستوى العالم بحسب أحدث البيانات الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية، كما تعتبر البنوك المتوافقة مع الشريعة ذات أهمية نظامية محلية في سبع دول عربية.

أوضحت الدراسة أن المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية حرصت على مواكبة المستجدات الدولية المتعلقة بتبني متطلبات لجنة بازل للرقابة المصرفية (بازلIII) بما في ذلك تلك المتعلقة بكفاية رأس المال للبنوك المتوافقة مع الشريعة، وقام بعضها بإصدار و/أو تطبيق تلك المتطلبات. أشارت الدراسة إلى أن البنوك المتوافقة مع الشريعة تواجه بعض التحديات في الوفاء بمتطلبات رأس المال في إطار المتطلبات الجديدة لبازل III. تتباين تلك التحديات من دولة إلى أخرى غير أنها تشترك في بعض العناصر منها أن البنوك المتوافقة مع الشريعة تخضع لنفس التعليمات الرقابية التي تخضع لها البنوك التقليدية في عدد من الدول العربية مع وجود تحديات ترتبط بعدم كفاية الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة والتي يمكن إدراجها ضمن مكونات رأس المال، إضافة إلى التحديات التي ترتبط بالتوافق مع المعايير المحاسبية الدولية.

تبذل المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية جهوداً حثيثة لتذليل التحديات التي تواجه البنوك المتوافقة مع الشريعة وتمكينها من مواجهة التحديات المرتبطة باحتساب مكونات رأس المال في إطار مقررات بازل III ومواءمة منتجاتها مع التعليمات الرقابية، والعمل على استكمال الأطر التنظيمية بما يُمكن من السماح بإصدار أدوات تلائم مقررات بازلIII وتتوافق مع تعليمات الشرعية.

من جانب آخر، أشارت الدراسة إلى سعي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى بذل جهود موازية لتمكين البنوك المتوافقة مع الشريعة من احتساب أنواع المخاطر الثلاثة الرئيسة: مخاطر الائتمان، ومخاطر السوق، ومخاطر التشغيل. ومع أن معايير لجنة بازل للرقابة المصرفية تتيح استخدام مجموعة متنوعة من المناهج الخاصة بكل نوع من أنواع المخاطر، إلا أن البنوك المتوافقة مع الشريعة في الدول العربية تميل لاستخدام المناهج المعيارية وبدرجة أقل المناهج الأساسية، التي تعتبر أيسر الطرق الممكنة لقياس المخاطر، ولا شك أن ذلك يشكل تحدياً على المدى البعيد، إذ لا بد من تطوير قدرات هذه البنوك لاعتماد مناهج متقدمة لقياس المخاطر.

بينت الدراسة أن عدد محدود من المصارف المركزية العربية يقوم باحتساب فجوة الائتمان لغايات استخدام أداة هامش رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية (Countercyclical Capital Buffer (CCyB)). وقد كان لتطبيق هذا المتطلب دوراً مهماً في تقليل مستويات تأثر التمويل الممنوح من قبل البنوك المتوافقة مع الشريعة بالتقلبات في دورات الأعمال، ولا شك أن استخدام هذا الهامش يعتبر ضرورياً وفق ما بينته الأزمة المالية العالمية 2008، وزادت أهميته بإطار الظروف الحالية الناتجة عن جائحة فيروس كورونا المستجد.

من جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أنّ عدداً من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية يواجه تحديات فيما يتعلق بالوفاء بمتطلب نسبة تغطية السيولة وفقا لمتطلبات بازل III يتمثل أهمها في عدم توفر أصول عالية الجودة متوافقة مع الشريعة على غرار الصكوك وفق التعريف الوارد ضمن متطلبات بازل. بهدف تجاوز التحديات السابق الإشارة إليها، قام عدد من المصارف المركزية بإصدار أوراق مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية. من جانب آخر، بذلت المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية بالتعاون مع الجهات المعنية في عدد من الدول العربية مجهودات لتطوير سوق للأوراق المالية متوافقة مع الشريعة.

بالنسبة للدعامة الثانية لبازل III، أوضحت الدراسة أن البنوك المتوافقة مع الشريعة تتّبع نفس التعليمات الرقابية الخاصة بالبنوك التقليدية في هذا الصدد في عدد من الدول العربية. في حين اتجهت المصارف المركزية في بعض الدول العربية إلى إصدار تعليمات تراعي خصوصية البنوك المتوافقة مع الشريعة فيما يخص اختبارات الأوضاع الضاغطة الجزئية، فيما تعمل المصارف المركزية في باقي الدول على استكمال إصدار هذا الإطار، يتكامل مع ذلك وجود جهة رقابية مختصة بالرقابة على البنوك المتوافقة مع الشريعة في عدد من الدول العربية.

فيما يتعلق بالدعامة الثالثة لبازل III، تتبنى البنوك المتوافقة مع الشريعة في الدول العربية معايير الإفصاح والشفافية في إطار الحوكمة الرشيدة التي تلائم أعمالها وأنشطتها وفقاً للتطورات المحيطة بها من خلال الالتزام بتقديم معلومات دقيقة وموثوقة ومحدّثة إلى المساهمين، وذلك وفقاً للمتطلبات الرقابية والتشريعية ضمن إطار عمل شفاف في ظل قيام عدد من المصارف المركزية العربية بإصدار الإطار الرقابي الخاص بانضباط السوق المنظم لعملية الإفصاح (الإفصاحات المالية وغير المالية والرقابية التي تتضمن كافة البيانات الهامة المتعلقة بها وبعملياتها المالية والأداء عموماً) التي في الغالب تعتمد نفس الإطار المطبق على البنوك التقليدية.

في ضوء ما سبق، خلصت الدراسة إلى بعض التوصيات فيما يتعلق بتمكين البنوك المتوافقة مع الشريعة من الوفاء بمتطلبات بازل III فيما يلي:

مواصلة الجهود الرقابية المبذولة لتمكين البنوك المتوافقة مع الشريعة من الالتزام بالمعايير المصرفية الدولية وتوفير التشريعات الملائمة لنمط الصيرفة المتوافقة مع الشريعة التي تتناسب مع طبيعة نشاطها لضمان وجود رقابة فعالة عليها من قبل السلطات الرقابية.
تعزيز الكوادر البشرية وتأهيلها للإشراف على مختلف المخاطر، وتطوير قدراتهم في هذا المجال؛ ونشر ثقافة إدارة المخاطر السليمة على كافة المستويات والالتزام بأفضل الممارسات في الصناعة المصرفية.
تطوير أدوات وأنظمة قياس المخاطر وفقاً لطرق التقييم الداخلي، للاستفادة من مزايا هذه الطريقة.
توحيد الجهود لضمان التزام البنوك المتوافقة مع الشريعة للالتزام بصيغ مجلس الخدمات المالية الإسلامية للوصول إلى صيغة موحدة لتطبيقها.
ضرورة مواكبة التطورات وأفضل الممارسات الدولية خصوصاً الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
وجود رقابة فعالة على مخاطر عدم الالتزام بقواعد الشريعة.
مواصلة الجهود لتطوير أسواق الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة لتمكين تلك البنوك من الوفاء بمتطلبات السيولة وتوفير أدوات مالية تضمن الإدارة الكفؤة للسيولة في هذه البنوك من جهة وتمكن البنوك المركزية من إدارة السياسة النقدية بفعالية أكبر لاسيما في الدول التي تتسم فيها هذه البنوك بأهمية نظامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى