رئيس “النقد العربي”: الأنشطة الرقمية تساهم بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية

%3.6 معدل النمو المتوقع بالدول العربية خلال 2022

أهمية ملائمة توقيت تخفيف أو سحب إجراءات الدعم كأحد أدوات نجاح الإجراءات المتخذة لدعم التعافي الاقتصادي

 

ألقى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً “عن بُعد” في افتتاح القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2021، تحت عنوان “استراتيجيات التعافي ما بعد الأزمة: تعزيز التنمية المستدامة والقدرة على تحمل الديون”.

وأشار الحميدي إلى أن أداء الاقتصاد العالمي من المتوقع أن يشهد تحسناً خلال عامي 2021 و 2022، ينعكس في تحقيق معدل نمو يقدر بنحو 6.0 و 4.4% للعامين على التوالي، منوهاً أن هذا التعافي يواجه في المقابل عدد من المخاطر، أبرزها إحتمالات تعذر إحتواء فيروس كورونا المستجد، وإحتمالات نشوب أزمة مديونية عالمية مع التوقع بإستمرار السياسات المالية والنقدية التوسعية لدعم مرحلة التعافي.

وأشار إلى إرتفاع الدين العالمي بنحو 24 تريليون دولار، ليصل إلى 355% من الناتج العالمي مع نهاية عام 2020؛ وفيما يتعلق بالدول العربية، موضحاً أن توقعات صندوق النقد العربي تظهر تحقيق معدل نمو يصل إلى نحو 2.8% عن عام 2021 ويرتفع إلى نحو 3.6% عن عام 2022.

وقد تناول الحميدي أهم التداعيات والتحديات على القطاع المصرفي في هذه المرحلة لدعم التعافي، التي من أبرزها أهمية المحافظة على الاستقرار المالي وسلامة ونزاهة المعاملات المالية والمصرفية، وتعزيز التنسيق بين السياسة الاحترازية الكلية والسياسات الاقتصادية، وتسريع التحول المالي الرقمي وتطوير خدمات مالية ومصرفية مبتكرة، ومواجهة تداعيات تغيرات المناخ والمتطلبات من المؤسسات المالية والمصرفية، وتعزيز التمويل المسؤول والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية لخدمة التنمية المستدامة، إلى جانب الإرتقاء بمنظومة وأدوات تسوية المدفوعات محلياً وعبر الحدود.

وعلى صعيد دعم الاستقرار المالي، أشاد الحميدي بالإجراءت التحفيزية والوقائية التي قامت العديد من المصارف المركزية العربية بها؛ والتي شملت ضخ السيولة في القطاع المصرفي من خلال تخفيض أسعار أدوات السياسة النقدية ونسبة الإحتياطي النقدي الإلزامي، وتعزيز منظومة ضمان القروض دعماً للقطاعات الإنتاجية، محذراً في نفس الوقت من الارتفاع المتوقع في نسب التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات بعد سحب أو تخفيف حزم الدعم التي تم تطبيقها خلال فترة الجائحة، حيث ارتفعت نسبة التسهيلات غير العاملة بنسبة بسيطة إلى نحو 8.3% في نهاية عام 2020، مع التوقع بمزيد من الإرتفاع بعد سحب الحزم، الأمر الذي سيشكل أمام السلطات الرقابية تحديات جديدة.

وأكد الحميدي على أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية والسياسة الإحترازية الكلية، وأهمية ملائمة توقيت تخفيف أو سحب إجراءات الدعم، كأحد أدوات نجاح الإجراءات المتخذة لدعم التعافي الاقتصادي.

وحول أهمية التحول الرقمي خلال جائحة كورونا، أوضح الحميدي أن التقنيات المالية الحديثة ساهمت من جهة في استمرار الخدمات المقدمة من القطاعين العام والخاص، ومن جهة أخرى في الحد من المخاطر الصحية، مؤكداً على أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية للقطاع المالي، وتشجيع التحول الرقمي، وإيجاد فرص تطويرية واستثمارية في مجالات التقنيات المالية محلياً، منوهاً بالفرص الكبيرة الكامنة في تطوير الخدمات الرقمية.

وأضاف أن صناعة الخدمات المالية الرقمية تشهد نمواً في المنطقة العربية، منوهاً بمساهمة الأنشطة الرقمية بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، مشيراً إلى النمو الملحوظ في عدد شركات التقنيات المالية الحديثة، الذي اقترب من نحو 500 شركة في عام 2020 أكثر من نصفهم شركات ناشئة، مقابل 167 شركة قبل 5 سنوات و62 شركة فقط قبل 10 سنوات.

وأكد الحميدي على الحاجة للمزيد من العمل لخلق البيئة التشريعية والتنظيمية المحفزة والبنية التحتية المشجعة على نمو صناعة وخدمات التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية؛ موضحاً انه على سبيل المثال، عكس مؤشر التقنيات المالية الحديثة لصندوق النقد العربي (FINXAR) الاهتمام والجهود التي قامت به السلطات في الدول العربية في الأعوام الثلاث الماضية خاصة عام 2020، نحو الارتقاء بفرص نمو التقنيات المالية وتوظيفها، حيث يظهر المؤشر تحسن بيئة الخدمات المالية الرقمية وتنفيذ برامج وأنشطة وطنية للتحول الرقمي في الدول العربية.

ويبرز المؤشر عدد من التحديات التي تتطلب المزيد من الجهود، خاصة على صعيد تسهيل وصول مزودي خدمات التقنيات المالية الحديثة ورواد الأعمال والشركات الناشئة إلى التمويل، ومتابعة تطوير التشريعات والبنية التحتية المالية المحفزة.

وأكد الحميدي على ضرورة التعاون لمواجهة مخاطر تغيرات المناخ والحاجة لتطوير الخدمات المالية والمصرفية في هذا الشأن، إذ أن الخسائر المرتبطة بالأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والتغير بالمناخ تضاعفت أربع مرات منذ الثمانينيات، حيث ارتفعت من 50 مليار دولار سنوياً في الثمانينيات إلى نحو 200 مليار دولار خلال العقد الماضي، الأمر الذي يشير أهمية وضع خطة استراتيجية لعملية التحول التدريجي للمنتجات الصديقة للبيئة بالتنسيق والتعاون بين المصرف المركزي والقطاع المصرفي والجهات الرسمية المعنية بموضوع التغيرات المناخية والبيئية، وذلك للحد من مخاطر التحول، بالإضافةً إلى تبني القطاع المصرفي لبرامج دعم للمشروعات صديقة البيئة، بتمويل بأسعار فائدة وآجال مناسبة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك التجارية وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس.

وأشار إلى أن التمويل المسئول يعد أحد أهم العناصر التي تساهم في الحد من أثر تغيرات المناخ على الاستقرار المالي، مشيراً في هذا الصدد إلى المسؤولية المجتمعية للقطاع المصرفي في دعم المشاريع الصديقة للبيئة ذات الانبعاثات “منخفضة غاز الكربون”، وأخذ الجوانب البيئية في الاعتبار قبل منح الائتمان، ذلك بهدف تعزيز التمويل المسؤول.

ونوه أن جهود المصارف المركزية في العديد من الدول في مجال التمويل المسؤول، أسفرت عن زيادة في عدد وقيمة القروض التجارية التي قدمتها البنوك للمشاريع الصديقة للبيئة، مشيراً إلى تبنى القطاع المصرفي في عدد من الدول العربية تقديم منتجات تحد من تداعيات تغير المناخ، تشمل القروض المسؤولة (الخضراء) وتمويل المشاريع والمنتجات المالية المختلفة والصناديق الاستثمارية الخضراء؛ داعياً السطات الاشرافية بالتعاون مع القطاع المصرفي لدعم هذه التوجهات.

وأشار إلى الاهتمام الكبير الذي يحظى به موضوع تطوير نظم الدفع عبر الحدود من قبل مجموعة العشرين، سعياً وراء تعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والإستقرار، مشيراً إلى أن منصة “بُنى” للمدفوعات العربية، التي أنشأها الصندوق مؤخراً بدعم وتعاون المصارف المركزية العربية ومشاركة المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية العالمية، تمثل نموذجاً للتوافق مع إرشادات مجموعة العشرين.

وأكد الحميدي إهتمام صندوق النقد العربي بتعزيز التعاون مع كل من إتحاد المصارف وجمعيات واتحادات البنوك والبنوك العاملة في المنطقة العربية، مبيّناً أن الصندوق يعمل باستمرار على توسيع التعاون والمشاركة للبنوك في أنشطته ومؤسساته الشقيقة (برنامج تمويل التجارة العربية والمؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية).

وأشار إلى استهداف الصندوق في إصداره للعديد من التقارير والأدلة الإرشادية مؤخراً، قضايا تهم المؤسسات المصرفية للمساهمة في تناول المواضيع ذات الأولوية خاصة على صعيد مواضيع الشمول المالي والتقنيات المالية والتمويل المسؤول؛ كما نوه إهتمام الصندوق في بناء ثقافة مجتمعية تدرك الفرص والمخاطر في الخدمات المالية، خاصةً للفئات الشابة، من خلال المبادرة بإطلاق عدد من الكتيبات للنشئ بغرض المساهمة في جهود التوعية حول القضايا المالية والمصرفية، بما في ذلك التوعية بالتحول الرقمي والتقنيات الحديثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى