بلومبرج: استقلالية البنوك المركزية في تركيا والبرازيل وإندونيسيا على المحك
يعتمد القادة ومسؤولو الحكومة في الدول الثلاث على صانعي السياسة النقدية لحل المشكلات السياسية
تواجه استقلالية البنك المركزي، التي تعدُّ رمز الإحترام الإقتصادي ، تحدياً في بعض الأسواق الناشئة الرئيسية، مع اقتراب جائحة كوفيد-19 من ذكراها السنوية الثانية، بحسب بلومبرج
فخلال العقود القليلة الماضية؛ أصبحت الاستقلالية في تحديد أسعار الفائدة أمراً مقدَّساً تقريباً، إذ يُنظر على نطاق واسع إلى البلدان التي يمكن لصانعي السياسات فيها التصرف دون عائق سياسي، على أنَّها تدار بشكل أفضل، مع نمو متفوِّق طويل الأجل، وتضخم تحت السيطرة. الفكرة هي أنَّ محافظي البنوك المركزية يمكنهم التصرف في المصلحة طويلة الأجل للبلد، دون مراعاتهم للقادة والمسؤولين الحكوميين؛ في حين يميل القادة بالفطرة إلى تجنُّب القرارات الصعبة.
وبحسب بلومبرج ، تتعرَّض هذه الفلسفة الآن لضغوط في اقتصادات مهمة، تقع في ثلاث بقاع مختلفة من الكرة الأرضية.
ففي البرازيل؛ يواجه البنك المركزي ارتفاعاً هائلاً في الأسعار، كما يواجه رئيساً عنيداً يقود حملة لإعادة انتخابه في العام المقبل.
وتعدُّ إندونيسيا، التي أعادت تشكيل مؤسساتها على أسس غربية بعد الانهيار المالي في أواخر التسعينيات، بلداً يتَّبع سياسة مالية ونقدية متشابكة، كانت موضع استياء في الدوائر المرموقة.
أما في تركيا؛ فقد حصل الرئيس رجب طيب أردوغان أخيراً على خفض سعر الفائدة الذي طالب به، حتى في ظلِّ ارتفاع التضخم.
وفي وقت سابق من هذا العام، وقَّع الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو على مشروع قانون لإضفاء الطابع الرسمي على الاستقلالية.
وأخذ البنك المركزي البرازيلي هذه الحرية على محمل الجد، ورفع أسعار الفائدة بشكل كبير في محاولة لسحق التضخم. على أنَّ ذلك كانت له تكلفة ، إذ انكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني.
من جانبه، نفى بولسونارو تقريراً لوكالة “أسوشيتد برس” مفاده أنَّه يأسف لمنح الموافقة على استقلالية البنك المركزي ، وإذا استمر الاقتصاد في اتجاهه الهابط؛ فسيبحث الرئيس عن كبش فداء، ويلقي باللوم على البنك المركزي.
وفي إندونيسيا، ألزم المسؤولون البنك المركزي بتمويل الميزانية مباشرة لمدَّة ثلاث سنوات.
وسيشتري بنك إندونيسيا 15 مليار دولار من السندات مباشرة من الدولة هذا العام، وبمبلغ مماثل العام المقبل.
وعلى الرغم من أنَّ السلطات النقدية في جميع أنحاء العالم قد انخرطت في ممارسات غير تقليدية للمساعدة في مكافحة الوباء؛ فإنَّ ما يسمى بتسييل الديون، يعدُّ خطوة؛ لم تكن هناك إلا قلَّة من الحكومات مستعدة للقيام بها.
ومن الواضح أنَّ البنك المركزي التركي، الذي يقول، إنَّه يحدِّد أسعار الفائدة بشكل منفصل عن الحكومة؛ يبقي على الأقل أُذُناً واحدة متناغمة مع السياسة.
وسيعيّن أردوغان حاكم البنك المركزي الرابع له منذ عام 2019.
ففي مارس ، عندما أقال أردوغان ’ناجي أقبال’ بسبب رفع معدلات الفائدة لمواجهة التضخم، كان الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يتراجع المبتدئ شهاب قاوجي أوغلو عن بعض تلك السياسات على الأقل. فقد اتخذ قاوجي أوغلو خطوته في 23 سبتمبر عندما خفَّض سعر الفائدة القياسي بنقطة مئوية كاملة.
وهناك مجال كبير للمرونة في وقت يشهد ضغوطاً اقتصادية واجتماعية شديدة.
ففي النهاية؛ قال الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، إنَّهما سيتحمَّلان ارتفاع التضخم على المدى القصير، شريطة أن يستقر في حدود أهدافهما.
ولكن، كما أشارت 3 اقتصادات ناشئة مهمة؛ هناك خطر يتمثَّل في أنَّ الاستقلالية قد تكون للأوقات الجيدة فقط. مع ذلك؛ فقد تكون الحاجة الملحة إلى الاستقلالية، هي في فترة الأيام بالغة الصعوبة.