المسئوولية القانونية الدولية عن تفشي كوفيد 19 وحق الصناديق السيادية في طلب تعويض عن خسائرها
قبل التعرض لتفشي وانتشار فيروس كوفيد 19 يجب التنويه على الآتي:
أولاً: منظمة الصحة العالمية ونطاق عملها:
إن المنظمة تأسست في عام 1948 كذراع صحية للأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدعم الأنظمة الصحية عبر بلدان العالم وحمايتها من تفشي الأمراض والأوبئة، خاصة بعد حصاد الكثير من الأرواح خلال القرن التاسع عشر بسبب تفشي أوبئة مثل الكوليرا والطاعون والحمى الصفراء. كما أن برنامج المنظمة يقدم الرعاية الصحية لنحو مليار إنسان في مختلف بقاع العالم، كما يوفر خدمات الرعاية الطارئة لمليار آخر، علاوة على أنها بشكل عملي تقدم معلومات عابرة للحدود حول أحدث التطورات للأوبئة والأمراض المختلفة وما قد تشكله من مخاطر مثلما فعلت إبان تفشي أوبئة إيبولا وسارس.
ثانياً: دستور منظمة الصحة العالمية:
يعد هذا الدستور ملزماً لكافة الدول الأعضاء وفقاً للمادة (79) على النحو التالي:
(أ) للدول أن تصبح أطرافاً في هذا الدستور:
1) بالتوقيع دون تحفّظ يتعلق بالموافقة؛
٢) بالتوقيع المشروط بالموافقة، على أن يتبعه القبول؛
٣) بالقبول.
(ب) يتم القبول بإيداع وثيقة رسمية لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
ثالثاً: لوائح منظمة الصحة العالمية لسنة 2005:
دخلت هذه اللوائح حيز التنفيذ في يونيو 2007، ويتمثل الغرض من هذه اللوائح ونطاقها في الحيلولة دون انتشار المرض على الصعيد الدولي والحماية منه ومكافحته ومواجهته باتخاذ تدابير في مجال الصحة العمومية. كما أنها ملزمة لكل من منظمة الصحة العالمية وكذا الدول الأعضاء في المنظمة.
رابعاً: جمعية الصحة العالمية:
تقوم جمعية الصحة العالمية بإقرار الاتفاقيات أو الاتفاقات المتعلقة بأية مسألة تدخل في اختصاص منظمة الصحة العالمية.
خامساً: الوباء (نقلاً عن موقع ويكيبديا): فإنه ذلك المرض الذي ينتشر في عدة دول حول العالم في نفس الوقت.
ومن هنا، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإنه يتم الإعلان عن حدوث وباء “عندما ينتشر مرض جديد، لا يتمتع فيه الناس بالحصانة، في جميع أنحاء العالم بما يفوق التوقعات”.
من ناحية ثانية، فإن “الوباء” يتمثل في زيادة مفاجئة في الحالات المرضية أو في المرض الذي يمكن أن يكون متفردا في دولة واحدة أو مجتمع واحد.
سادساً: الجائحة (نقلاً عن موقع ويكيبديا): الجائحة هي وباء انتشر عبر منطقة جغرافية كبيرة، وفي العادة تكون المنطقة كبيرة جداً لدرجة أنها تشمل قارات متعددة أو في جميع أنحاء العالم.
ومن المعول عليه في تحديد المسئوولية القانونية أمرين:
- التوقيت والإعلان عن الفيروس.
- صحة المعلومات.
فإذا ثبت وجود خلل أو خطأ في هذين الأمرين تثبت المسئوولية القانونية.
النظام العالمي الشامل للإنذار والاستجابة (نقلاً عن موقع الصحة العالمية): عندما يقع حدث ذو أهمية بالنسبة إلى الصحة العمومية، يعمل النظام العالمي الشامل للإنذار والاستجابة التابع لمنظمة الصحة العالمية على ضمان أن المعلومات متاحة وأن عمليات الاستجابة يجري تنسيقها بفاعلية.
ويشمل النظام الوظائف التالية:
– الترصد القائم على الحدث، والتقدير السريع للمخاطر، والتبليغ عن المخاطر بالاستناد إلى الأحداث؛
– وتوفير منصات المعلومات البالغة الأهمية والتواصل لدعم القرارات؛
– وتوفير منصات العمليات واللوجيستيات لأي استجابة تحشدها المنظمة لمواجهة المخاطر الدولية المحدقة بالصحة العمومية.
وقد ظهرت عدة اتجاهات عديدة تؤكد على مخالفة منظمة الصحة العالمية لنصوص الدستور ولائحة الصحة العالمية وفي رأينا أن ما دفع البعض بإدانة منظمة الصحة العالمية هو مخالفتها نص المادة (5) فقرة (4) من نصوص مواد لائحة منظمة الصحة العالمية والخاصة بالترصد من صحة ودقة، وهو ما لم تفعله المنظمة، حيث اعتمدت على التقارير الواردة إليها دون تحري الدقة في صحة هذه البيانات والتقارير.
وهناك عدة اتجاهات تدين دولة الصين وأنها سبب ظهور وتفشي فيروس كوفيد 19، ونحن نعتقد من وجهة نظرنا أن ما دفع أغلب البعض بإدانة دولة الصين هو أن الصين لم تتعلم الدرس الذي حدث في الماضي من تفشي فيروس سارس، حيث أنه لعدة أشهر بعد بدء تفشي السارس (الناجم عن مرض مشابه ومُرتبط بـ COVID-19) في جنوب الصين، حاول الحزب الشيوعي الصيني إخفاءه، مما تسبب في وفاة مئات من مواطنيهم، بما في ذلك العديد من الموظفين الطبيين، انتشر هذا المرض الخطير للغاية إلى العديد من البلدان الأخرى. كان السارس مرضًا جديدًا ، واعتبرت الاستجابات الطبية الحالية على الفور غير كافية. ولكن لم يتم تبادل المعلومات وتكررت الأخطاء القاتلة، مما تسبب في خسائر في الأرواح لا داعي لها. وفشل الصين في الإبلاغ عن تفشي السارس بشكل كامل وفي الوقت المناسب في عام 2003 كان مسؤولاً بشكل مباشر عن انتشاره داخل البلاد وخارجها. وبحلول وقت احتوائه ، كان الفيروس قد انتشر إلى أكثر من 8000 شخص في جميع أنحاء العالم وقتل ما يقرب من 800.41 في هذه المرحلة.
كما أنه من الممكن أن تكون دولة الصين قد علمت بخطورة الفيروس حيث أنها أعلنت عن بعض القرارات الاستثنائية مثل تخفيض الفائدة ودعم البورصة الصينية بمليارات الدولارات (171 مليار دولار) بعد خروج عنيف وبيع للمؤسسات، أيضاً جلسة يوم الاثنين للبورصة وسوق المال بعد انتهاء فترة الإجازة 3/2/2020 خسرت الأسهم الصينية 420 مليار دولار، وتم إيقاف التداول وتراجع مؤشر بورصة شنغهاي 7.72% وهو أكبر من 4 سنوات تقريباً. كما انخفضت قيمة اليوان.
وقد قامت منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020، بإعتبار كوفيد 19 جائحة، وهو في وجهة نظرنا يعد تأخراً كبيراً الإعلان عن هذا.
محكمة العدل الدولية بين آراء البعض بإختصاصها القضائي وآراء البعض الآخر بإختصاصها الإفتائي:
يري البعض أنه لا يحق اللجوء لمحكمة العدل الدولية للحصول على تعويض من الأضرار الناجمة عن تفشي فيروس كوفيد 19،باعتبار أنه يحق لدولة الصين رفض الاختصاص واستخدام حق الفيتو للرفض.
ويري البعض الآخر ونحن نميل ونؤيد هذا الرأي وهو حق اللجوء للدول الأعضاء المتضررة وكذا الصناديق السيادية الاستثمارية لمحكمة العدل الدولية.
ونوضح الجدل بين الاختصاص القضائي والاختصاص الافتائي على النحو التالي:
- طبقاً لنص الماده (٥٧) من ميثاق الأمم المتحده الفصل التاسع، فإن الوكالات المختلفة التي تنشأ بمقتضى اتفاق بين الحكومات والتي تضطلع بمقتضى نظمها الأساسية بتبعات دولية واسعة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بذلك من الشئوون يوصل بينها وبين “الأمم المتحدة” وفقا لأحكام المادة 63.
- منظمه الصحه العالميه هي إحدى الوكلات المتخصصه التي تم إنشائها وفقا لللماده ٥٧ من ميثاق الامم المتحده وتعامل معامله المنظمات الدوليه الخاصه، والأعضاء في الأمم المتحده هما نفس الأعضاء في النظام الأساسي لمحكمه العدل الدوليه هما نفس الأعضاء في المنظمة.
- دستور منظمه الصحه العالميه يعد معاهده دوليه ملزمه للدول الأعضاء الموقعه عليه وهذا واضح في مقدمه الدستور ومقدمة ميثاق الأمم المتحده.
- محكمة العدل الدوليه هي المحكمه التي ينعقد لها الاختصاص ((((((الجبري ))))) وفقا لنص الماده ٣٦ بند (2) فقرة (ج) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدوليه حيث أن الدول الأعضاء قبلت هذا الالتزام بتوقيعها علي الدستور كما أن الصين بما ارتكبته تعتبر انتهكت الالتزام الدولي الذي قطعتها علي نفسها في كل من الدستور واللوائح وانتهكت مواده صراحه.
- طبقاً لنص الماده ٧٥ من دستور منظمه الصحه ونص الماده ٣٦ من النظام الأساسي لمحكمه العدل الدوليه فإن النزاع القانوني حول مسؤوليه الصين عن انتشار فيرس كورونا يعد بمثابة نزاع حول تطبيق وتفسير مواد الدستور واللوائح وتلتزم الصين بالمثول أمام محكمه العدل الدولية لأنه التزام دولي وقعت عليه بتوزيعها علي الدستور كما أن ماده ٣٦ بند (2) فقرة (أ) تتحدث عن تفسير المعاهدات للدول الأطراف في النظام الأساسي لمحكمه العدل الدولية.
- تختص محكمة العدل الدوليه بقضايا التعويض التي ترفع علي الصين بند ٢ فقره د من ماده ٣٦ من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، ويكون حكمها ملزماً وفقا لنص الماده (94) من ميثاق الأمم المتحدة.
- بالنسبه لمسؤوليه منظمه الصحه انها خالفت صراحه المواد من ١٠ الى ١٢ من القانون الدولي العام لانها انتهكت التزام دولي وهو الالتزام الذي وضعته علي نفسها بمقتضى الدستور وطبقاً لميثاق الأمم المتحده الذي هي احدي الوكالات المتخصصه المنصوص عليها وذلك بالمخالفة للغرض الذي أنشأت من أجله وهو الحيلولة دون انتشار الأمراض والأوبئة ووضع نظام صحي عالمي لمنع انتشار الأمراض والأوبئة. بقلم الدكتورة/ زهرة المدني الإستشاري القانوني وخبير أسواق المال