4 سنوات على تحرير سعر الصرف

مسئول مصرفي: 400 مليار دولار تدفقات نقد أجنبي منذ اتخاذ القرار فى نوفمبر 2016

علاء فاروق : البنك المركزي لعب دورا محوريا في نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى من خلال هذا القرار

محمد عبد العال : سوق الصرف تحول من سيطرة السوق السوداء إلى سوق منظم مؤسسى معلن وشفاف من خلال القنوات الشرعية

طارق متولي : مصر عانت قبل التعويم من أزمات كثيرة أثرت بشدة على الحياة الإقتصادية والإجتماعية

علياء ممدوح : القرار جعل مصر الأكثر جذبا للإستثمارات الأجنبية بين الأسواق الناشئة

4 سنوات مرت على قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016 ، فيما وصف بأجرأ قرار يمكن أن يتخذه البنك المركزي على الإطلاق.

وبحسب عدد من الخبراء والمحليين ، فإن هذا القرار نحج في استعادة ثقة مجتمع الاستثمار الدولي في الاقتصاد المصري، وهو ما انعكس على حجم التدفقات النقدية الخارجية على مصر، بالاضافة إلى تحسن تصنيفات الاقتصاد المصري لدى المؤسسات الدولية، وساهم في تفوق مصر على جميع الاقتصادات الناشئة.

وكان مسئول مصرفي قد كشف الأسبوع الماضي عن أن إجمالي التدفقات بالنقد الأجنبي على البنوك والجهاز المصرفي المصري بلغت منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 وحتى الأن أكثر من 400 مليار دولار.

مستوى غير مسبوق لاحتياطي النقد الأجنبي

وقال علاء فاروق رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري إن البنك المركزي المصري كان له دور محوري في نجاح برنامج الإصلاح الإقتصادى، من خلال سياسته النقدية وقراره بتحرير سعر الصرف، والذي أدى إلى إزدياد الإحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى معدلات غير مسبوقة، بالإضافة إلى زيادة الإستثمارات الأجنبية واستقرار الأسواق.

وبحسب محمد عبد العال الخبير المصرفي المعروف ، فإنه مع بداية عام 2016 ، دخلت مصر فى مواجه أهم تحد فى تاريخها الإقتصادى المعاصر ، لافتا إلى أنه رغم قسوة الظروف، وتنوع المخاطر المحتملة ،وتعدد مصادر المقاومة وشدتها ،أصرت مصر بدعم من الإرادة السياسية متمثلة فى رئيس الجمهورية ، وبتخطيط وتنفيذ من البنك المركزى المصرى على بداية إطلاق برنامج الإصلاح الإقتصادى والنقدى ، ، بكل تحدياتة ،ومتطلباته ،والتى كان فى مقدمتها قرار تحرير العملة الوطنية.

أوضح عبد العال أن هذا القرار كان يمثل أحد أهم المتطلبات لنجاح خطة إطلاق برنامج الإصلاح الإقتصادى ، ولكن كان هناك فى ذات الوقت العديد من المخاوف والتهديدات ، حيث كان هناك ما يعرف بالسوق الموازية أو السوق السوداء التي تحتكر وتتحكم في سوق النقد، وكانت أية محاولات لتقليص هذا السوق تضييع فى مهب الرياح ، بل كانت قوى المصالح ومافيا تجار العملة أقوى من كل المحاولات ، وهو ما تسبب فى أن تعاني مصر من شح شديد فى النقد الأجنبى.

أضاف ، أنه بعد تعويم الجنيه المصرى تحول هيكل السوق من سيطرة السوق السوداء ،إلى سوق منظم مؤسسى ، معلن وشفاف ، من خلال القنوات الشرعية فى كل وحدات الجهاز المصرفى المصرى ، ومنه إلى شرايين الإقتصاد المصرى ، واختفت إلى الأبد ولأول مرة ما يعرف بالسوق السوداء.

محمد عبد العال
تحكم آلية العرض والطلب في سوق الصرف

وبحسب عبد العال ، فقد تغيرت آلية تحديد سعر الصرف من تحكم فئة تجار العملة إلى آلية العرض والطلب ، وفقاً لآليات السوق المدعمة والموثقة بأحدث وسائل الإتصال والتكنولوجيا المالية التى تضمن التعبير الصحيح على نبض السوق واتجاهاته ، وأصبحت صفقات البيع والشراء الفورية والحاضرة تتم بين سوق الإنتربنك وغرف التداول فى البنوك أو نقدا على كونترات المصارف وشركات الصرافة المعتمدة .

أشار إلى أنه بعد قرار التعويم بدأ تدفق النقد الأجنبى على السوق المصرية بكميات طبيعية ومتصاعدة ، لتؤكد صحة نظر مدرسة تحرير النقد وتبلور ذلك فى تدفق أكثر من 400  مليار دولار من الاسواق الدولية وحتى الآن ، لافتا إلى أن هذا التدفق من النقد الأجنبى ساعد على تلبية كل إحتياجات مصر الإستيرادبة ، واختفت عبارة وجود مراكز نقد أجنبى معلقة فى البنوك ، كما ارتفع الإحتياطى النقدى الى مستويات تاريخية ليصل ، رغم ظروف كورونا إلى أكثر من 39 مليار دولار حاليا.

” إرتفعت ثقة المتعاملين والمستثمرين الأجانب والمصريين فى الجنيه المصرى ، بعدالتعويم ، وهو الأمر الذى ساعد على استقراره ، وساعد أيضا فى إنجاح خطط تنفيذ برنامج الإصلاح الإقتصادي ، كما ساعد استقرار سعر الصرف على نجاح السياسة النقدية المرتبطة بأسعار الفائدة فى شقيها التقييدى والتيسيرى ، وهو الأمر الذى دعم البنك المركزي فى السيطرة على التضخم واستقرار الأسعار ، وشجع رجال الأعمال والمنتجين على زيادة طلبهم على الإئتمان المصرفي” ، بحسب عبد العال

أضاف ، أن إستقرار سعر الصرف أدى إلى تحسن آداء الجنيه المصري ليكون من أفضل عملات الدول الناشئة فى العالم ، وأدى إلى زيادة الطلب على الإستثمار غير المباشر من المستثمرين الأجانب فى أوراق الدين العام  ، كما كان استقرار سعر الصرف أحد عناصر القوة التى دفعت مؤسسات التقييم الدولية فى تثبيت تقييم مصر الإئتمانى ، رغم ظروف جائحة كرونا ، وهو الأمر الذي مهد الطريق لمصر لتنفبذ إستراتجية جديدة لقروضها بالتوجه إلى القروض الأقل كلفة والأطول أجلا ، عن طريق اللجوء إلى أسواق السندات الدولية .

أشار عبد العال إلى أن استقرار سعر الصرف مع وجود فارق عائد حقيقى بين الجنيه المصرى وعوائد العملات الأخرى ساعد على زيادة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج وتحقيقها رقما قياسيا تاريخيا مسجلة 27.8 مليار دولار .

” لقد كان برنامج الإصلاح الإقتصادى ، وجوهرته قرار تحرير العملة ، هما طريق العبور للإنطلاق الإقتصادى ” ، بحسب عبد العال

طارق متولى الخبير المصرفى
أجرأ وأهم قرار إقتصادي منذ عقود طويلة

ومن جانبه قال طارق متولي الخبير المصرفي إن قرار تحرير سعر الصرف يعد أجرأ وأهم قرار إقتصادي منذ عقود طويلة.

أضاف متولي أنه بعد مرور 4 سنوات نستطيع القول إن هذا القرار هو من أعظم القرارات الإقتصادية منذ عقود طويلة، حيث عانت سوق الصرف في مصر، قبل قرار التعويم، ولفترات طويلة من أزمات كثيرة ، أثرت بشدة على الحياة الإقتصادية والإجتماعية.

أشار إلى أن نتائج  القرار أشاد بها الجميع محليًا وعالميًا، أهمها ما تحقق من نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، وبشهادة صندوق النقد الدولي والمؤشرات المالية من معدلات نمو وصلت إلى 5.6%، وانخفاض عجز الموازنة، وارتفاع الاحتياطي النقدي من 17 مليار دولار قبل التعويم إلى 45.2 مليار دولار (قبل أزمة كورونا) وانخفاض معدل البطالة وتدفق تحويلات المصرييين بالخارج بمعدلات غير مسبوقة، ومن خلال القنوات الرسمية لسوق الصرف، وارتفاع عائد قناة السويس والاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحكومي.

أوضح أن هذه النجاحات ما كانت لتتحقق فى ظل سوق صرف غير مستقرة، وما كان للاقتصاد أن يستطيع مجابهة تداعيات فيروس كورونا، إلا في ظل الإصلاح الاقتصادي الذي مكّن الدولة من دعم وتمويل القطاعات العديدة، والتي تأثرت بأزمة كورونا.

وأشار إلى أن الاقتصاد المصري ما زال ينعم بالاستقرار؛ ليكون شاهدا على صواب وأهمية قرار تحرير سعر الصرف، وهي خطوة لا بديل عنها للإصلاح الاقتصادي والمالي.

أعاد ثقة المستثمرين في الإقتصاد المصري

من جانبها أكدت علياء ممدوح كبير الاقتصاديين ببنك الإستثمار بلتون أن قرار البنك المركزي المصري في الثالث من نوفمبر من عام 2016، نجح في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الإقتصاد المصري، وجعل مصر الاكثر جذبا للاستثمارات الاجنبية بين الأسواق الناشئة.

وقالت ” إن هذا القرار كان ضروريا للغاية في ذلك التوقيت ولم يكن في صالح الاقتصاد المصري تأخيره أكثر من ذلك بعد تردى كثير من الاوضاع والمؤشرات الاقتصادية سواء على صعيد الاحتياطي النقدي أو الاستثمار الاجنبي ، فضلا عن وجود سعرين للصرف الاجنبي في البلاد وتركز التعاملات في ذلك الوقت في السوق السوداء ما كان يزيد المخاطر على الاقتصاد”.

أضافت أن الاقتصاد المصري لم يكن قادرا على تحمل المزيد من الاعباء الناتجة عن عدم تحرير سعر الصرف في ذلك الوقت كان ، خاصة ما سيطرة السوق الموازي على تعاملات النقد الأجنبي، وصلت لحد استحوازها على غالبية تحويلات المصريين في الخارج والتي تشكل أحد الموارد الرئيسية للنقد الاجنبي في مصر.

أشارت علياء ممدوح إلى أن التحرك السريع لأسعار الصرف في السوق الموازي في ذلك الوقت كان يعوق الاستثمارات الاجنبية ويزيد من حالة عدم الثقة في الاستثمار ويزيد من الصعوبات على الشركات في وضع ميزانياتها المستقبلية ودراسات الجدوى الخاصة بها.

وكانت أسعار الصرف الرسمية للدولار قبل تحرير سعر الصرف تدور بين مستويات 8.80 جنيه للشراء و9.80 جنيه للبيع، في حين بلغ سعر الدولار في السوق الموازي بين مستويات من 15 إلى 19 جنيها.

وبحسب علياء ممدوح ، فإن الأوضاع الإقتصادية قبل التعويم كانت جميعها تشير إلى ضرورة الحاجة إلى توفير مصادر دخل بالعملة الاجنبية وهذا ما كان ليأتي دون استعادة ثقة المستثمرين الاجانب والتي لم تكن تأتي ف ظل وجود سعرين للصرف، فضلا عن التدهور الكبير في صافي الأصول الاجنبية لدى البنوك القطاع المصرفي بالكامل وهو ما كان يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بإلتزاماتها وتغطية فاتورة الواردات .

وكان صافي الأصول الاجنبية لدى الجهاز المصري قد بلغ بالسالب نحو 14 مليار دولار، في حين عاود الارتفاع مرة أخرى بعد تحرير سعر الصرف لسجل صافي موجب بأكثر من 19 مليار دولار.

أشارت علياء ممدوح إلى أن مصر قبل عام 2016 كانت دولة مستوردة للغاز وذلك قبل اكتشافات حقول الغاز المختلفة، والتي ما كان يتم اكتشافها لولا تحرير سعر الصرف، كما أن تلك الفترة لم يكن هناك سيولة كافية بالعملة الاجنبية لاستيراد حتى المواد الخام اللازمة في عملية الانتاج والتصنيع ما كان له أكبر الضرر على الصناعة وتوافر السلع والمنتجات في الأسواق.

ونوهت إلى أن الاحتياطي النقدي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته قرب الخط الأحمر الذي يضعه صندوق النقد الدولي للدول النامية، حيث لم يكن يسد احتياجات البلاد الاستيرادية من السلع الاساسية سوى لأقل من 3 أشهر، مقابل 8 أشهر حاليا بعد تحرير سعر الصرف.

وكان احتياطي مصر من النقد الاجنبي قد هبط لأدنى مستوياته قرب 13 مليار دولار، قبل تحرير سعر الصرف ، قبل أن ينطلق في رحلة صعود تاريخية مسجلا 45.5 مليار دولار بعد تحرير سعر الصرف بأكثر من عامين.

وقالت علاء ممدوح أن القطاع الصناعي بدأ يتعافي بعد تحرير سعر الصرف، وظهر ذلك بشكل كبير خلال 2020، بعد مبادرات البنك المركزي التي أطلقها لدعم الاقتصاد والصناعة والتي تعد هي ايضا أحد نتائج تحرير سعر الصرف.

أعاد تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للسوق المصرية

قال علياء ممدوح إن تدفقات رؤوس الأموال الاجنبية عادت من جديد الى السوق المصرية بعد أن هجرتها لأشهر طويلة، خاصة في أدوات الدين التي تمثل قناة مهمة لتدفقات النقد الأجنبي لمصر، وباتت مصر أكثر تنافسية وجاذبية لدى الصناديق الدولية مقارنة بدول أخرى مماثلة في الأسواق الناشئة.

وكان رصيد الأجانب في أذون الخزانة قد هبط إلى مستوى لم يتجاوز 110 ملايين دولار، قبل أن يتعافي بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى أكثر من 21 مليار دولار حاليا.

وأشارت علياء ممدوح إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج عادت من جديد لتمر عبر قنواتها الشرعية من خلال البنوك بعد أن استقطبتها السوق السوداء، لتصل خلال العام المالي 2019- 2020 إلى أعلى مستوياتها تاريخيا مسجلة نحو 28 مليار دولار، بعدما كانت قد هبطت إلى 18 مليار دولار فقط قبل تحرير سعر الصرف.

ولفتت إلى التحسين الكبير في مؤشرات الاقتصاد الكلية ، وتصنيفات مصر الائتمانية سواء السيادية أو القطاعية، ما ساهم في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري وعزز من قدرة مصر على تجاوز الأزمات التي تلت عملية تحرير سعر الصرف ومنها أزمة الاسواق الناشئة والحرب التجارية الامريكية الصينية في 2018، وأيضا أزمة كورونا في 2020.

أشارت علياء ممدوح أيضا إلى أن تحرير سعر الصرف وما تلاه من تبعات اقتصادية ايجابية مكن الدولة المصرية من إعادة بناء القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهو ما ظهر في المشروعات القومية الكبرى التي غيرت وجه مصر وساهمت في تدفقات رؤوس أموال ضخمة إلى الاقتصاد ساعدت في تغطية عجز الحساب الجاري.

أكدت أنه بفضل قرار تحرير سعر الصرف مصر أصبحت من الدول الفريدة أو القليلة التي نجحت في تنفيذ برنامج اصلاح اقتصادي وذلك بشهادة كافة المؤسسات الدولية ، حيث حافظت على مستوى استقرار سعر العملة وسيطرت على الاثار التضخمية التي نتجت عن تحرير سعر الصرف واستعادت ثقة المستثمرين.

لفتت إلى أن السوق الدولية باتت تنتظر قيام مصر بأية طروحات للسندات وهو ما يظهر بشكل ملحوظ في التغطيات الكبيرة التي تشهدها أي عملية تطرح وهو ما كان يحدث لولا الثقة في الاقتصاد المصري وبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي كان أحد أهم ركائزه هو تحرير سعر الصرف، لافتة إلى أن المستثمرين الدوليين يزيدون استثماراتهم في السوق المصرية رغم الانسحاب من الاسواق الناشئة الا أن مصر لم تتأثر بفضل القرارات الاصلاحية وتحرير سعر الصرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى