محمد عبد العال يكتب .. معدل التضخم تحت السيطرة ورقم أحادي وفي المدى المستهدف
- كما كان متوقعا ارتفع معدل التضخم لشهر نوفمبر 2020 ، مسجلا 6.3% مقابل 4.6% في شهر أكتوبر 2020 ، و2.7% في نوفمبر 2019.
ويأتي هذا الإرتفاع نتيجة زيادة أسعار بعض السلع الداخلة في تركيبة التضخم بنسب أعلى من السلع التي انخفضت أسعارها.
حقيقة الأمر أنه رغم الإرتفاع النسبي فى معدل التضخم إلا أنه في تصوري ظاهرة إيجابية تعكس ازدهار النشاط الإقتصادي وزيادة الطلب المشتق على السلع والخدمات نتيجة النمو الذي حدث تحت تأثير خفض تكلفة التمويل وحزم المبادرات المحفزة للنمو والإجراءات التيسيرية الأخرى.
ورغم هذا الإرتفاع في معدل التضخم يمكن القول إن مستواه الحالي سيظل تحت السيطرة ، وسيظل رقما أحاديا ، وسيظل في المدى المستهدف من جانب البنك المركزي والبالغ 9% ± 3%.
نتوقع أن يستمر هذا المعدل مستقرا في حدود 5.5 % إلى 6% حتى نهاية هذا العام ، ليعكس تباعد إمكانية ظهور أية إحتمالات لركود إقتصادي ، متأثرا أيضا بتأثير سنة الأساس التى يقاس عليها ، وتأثير الإنخفاضات الحادة التي حدثت في الربع الأخير من 2019.
إذا بحثنا عن تأثير التضخم على توجهات الفائدة في المستقبل القريب يتعين علينا التأمل في العوامل الأخرى غير التضخم التي قد تؤثر في تحركات أسعار الفائدة ومنها.
– استراتيجية السياسة النقدية هي ما زالت مستمرة كسياسة شديدة التحفيز للنمو الإقتصادي ، مستهدفة التضخم وزيادة معدلات التشغيل في آن واحد.
سياسة نقدية تستهدف تحريك الإقتصاد بسرعة ، حتى يتمكن من مواجهة ومقاومة تداعيات صدمة كورونا الأولى ، وتجنب مخاطر احتمالات أية مشاكل للموجة الثانية ، وهو ما يتطلب الإستمرار في ضخ مزيد من السيولة ، وزيادة الإنفاق العام في المشروعات القومية ، ودعم كل الأنشطة الإقتصادية بشكل عام ، وبصفة خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والسياحة.
وبالطبع في ظل تلك السياسة يكون الإستمرار في خفض الفائدة أمر مرحب به ، إذا لم يكن يتعارض مع فعاليات إقتصادية أخرى.
– العامل الثاني ،، أنه ما زال هناك فارق فائدة حقيقي بين معدل التضخم ، حتى بعد ارتفاعه ، ومتوسط أسعار منحنى العائد بالجنيه المصري ، وهو فارق كبير مقارنة بالمقاييس النمطية التي تشير إلى أن الفارق النموذجي أو الأمثل لا يزيد عن 3% فوق معدل التضخم، بينما الأمر على أرض الواقع في مصر يصل هذا الفارق إلى 6% ، وهو ما يعطي للبنك المركزي أو لجنة السياسة النقدية مساحة مناسبة لإمكانية إجراء خفض جديد للفائدة.
وإذا حدث ذلك ستظل أسعار الفائدة الحقيقية مشجعة لكل اللاعبين في السوق ، مقترضين ومودعين ، وأيضا المستثمرين الأجانب في أدوات الدين المصرية.
– من ناحية أخرى ، وهو العامل الثالث في تحديد مصير فائدة الجنيه ، نجد أن هناك تحسن في معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام الجاري ، بنسبة 2.3 %، ليصل إلى 7.3% مقارنة بـ 9.6٪ في الربع الثاني ، كما أن هناك استقرار في سعر الصرف ، كما أن تحويلات العاملين بالخارج والإستثمار الأجنبي غير المباشر في أوراق الدين العام ما زالت كلها تحقق أرقاما قياسية ومستقرة مع الميل للزيادة ، بالإضافة إلى حالة التفاؤل التي تسود العالم الآن لانحسار الآثار الإقتصادية والمالية لكورونا مع بداية التطعيم ضد الفيروس تدريجيا في بعض الدول.
في ضوء ذلك يمكن أتصور أن اللجنة قد ترى أنه من المناسب أن تقوم بإجراء خفض جديد بين 50 إلى 100 نقطة أساس لمزيد من دفع النمو الإقتصادي وسعيا لخفض تكلفة الدين العام الداخلي ، وتقليصا للفروق بين الأسعار الحقيقية المتعامل بها إقتراضا من البنوك وبين أسعار المبادرات.
محمد عبد العال – الخبير المصرفي