دكتور علاء على يكتب .. حساب بنكي لكل مولود… الشمول المالي مبكرا
عظمة وقيمة الحدث تستوجب دوما التفكير بشكل غير نمطي وغير تقليدي ، فحتي لو كان الأمر يمثل حلما وتحديا في ذات الوقت ، إلا أنه دائما مايقهر صدق الأحلام وسمو هدفها صعوبة التحدي ، فحقا تأتي قيمة الهدف من سمو غايته.
وهنا أتحدث عن حلم ليس مجرد حلم لي شخصيا ، بل إنه أصبح حلم الدولة بأكملها ، مصداقية أهميته تتأتي من الإدراك التام لحجم المنافع والمكاسب الاقتصادية والاجتماعية المحققة للمواطن والدولة معا.
فحقا حلم تعميم تجربة الشمول المالي وإن كانت تكتنفها عدة تحديات قوية قد تكون عائقا أمام اكتمال الحلم ، إلا أنها قد تكون سبيلا قويا نحو استمرار السعي والإصرار ليصبح الشمول المالي واقع حياة طبيعي.
ولا أخفي عليكم أن أكثر مايهمني هنا هو التوضيح بأننا نمتلك كافة مقومات التحول التام نحو تفعيل الشمول المالي في كافة أوجه الحياة وأساليبها.
فحقا نحن الآن في مصر نمتلك بيئة متكاملة تستطيع أن نعول عليها لنجاح تجربة الشمول المالي بكل جوانبها وأشكالها، وهو مايعني أننا نمتلك كافة المقومات ، ولدينا كافة الآليات نحو التفعيل الجاد ، وبخطط سهلة وبسيطة.
وهو ما قد أردت عرضه في سياق هذا المقال ، بعرض خطوة قد تكون سبيلا فاعلا ومؤثرا بقوة نحو التعجيل بتفعيل الشمول المالي ، وهو أن يتم فتح حساب بنكي لكل مولود تزامنا مع إنشاء شهادة ميلاد له ، وهو ماقد يعني أننا نؤسس لهؤلاء المواليد بداية جديدة لحياتهم ، تعتمد في كافة ركائزها علي الشمول المالي منذ الصغر ، بحيث تتم تنشئة تلك الأجيال علي نمط مختلف للحياة ، قوامه الشمول المالي.
إن وضع مدخرات المواطنين وإدراك كافة تعاملاتهم المالية منذ الصغر من الآن بشكل بنكي ستكون فرصة عظيمة للإستفادة من تلك الأموال نحو توجيهها للبدء في مشروعات تنمية شاملة وتطوير في كل المجالات، ودعم للقطاعات الصناعية والتجارية، والتوسع في الخدمات المصرفية، وإحكام السيطرة المالية والضريبية على قطاعات خارج هذا الإطار منذ سنوات بعيدة، بحيث يتمكن القطاع المصرفي من استيعاب كل السيولة الموجودة وتوظيفها بصورة علمية صحيحة مدروسة ومضمونة ومصانة تحت إدارة وإشراف البنك المركزي المصري.
وانطلاقا مما سبق ذكره، أريد أن أطرح مبادرة قابلة للتنفيذ، يمكن من خلالها تحقيق شمول مالي حقيقي، كما تخطط الدولة منذ فترة، وتعتمد هذه المبادرة بصورة أساسية على فكرة أن يتم فتح حساب بنكى لكل مولود مع إستخراج شهادة ميلاد له، بمعني أن كل مولود يستقبل الحياة يتم فتح حساب بنكى له مع الشهادة التى يستخرجها من مكتب الصحة التابع له، ويتم التعامل على هذا الحساب بصورة منتظمة، بحيث يتم دفع المصروفات المدرسية من خلاله، مع إلزام الأب والأم بفتح حسابات أيضا ، إن لم يكن لديهم حسابات بالفعل، مع إتاحة كافة فرص التنوع وحرية الإختيار بين البنوك المختلفة، وأن تكون جميعها بدون مصروفات أو أعباء مالية أو تحتاج أموالا، بل يمكن أن يكون بها مبلغ مالى بسيط وليكن 50 جنيه مثلا، كنوع من الدعم والتشجيع على هذه المبادرة.
وبذلك سنضمن أن الأجيال القادمة سيكون لديها حسابات بنكية وكل بياناتها ومدخراتها معروفة، حتى نتمكن من رسم سياسات إقتصادية ومالية قائمة على أرقام فعلية وحقائق مؤكدة لا تقديرات وتخمينات بعضها قد يكون صحيح وأغلبها خطأ.
ولاشك أن القطاع المصرفي فى مصر قوى وفاعل ولديه قدرات كبيرة، ونجح في دعم مصر خلال أصعب الظروف، ولو تم تطبيق هذه المبادرة سوف تتضاعف مدخراته خلال مدة زمنية قليلة ، وننجح فى القضاء نهائيا على ظاهرة توظيف الأموال أو تجارة العملة والدولرة، التى يحاول البعض التوسع فيها من وقت لآخر، دون مراعاة أضرارها ومخاطرها على الأمن القومى واقتصاد الدولة.
وبالتالي فإن تلك المبادرة في ظل الإهتمام الكبير الذي توليه الدولة والقيادة السياسية للمواطن بتحسين نمط الحياة وتوفير كافه أشكال التيسير في نمط وأسلوب التعاملات المالية اليومية للمواطنين، سوف تحقق نجاحا كبيرا ، والهدف الأساسى والرئيسى لها وهو مصلحة هذا الوطن الذى يستحق منا الكثير لتنميته وتحقيق نهضته.
دكتورعلاء على
رئيس مجموعة المتابعة والرقابة علي الإئتمان والإستعلام والمعلومات الإئتمانية بالبنك الزراعي المصري