محمد عبد العال يكتب عن .. ظاهرة ” المستريح ” ونمو ثقافة النشئ المصرفية !
ظهور بؤر جديدة من بؤر الشركات الوهمية لتوظيف الأموال ، الشهيرة إعلامياً بظاهرة “المستريح ” ، ستظل تتكرر مابين الحين والآخر ، بسبب استمرار ضعف الوعى لدى بعض فئات المجتمع ، والرغبة فى تحقيق أرباح غير منطقية دون إدراك ، ووجود استهتار بعواقب وتداعيات ذلك.
وفى تصورى أن هؤلاء الذين سلموا مدخراتهم بإرادتهم ووضعوها فى مهب الريح ، هم أنفسهم أبناء وأحفاد الجيل السابق ، الذى تعامل مع شركات الريان وغيرها ، هم أنفسهم الجيل الذى ورث ذات ثقافة ذويهم ، ولم يغيروها رغم ارتفاع وعى معظم الناس وفهمهم لأبعاد مخاطر التعامل خارج النطاق المصرفي.
بالطبع ستلعب الخطط القومية للشمول المالى والتحول الإلكترونى دورا رئيسياً فى مقاومة هذة الظاهرة والتقليص منها.
لم تكن صدفة أن يخطر البنك المركزى الأسبوع الماضي بتوجيهاته الجديدة المصارف بأنه لا يوجد مانع قانوني من أن يكون للفئة العمرية بين 16 و 21 عاما حسابات توفير دون اشتراط موافقة الأب أو الأم.
صحيح هذا التوجه ليس مقصودا به وضع حد لموضوع ظاهرة شركات توظيف الأموال بشكل مباشر ، ولكن تلك التوجيهات سوف تساعد على تغيير وتشكيل ثقافة الأجيال الحالية وتساعدهم على النضج بفكر وثقافة العمل المصرفى لأن إرتباط النشئ فى هذه السن بالبنوك سوف يؤدى إلى تفهمهم أساسيات الأمور المالية و المصرفية ، ويتعايشون معها على أرض الواقع ، ويجعلهم أكثر قدرة على مواجهة تحديات وصدمات ومخاطر إدارة حياتهم المالية ، بما يمكنهم من كشف ألاعيب وخداع شركات توظيف الأموال الوهمية.
كما أن ارتباط تلك الفئة العمرية بالبنوك ستساعد الإدارات المصرفية فى وضع إستراتيجيات وتصميم خدمات مالية ومنتجات غير تقليدية لهم ، وهو ما يحفز التوجه بشكل أسرع وأعمق ، نحو تحقيق أهداف الشمول المالى ، والمجتمع أللا نقدى ، ويحقق أهداف التحول الرقمي.
إن تلك الفئة العمرية تشمل النشئ والشباب ومن هم فى مراحل التعليم النهائية ، وأيضاً من هم يستعدون للدخول فى سوق العمل ، وتشجيع تلك الشرائح على التعامل المصرفى يزرع فيهم روح الإستقلالية والثقة بالنفس وتعلم روح الإدخار والإستثمار.
إن تشجيع وإتاحة الفرصة لتلك الفئة للتعامل المصرفى ، والسماح لهم بفتح حسابات توفير بالبنوك دون اشتراط موافقة الأب أو الأم ، هو أمر جيد ، ويمهد الطريق فعلا لينتقل الشباب إلى مراحل متقدمة من النضج المصرفي ، كما يمنحهم الحماية من الوقوع فى مصايد” المستريح ” وأمثاله ،، ولكن يتعين فى نفس الوقت مراعاة ما ألمح إليه البنك المركزى أنه يتعين أن تكون المنتجات المصرفية المقدمة لتلك الفئة العمرية تتناسب مع حدود أهليتهم وحجم المخاطر المرتبطة بهم والإلتزام بكافة الضوابط والتعليمات الخاصة ، وسيكون بالطبع من أهمها كل محددات ” إعرف عميلك ” وكل ضوابط الإلتزام السارية.