دكتور زكريا صلاح يكتب .. هل ستقوم البنوك بزراعة الأشجار في القريب العاجل؟
ربما تلجأ البنوك إلى زراعة الأشجار في المستقبل كنوع من المسئولية الإجتماعية للتقليل من الإنبعاثات الكربونية والمساهمة في تحسين المناخ.
وربما ستلجأ البنوك إلى الإعتماد على خريجى كليات العلوم والزراعة ، وغيرها من التخصصات ذات العلاقة بالبيئة لأول مرة في القريب العاجل، وبالتالي على خريجى هذه الكليات وطلاب الثانوية العامة ممن لن يحالفهم الحظ بالإلتحاق بكليات القمة أن يتفائلو بأنه سيكون لهم حظ في القريب العاجل في وظائف البنوك.
وحتما ستتحكم البنوك وتتوانى في القرارات المتعلقة بتمويل المشروعات ذات الأثر السلبي على البيئة والتغيرات المناخية، وذلك لظهور المخاطر المالية المتعلقة أو المرتبطة بالتغيرات المناخية.
وقد بدأت هذا المقال بهذا السؤال لكى أستطيع أن أجذب القارئ إلى مفهوم جديد أصبح يتداول ويأخذ حظه من النقاشات والدراسات، بل وإصدار التعليمات واللوائح الرقابية من قبل الجهات الرقابية والبنوك المركزية في الآونة الأخيرة، وأصبح لا يخلو مؤتمر أو ندوة من تضمين هذا الموضوع ،كأحد المحاور الأساسية أو مناقشة صلته بالموضوع الأساسي ، وهو مفهوم مخاطر التغيرات المناخية Climate Change Risk.
وهذا النوع من المخاطر أصبح في غاية الأهمية ، لما له من تأثير يتعلق بمساهمة المشروعات التي تمولها البنوك بشكل أو بآخر في زيادة الإنبعاثات الكربونية، والتأثير على البيئة وتلويثها، والمساهمة في التغيرات المناخية من ارتفاع درجات حرارة الأرض وخلافه.
وربما لا يخفى عليك أنه تم عقد قمة ببنك التسويات الدولية في الأسبوع الماضي، وكان الحدث المناخي الأضخم والأهم حتى الآن، حيث اجتمع كبار مسؤولي البنوك المركزية، الذين اعترفوا بطبيعة الأزمة والحاجة إلى إجراءات وقائية، وتوجيه بعض المتحدثين عن استعدادهم لاستخدام مشتريات السندات الخضراء واستخدام أدوات السياسة النقدية الأخرى لحثّ العالم على خفض الإنبعاثات.
وهدد البعض بأنه إذا اكتفت البنوك المركزية بوضع نماذج للسيناريوهات وتطوير اختبارات الإجهاد، منتظرة من الآخرين إجراءات سياسية أقوى، فإن تهديدات المناخ على الإستقرار المالي ستزداد.
لقد أصبحت المخاطر البيئية والمناخية كالفيضانات وبعض الظواهر الجوية ، مثل موجات الحر والبرد الشديدة، تشكل خطرًا على البنوك فيما يخص محافظها الائتمانية والاستثمارية على المدى الطويل.
لذلك يجب أن يكون تقييم وفهم المخاطر المادية لتغير المناخ أحد أولويات وظيفة إدارة المخاطر بالبنوك، حيث أصبحت مخاطر التغيرات المناخية نوع آخر من المخاطر التي يجب أن تحددها وتدرسها البنوك.
كما يجب أن يتم أخذ عنصر التأثير على البيئة عند إجراء الدراسات الائتمانية واتخاذ القرار الائتماني ، وكذلك تضمينها إلى سيناريوهات إختبارات الضغوط، وأن تقوم البنوك ببناء قواعد بيانات تتعلق بكل ما يرتبط بعوامل التغيرات المناخية وتأثيراتها ، وتحديد القطاعات ذات التأثير البيئي والبحث عن أدوات التخفيف من المخاطر واكيد ليس بزراعة الأشجار الا أنه أحد الحلول المفيدة للمجتمع.
دكتور زكريا صلاح الجندى
الخبير المصرفى