محمد عبد العال يكتب : الأمور الاقتصادية ليس لها ثوابت!!

سوف تستمر السياسة النقدية متشددة حتى مطلع العام القادم وبالتالي نتوقع ارتفاعات أخرى للفائدة مجموعها نحو 3% على مراحل حتى نهاية العام

قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها الذي انعقد يوم الخميس الماضي رفع الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس ، وبغض النظر إن قرار اللجنة قد جاء عكس معظم توقعات الخبراء والمتابعين إلا أن اللجنة المنبثقة من مجلس إدارة البنك المركزي المصري الموقر ، هي سيدة قرارها ، وهي تعمل بما يحقق كل مصالحنا القومية.

والاختلاف أو توافق الرأى في الرفع أو التثبيت أو الخفض لا يفسد للود قضية ، وإنما يفتح مجالات أوسع للفهم والتعمق في متابعة وجهات النظر المختلفة ، وإدراك ما قد يكون غائبا عن متناول البعض من معلومات أو بيانات أو حقائق هامة.

هناك عامل مهم ألمح إليه البيان الصادر عن لجنة السياسة النقدية ، وهو “الارتفاع واسع النطاق في معظم بنود الرقم القياسي لأسعار سلع المستهلكين نتيجة لاستمرار صدمات العرض”.

وهنا يُثار السؤال التالي :

ما المقصود بصدمات العرض ، ومن أين سوف تأتي؟

وهل هي نتيجة صدمة العرض العكسية المتوقعة نتيجة توقع ارتفاع أسعار الحبوب بعد وقف تصديرها من موانئ البحر الأسود ، وأيضًا ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته عالميا ، وانعكاس ذلك على ارتفاع أسعار السلع المستوردة لدينا محلياً في المستقبل القريب؟ أم هي نتيجة زيادة جانب الطلب المحلي نتيجة زيادة كتلة السيولة النقدية وكمية وسائل الدفع ، “M1″+”M2″؟

في كلتا الحالتين ، ووفقا لما ذكره البيان ، أن التضخم لم يصل بعد إلى ذروته ، فإننا نتوقع الاتجاهات التالية:

– توقع ارتفاع معدل التضخم الأساسي الذي سيعلن بعد أسبوع بنسب قد تصل إلى 5% عن مستواه السابق.

– ربما يرى البنك المركزي استخدام آليات السياسة النقدية الأخرى ، جنباً إلى جنب مع آلية رفع الفائدة ، لاحتواء التضخم المرتفع المتوقع.

وفي هذا الصدد يمكن أن نستشعر التوقعات الضمنية التالية:

– تزايد احتمال أن يرفع البنك المركزي الاحتياطي الإلزامي بالجنيه المصري إلى 20% مقارنة بما هو عليه حالياً 18%.

– توقع أن تعود البنوك المملوكة للدولة “الأهلي المصري ومصر” بعمل شهادات مبتكرة جديدة بالجنيه المصري بأسعار فائقة التميز قد يعلو عائدها عن 25% ، وذلك للمساعدة في خفض جانب الطلب ، وتعويض القطاع العائلي عن موجات التضخم المرتقبة ، والعمل جنباً إلى جنب مع الشهادات الدولارية الجديدة ، خاصة مع تحفيز الاكتتاب في الشهادة الدولارية “9%” ذات العائد المدفوع مقدما بالجنيه ، الأمر الذي يحفز ويشجع على جذب تحويلات المصريين في الخارج ، والمساعدة على تجفيف الطلب على السوق الموازية.

– نتوقع أيضاً أن تقوم معظم البنوك الأخرى العاملة في الجهاز المصرفي المصري بابتكار وإصدار أوعية ادخارية جديدة تباعاً وفي المستقبل القريب ، بعملات الدولار والجنيه ، وبأسعار فائدة تقترب أو تعادل أسعار البنوك المملوكة للدولة ، حفاظا على قاعدة عملاء الودائع من الهجرة إلى البنوك ذات أسعار الفائدة المرتفعة.

سوف تستمر السياسة النقدية متشددة “هاوكيش” “HAWKISH” حتى مطلع العام القادم ، وبالتالي نتوقع ارتفاعات أخرى للفائدة مجموعها نحو 3% على مراحل حتى نهاية العام.

– بالنسبة لتوقع تحريك أو تعويم جديد للجنيه المصري مقابل الدولار ، في تصوري هناك “حالة من عدم اليقين” بإمكانية أن يتم ذلك حالا أو في وقت قريب ، حيث أن حالة عدم اليقين تلك يسودها رسالة رئاسية سابقة وضعت مُحددا فُهم منه أن تخفيض قيمة الجنيه المصري في المرحلة الحالية هو أمر مُستبعد مؤقتاً ، وهناك على الجانب الآخر ضغوط الصندوق وقوى أخرى ، ربما يكون هناك تفاهم مع الصندوق على تأجيل هذا الأمر لحين استكمال نمو مصادرنا بالنقد الأجنبي من “مصادر غير الاقتراض” ، وبصفة أساسية الوصول بمبيعات برنامج الطروحات إلى نحو 4 مليارات دولار ، بعدها يمكن أن يرى الرئيس أنه من المناسب أن يقوم المركزي بدراسة إمكانية العودة إلى سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف ، حيث أن إدارة الأمور الاقتصادية ليس لها ثوابت ، ولكنها تتغير وتتطور وتتعدل وفقا لتطور الأحداث والظروف الاقتصادية العالمية والمحلية ، ومن ثم يمكن دراسة إجراء التعويم وإذا “إذا تقرر ذلك” ربما يكون بنسبة متوسطها 10% إلى 15% ، وهذا مرهون ، كما ذكرت سابقاً ، بمدى توفر صافي احتياطيات نقدية من النقد الأجنبي ، وأيضا والأهم هو رفع الرئيس للتحفظ الذي سبق أن وضعه على الاستمرار فى اتباع سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف.

 

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى