محمد عبد العال يكتب.. لن يُجاملنا أَحد!!

نحن عقيدتنا ، رئيساً وجيشاً وشعباً ، نموت فى سبيل الوطن دفاعاً عن كل حبة رمل من أرضنا

خدعوك فقالوا إن إشعال أو اشتعال الحرب في فلسطين لن يترتب عليه تداعيات سلبية على عموم أوضاعنا الاقتصادية المصرية.

هذا ليس صحيحا ، فالصراع الحالى سيطول ، إنهم يريدونها صدمة ثالثة جديدة تلي صدمتي كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية ،، وهكذا صرح الرئيس الأمريكي حينما حدد هدفه في أن أمريكا يجب أن تنتصر في كلٍ من أوكرانيا وفلسطين ، أي أنه ساوى بين الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في فلسطين من حيث الهدف وحجم الإنفاق وحجم الدعم المعنوى والمادى ،، وبالطبع المدى الزمني المفتوح ، أضف على ذلك قوى المصالح الظاهرة أحياناً والمستترة غالباً ، أو المنزوية تحت شعار “مصائب قوم عند قوم فوائد” ، وللأسف نحن هنا فى مصر يكون نصيبنا من مثل تلك الصدمات التداعيات السلبية.

فى خضم مشاكلنا الاقتصادية الصعبة التي تولدت أساسا من تداعيات صدمتين عالميتين سابقتين متتالتين ، نحن كنا فى قلب تداعياتهما ، فكيف يكون الموقف مع صدمة ثالثة ؟ ، ونحن فى مصر بحكم التاريخ والمصير جزء منها بشكل مباشر وغير مباشر.

حتما على المدى القصير والمتوسط بل وفوراً سوف نتأثر اقتصاديا سلبياً ، وللأسف لن يواسينا أحد ، و دعنا نقولها بلغة أكثر رقة ، لن يجاملنا أحد.

نعم لن يجاملنا أحد حينما تتفاقم التداعيات السلبية الاقتصادية ، إذا ما تزايدت مدة الحرب ويصبح المناخ الاقتصادي غير مستقر بسبب التأثير النفسي لحالة عدم اليقين ، ويتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر ، والوطنى أيضا ، وهو ما يؤثر سلباً علي مؤشرات النمو الاقتصادي وكل المؤشرات الاقتصادية الكلية القومية.

لن يجاملنا أحد إذا تمادت مؤسسات التصنيف الائتماني في خفض التصنيف السيادي لمصر ، الأمر الذي يقلل من الجاذبية الاقتصادية للدولة بشكل عام ودون تفصيل.

لن يجاملنا أحد حينما نضطر إلى توجيه مزيد من الموارد إلى الإنفاق العسكري ، على حساب الإنفاق الاجتماعي والتنموي ، مما يؤثر علي مستقبل الأجيال القادمة ، ويقلل من الإنفاق والاستثمار في القطاعات الرامية إلى التطوير التكنولوجي والابتكار.

لن يجاملنا أحد إذا استمر تراجع التدفق السياحي بعد أن نجحنا في إعادته بعد جهد جهيد ، وأيضا تقلص تحويلات المصريين العاملين في الخارج.

لن يجاملنا أحد حينما يتردد صندوق النقد الدولي في صرف 3 مليارات دولار ، مُصراً على أن يدخلنا في مراجعات وشروط غاية في القسوة ، بينما دول الصراع تحصل على مليارات الدولارات بلا حدود ، وتكون النتيجة مزيدا من الضغوط المالية علينا وتصبح الديون مشكلة حقيقية ، لا حل لها ، وتتقلص قدرة الدولة على الحصول على التمويل اللازم للاستثمار والتنمية المستدامة بإتاحة معقولة أو بأسعار ميسرة.

لن يجاملنا أحد حينما يزداد حجم وعبء الإنفاق المستتر ، نتيجة زيادة أعداد اللاجئين “وليس النازحين” الذين يفرون من العنف والتهجير ، ومعظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.

لن يجاملنا أحد حينما تتأثر أسواق المال والنقد في مصر سلباً بتداعيات تلك الحرب ، وتتراجع أرقام التصدير وتتدهور العملة الوطنية وترتفع معدلات التضخم ، وتتضخم فاتورة الاستيراد ، وتقل القدرة الشرائية للمواطنين.

لن يجاملنا أحد حينما يسيطر تجار العملة وأباطرة الدولرة في السوق السوداء ، ليرتفع سعر الدولار يومياٍ في اتجاهات لا نعلم مداها ، في ظل فجوة النقد الأجنبى من ناحية ، وضغوط الصندوق من ناحية أخرى.

الخلاصة أنه لن يجاملنا أحد إذا نجحوا في بناء وصيانة صدمة ثالثة.

نحن عقيدتنا ، رئيساً وجيشاً وشعباً ، نموت فى سبيل الوطن دفاعاً عن كل حبة رمل من أرضنا.

العواطف الوطنية جميلة ، ولكن يجب أن تغلف بالمنطق وتدعم بالعقل ، لأن ثوابت وركائز الاقتصاد ، فى عالم المصالح ، ليس من ضمنها العواطف…

و لن يجاملنا أحد.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى