بلومبرج : رهانات وول ستريت على خفض الفائدة الأمريكية تصطدم بـ”عقبة التضخم”
تقلص رهانات خفض الفائدة في 2024 إلى 90 نقطة أساس مقارنةً بـ150 نقطة أساس قبل أسبوعين فقط
واصلت أكبر سوق للسندات في العالم خسائرها هذا العام وعانت الأسهم وسط تكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لن يتعجل لخفض أسعار الفائدة.
وبحسب بلومبرج ، تأثرت معنويات وول ستريت بعد أن أظهر تقرير آخر يرصد التضخم أنه “أكثر ثباتاً” من المتوقع، إذ ارتفع مؤشر أسعار المنتجين على خلفية قفزة كبيرة في تكاليف الخدمات. لم يجد المتداولون سوى القليل من التشجيع للمزايدة على السوق وقت يخوض الاحتياطي الفيدرالي “الميل الأخير” الصعب نحو أهدافه.
وقال كريس زاكاريللي من “إندبندنت أدفايزور أليانس”: “لقد كان أسبوعاً قاسياً.. على الرغم من أننا نتفهم السلوك السلبي للسوق حال ورود بيانات مغايرة للتوقعات، فإننا نعتقد أن الأمر سيستغرق إصدارين آخرين من البيانات لتحديد اتجاه جديد ، إذا استمر النمط ، أو لإظهار أن بيانات هذا الأسبوع كانت مجرد عثرة في المسيرة”.
وانخفضت سندات الخزانة، وارتفع العائد على الأوراق المالية لأجل عامين سبعة نقاط أساس إلى 4.65%. تتوقع عقود المقايضة الآن خفض الفائدة بأقل من 90 نقطة أساس في 2024، مقارنةً بـ150 نقطة أساس قبل أسبوعين فقط.
أوقف مؤشر “إس آند بي 500” سلسلة مكاسبه التي دامت خمس جلسات متتالية. كان أداء مؤشر “ناسداك 100” ضعيفاً وسط تراجع أسعار أسهم الشركات الكبرى على غرار “ميتا بلاتفورمز” و”أبل”. وستكون الأسواق الأميركية مغلقة يوم الإثنين بمناسبة يوم الرؤساء.
وقالت إيان لينجن من “بي إم أو كابيتال ماركتس” ، كان تقرير مؤشر أسعار المنتجين “مثيراً للقلق” لأنه يعزز اتجاه مؤشر أسعار المستهلك الأساسي.
من جهته، قال كلارك بيلين من “بيلويذر ويلث” إن هذه نقطة بيانات أخرى تشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي ليس لديه “سبب وجيه” لخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب.
وأشار بيتر بوكفار، مؤلف “ذا بوك ريبورت”: “تباطؤ معدل تضخم الأسعار ليس متسقاً إلى هذا الحد ، أما بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، فقد بدأت أعتقد أن السبب الوحيد الذي قد يجعلهم يخفضون أسعار الفائدة هذا العام هو إذا ارتفع معدل البطالة بشكل ملحوظ فوق 4% وليس لأي سبب آخر”.
ودفعت البيانات الحديثة المتداولين إلى التراجع عن رهاناتهم المندفعة في السابق لخفض أسعار الفائدة لتقترب الآن من تقديرات الاحتياطي الفيدرالي -التي تم الكشف عنها في التحديث الفصلي الأخير في ديسمبر- والبالغة 75 نقطة أساس خلال 2024.
وأشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه إلى أنهم في وضع “الانتظار والترقب” قبل اتخاذ قرار الشروع في تخفيف السياسة. وأشار اثنان من المسؤولين الذين صوتوا على السياسة النقدية في 2024 إلى انفتاحهما على خفض أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام إذا استمر تقهقر التضخم.
وقالت رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ماري دالي يوم الجمعة إن هذا التوقع بمثابة “خط أساس معقول”، وقال رافائيل بوستيك من أتلانتا إنه يمكن “بالتأكيد” أن يرى ثلاثة تخفيضات للفائدة -بدلاً من تفضيله الحالي لاثنين- إذا جاءت بيانات التضخم أفضل.
من جانبه، أوضح كين تجوناسام من “غلوبال إكس” :”تُسلط قراءة مؤشر أسعار المنتجين هذه الضوء أيضاً على أن إعادة التضخم إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% لن يكون يسيراً.. نحن في الميل الأخير وهو الأصعب، بالنسبة للرئيس باول والاحتياطي الفيدرالي، فإن هذا يعني إعادة ضبط توقعاتهم للمنظور الاقتصادي. لقد اصطدمت رواية التحول إلى خفض أسعار الفائدة للتو بعقبة”.
وعلى صعيد آخر، قال وزير الخزانة السابق لورانس سامرز إن الضغوط التضخمية المستمرة الواضحة في أحدث البيانات تشير إلى أن هناك احتمال أن تكون الخطوة التالية لسياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية هي رفع أسعار الفائدة، وليس خفضها.
وقال سامرز في برنامج “وول ستريت ويك” الذي يبثه تلفزيون بلومبرج مع ديفيد ويستن: “هناك فرصة كبيرة ربما 15% أن تكون الخطوة التالية هي رفع أسعار الفائدة، وليس خفضها ، سيتعين على الاحتياطي الفيدرالي أن يكون حذراً للغاية”.
وأظهرت بيانات منفصلة يوم الجمعة تحسن معنويات المستهلكين الأميركيين للشهر الثالث في فبراير حيث أصبح الأميركيون أكثر تفاؤلاً بشأن آفاق الاقتصاد والتضخم. وفي الوقت نفسه، انخفض بناء المنازل الجديدة في مطلع العام بأكبر قدر منذ بداية الوباء.
وعلى الرغم من الدلائل التي تشير إلى أن أسعار الفائدة ربما تكون أعلى لفترة أطول مما تصورته السوق، إلا أن الأسهم الأميركية تكبدت خسارة طفيفة هذا الأسبوع.
أما فؤاد رزاقزادة من “سيتي إندكس” و”فوركس دوت كوم” فإنه يرى أن المستثمرين اختاروا التركيز على الأرباح الأقوى والتفاؤل حيال الذكاء الاصطناعي، مستفيدين من الزخم الصعودي.
ولكنه أضاف: “ولكن مع وصول بعض أسهم العظماء السبعة إلى مستويات سعرية باهظة للغاية، هناك دائماً خطر التصحيح قريباً.. ستكون “إنفيديا” هي الأخيرة من هذه المجموعة التي تعلن عن نتائجها في الأسبوع المقبل. مع انعكاس معظم التفاؤل الآن على الأسعار، فإن أي تصحيح من نوع ما، لا ينبغي أن يشكل مفاجأة كبيرة في أسهم التكنولوجيا”.
وتشير مجموعة من أوجه التشابه بين أسهم التكنولوجيا الآن والفقاعات السابقة إلى أن “العظماء السبعة” يقتربون -ولكن ليس بعد- من المستويات التي قد تؤدي إلى انفجارها، وفقاً لاستراتيجيي “بنك أوف أميركا”. واستشهدوا بعدد قليل من المؤشرات، مثل عوائد السندات والتقييمات وحركة الأسعار، التي تشير إلى أن المجموعة التي تضم “أبل” و”أمازون” ستحقق بعض المكاسب.
وقال الفريق الذي يقوده مايكل هارتنت: “إنها ليست رخيصة، لكن صحيح أن قمم الفقاعة شهدت تقييمات مبالغاً فيها”.