البنك المركزي المصري يبحث غدا مصير فائدة الجنيه للمرة الرابعة في 2024 

يتوقع عدد كبير من بنوك الاستثمار اتجاه المركزي لتثبيت الفائدة مجددا للمرة الثانية على التوالي بعدما ثبتها في 23 مايو الماضي 

توقعات المحللين تأتي في ظل الانخفاض المستمر الذي يشهده معدل التضخم بمؤشريه العام والأساسي منذ عدة أشهر

 

يبحث البنك المركزي المصري غدا ، الخميس ، مصير فائدة الجنيه للمرة الرابعة في 2024 ، وسط توقعات قوية بتثبيتها.

وكان المركزي قد قرر في 23 مايو الماضي ، تثبيت أسعار العائد الأساسية لديه عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض ، و27.75% لسعر العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم ، وهو المستوى الذي وصلت إليه تلك الأسعار في 6 مارس الماضي ، عندما قرر رفعها في اجتماع استثنائي بنسبة 6% دفعة واحدة ، ليصل إجمالي الزيادات منذ بداية العام الجاري إلى 8%.

وتعد أسعار العائد الأساسية لدى المركزي هي المؤشر الرئيسي لاتجاه فائدة الجنيه في الأجل القصير ، وأي تغير بها عادة ما يتبعه تغير مباشر في فائدة الودائع ومنتجات القروض لدى البنوك ، كما تؤثر بشكل مباشر على أسعار العائد بين البنوك في سوق الإنتربنك المحلي ، وكذلك عائد العملية الرئيسية لدى المركزي التي يقوم من خلالها بسحب فائض السيولة المحلية من البنوك ، بجانب تأثيرها على عائد الاستثمار في أدوات الدين المحلية ، وغيرها.

ويعد التضخم هو المحرك الرئيسي الذي تضعه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري نصب أعينها عند اتخاذ أي قرار بشأن أسعار الفائدة ، بجانب عوامل أخرى محلية وعالمية.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري كشف البنك المركزي عن تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي لديه إلى 26.6% في يونيو 2024 ، مقابل 27.1% في مايو 2024 ، فيما سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك المركزي ، 1.3% في يونيو 2024 ، مقابل 1.7% في يونيو 2023 ، و-0.8% في مايو 2024.

كما سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 1.6% في يونيو 2024 ، مقابل 2.1% في يونيو 2023 و-0.7% في مايو 2024.

وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم العام في الحضر 27.5% في يونيو 2024 ، مقابل 28.1% في مايو 2024.

وتوقع البنك المركزي في مايو الماضي تراجع التضخم بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025 ، مشيرا إلى أن آخر مستجدات التضخم منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية الاستثنائي في 6 مارس الماضي تعد مؤشرًا مبكرًا لعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد قبل مارس 2022.

ويتوقع عدد كبير من بنوك الاستثمار اتجاه البنك المركزي لتثبيت الفائدة مجددا للمرة الثانية على التوالي بعدما ثبتها في 23 مايو الماضي ، في ظل الانخفاض المستمر الذي يشهده معدل التضخم بمؤشريه العام والأساسي منذ عدة أشهر.

ومن بين بنوك الاستثمار التي توقعت ذلك إي إف جي القابضة وبلتون والنعيم وزيلا كابيتال وسي آي كابيتال والأهلي فاروس ومباشر المالية وثاندر والعربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية وكايرو كابيتال.

كما توقعت إدارة البحوث المالية بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن تبقي لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقرر عقده غدا الخميس.

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بالشركة إن تلك التوقعات تأتي رغم التباطؤ السنوي في التضخم علي مدار أربعة شهور متتالية، بفضل تأثير سنة الأساس، وارتفاعه على أساس شهري، وذلك لعدة أسباب ، منها تحسن سيولة العملات الأجنبية بعد صفقة رأس الحكمة، والتي ساهمت في زيادة صافي الاحتياطيات الاجنبية لمصر بنسبة 33% على أساس سنوي و0.6% على أساس شهري إلى 46.4 مليار دولار في يونيو 2024 والتي انعكست بشكل إيجابي في تحول صافي خصوم القطاع المصرفي بالعملة الاجنبية من 29.0 مليار دولار في يناير 2024 إلى صافي أصول قدره 14.3 مليار دولار في مايو 2024، وكذلك تحسن مبادلة مخاطر الائتمان لمصر لمدة عام واحد مسجلا 303 نقطة أساس حاليًا من 857 نقطة أساس في 1 يناير 2024، بجانب تحسن النظرة المستقبلية لمصر من قبل وكالات الائتمان.

 

وكانت وكالة موديز العالمية للصنيف الائتماني قد رفعت نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابي من سلبي، كما رفعت وكالتا فيتش وستاندرد آند بورز نظرتهما الي ايجابي من وضع مستقر.

أضافت : “ومع ذلك، فطبقا لنموذج توقع معدل الفائدة الخاص بنا فإننا نقدر نسبة الفائدة المطلوبة من قبل المستثمرين لأذون الخزانة لأجل 12 شهرًا عند 36.1%، وهو ما يتوافق الي حد كبير مع نسبة الحد الأقصى للفوائد التي تطلبها البنوك في عطاءات أذون الخزانة ، وتظهر في ارتفاع نسبة تغطية الكمية المطلوبة إلى الكمية التي تم قبولها، والتي تعكس سعر فائدة حقيقي إيجابي نقدره بـ 7.9% مقابل سعر فائدة حقيقي سلبي نقدره بـ 0.6% حاليًا بالنسبة لأخر طرح لأذون الخزانة لمدة عام ، بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15% للمستثمرين الأوروبيين والأمريكيين ، واستنادًا إلى توقعاتنا لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهرًا عند 22.8%.

أشارت إلى أن أسعار الفائدة على أذون الخزانة لمدة 12 شهرا عاودت ارتفاعها ووصلت إلى 26.1% حاليا، بعد أن وصلت لأدني مستوي لها عند 25.7% في اوائل أبريل 2024، إلا أنها لا تزال أقل من ذروتها ، والتي بلغت 32.3% في أوائل مارس 2024 بعد تعويم الجنيه في 6 مارس 2024.

تابعت “ولهذا فإننا نتوقع أن تبقي لجنة السياسات النقدية علي أسعار الفائدة دون تغيير، وذلك مع الأخذ في الإعتبار أسعار الفائدة الحقيقية التي لا تزال سلبية ، بالاضافة إلى التوقعات بمراجعة أسعار الكهرباء و المحروقات خلال الربع الثالث من 2024 و أثارهم علي التضخم”.

كما توقع استطلاع أجرته وكالة رويترز شمل 18 محللاً أن البنك المركزي المصري سيُبقي الفائدة دون تغيير ، فيما توقع أحد المحللين أن يُخفضها 100 نقطة أساس.

وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس “نتوقع أن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير ، نظراً لأن التضخم لا يزال أعلى بكثير من الحد الأقصى للنطاق المستهدف”.

أضاف “نظراً لتحسن الشفافية منذ التحول الذي طرأ على السياسات في مارس، سنترقب أية إشارات في المستقبل حول موعد النظر في خفض سعر الفائدة على ضوء تراجع التضخم”.

وقال سايمون وليامز من إتش إس بي سي “من أجل تحقيق المصداقية في ما يتعلق بالسياسات، وإعادة بناء الثقة بالعملة وخفض توقعات التضخم، يتعين الاستمرار في تشديد السياسة النقدية ، من السابق لأوانه خفض الفائدة في الوقت الحالي”.

وقال البنك المركزي في وقت سابق إن التضخم سوف يشهد اعتدالًا خلال عام 2024 مع انحسار الضغوط التضخمية، خاصة أنه قد بلغ ذروته بالفعل ، متوقعا أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025 ، نتيجة تضافر عدة عوامل ، ومنها تقييد السياسة النقدية، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس.

أوضح أن هناك أمور أخرى سوف تساهم في تحقيق استقرار الأسعار، ومنها تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الكبيرة، والتحسن الملحوظ في بيئة التمويل الخارجي، وتأثيرهما الإيجابي على بناء احتياطي النقد الأجنبي، بالإضافة إلى الطلب المحلي والأجنبي المتزايد على الأصول المقومة بالجنيه المصري ، مؤكدا أنه من شأن التطورات الأخيرة في سعر الصرف أن تدعم تقييد الأوضاع النقدية ، مما سيعمل على تثبيت التوقعات التضخمية واحتواء آفاق التضخم المستقبلية.

ومع ذلك يرى البنك المركزي أن هناك مخاطر تحيط بمسار التضخم المتوقع ، منها تصاعد التوترات الجيوسياسية الحالية، والظروف المناخية غير المواتية، محليًا وعالميًا، بالإضافة إلى إجراءات ضبط المالية العامة ، لافتا إلى أن المسار المتوقع لأسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة.

وأكد المركزي أنه لن تتردد اللجنة في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة للحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية ، بهدف خفض المعدلات الشهرية للتضخم بشكل مستدام وتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.

ومن وجهة نظر محمد عبد العال الخبير المصرفي البارز فإن تثبيت الفائدة في اجتماع البنك المركزي غدا يبقى هو الخيار الأنسب ، للمحافظة على التوازن بين السيطرة على التضخم وعدم خنق النمو الاقتصادي ، لافتا إلى أن التباطؤ الأخير في معدلات التضخم يعطي الأمل في أن السياسات النقدية الحالية بدأت تؤتي ثمارها ، خاصة بعد استقرار الجنيه وتوحيد سوق الصرف.

أوضح عبد العال أن هذا الخيار يتيح التريث والاستمرار في مراقبة تأثير السياسات الحالية على التضخم ، وفي الوقت نفسه يدعم الاقتصاد ، عبر عدم زيادة أعباء الاقتراض الحكومي والخاص ، مشيرا إلى أنه من أهم تبعات هذا القرار حدوث استقرار نسبي في السوق ، مع إتاحة المجال لمراقبة التطورات الاقتصادية عن قرب، ودعم معتدل للنمو الاقتصادي.

وبحسب عبد العال يبقى القرار النهائي في يد لجنة السياسة النقدية ، التي تمتلك رؤية شاملة ومتعمقة للوضع على مستوى الاقتصاد الكلي ، ودائماً ما تتخذ قرارها بما يحقق مصلحة الاقتصاد المصري ككل، ويكفل التوازن بين احتواء التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى