النقد العربى: 1.7 مليار شخص ليس لديهم حسابات مصرفية
الصندوق : تبني نظم الهوية الرقمية من شأنه أن يعمل على ضم نحو 57 % من الأشخاص تحت مظلة الجهاز المصرفي
قال صندوق النقد العربى ، إن موضوع الهوية الرقمية أصبح يشغل حيزاً كبيراً في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم ، لما له من تأثير مباشر على حياة الأفراد والمجتمعات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
أوضح صندوق النقد العربي ، فى دراسة حديثة أعدها بعنوان دور الهوية الرقمية في تعزيز الشمول المالي ، أن الهوية الرقمية تعد انعكاساً للهوية التقليدية التي ما زالت تستخدمها بعض الدول العربية، إلا أنها قد شهدت اهتماماً متزايداً في ظل التطورات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم، وظهور مبادرات ترتبط برقمنة الخدمات الحكومية في إطار الحكومات الإلكترونية ، وإنتشار الخدمات المالية الرقمية.
أشار صندوق النقد العربي الى أن أهمية الدراسة الى اعدها تكمن في الدور الكبير الذي تلعبة أنظمة الهوية الرقمية في تسهيل المعاملات اليومية سواءً كان ذلك على مستوى الفرد (المستفيد من الخدمة)، أو على مستوى الدولة (مزودي الخدمة).
إضافة إلى ما سبق، تساهم الهوية الرقمية في التحديد الدقيق للتعداد السكاني، ودعم هدف تعزيز الشمول المالي، فضلاً عن التحديد الدقيق لفئات المجتمع المختلفة، ومدى أحقيتها في الاستفادة من الخدمات الحكومية المقدمة، وتسهيل عملية تحول عدد كبير من الأنشطة غير الرسمية إلى منظومة القطاع الرسمي ووصول الاعانات الاجتماعية إلى مستحقيها.
وتتطرق الدراسة لعدد من الجوانب المهمة على المستوى التطبيقي، حيث تستعرض الجهود الدولية والإقليمية لتطوير وتعزيز استخدام الهوية الرقمية إضافة إلى أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال من خلال استعراض التجارب الناجحة لبعض الدول، مثل استونيا والهند والإمارات وتنزانيا وباكستان وغيرها.
ويتطرق الجزء الأول من الدراسة إلى مفهوم الهوية الرقمية، ويتناول الجزء الثاني الأطر القانونية اللازمة لضمان تصميم نظام قوى وفعال للهوية الرقمية، أما الجزء الثالث، فيتضمن أفضل الممارسات العالمية لعدد من الدول، حيث تم التركيز على كل من تجربة الهند، وإستونيا، وتنزانيا بشيء من التفصيل.
وفي الجزء الخامس حرصت الدراسة على استعراض جهود الدول العربية في تبني نظام الهوية الرقمية، حيث تم تسليط الضوء على تجربة الإمارات في هذا الصدد، في حين تضمن الجزء السادس دور الهوية الرقمية في تعزيز الشمول المالي والمبادئ والتوجيهات التي أصدرتها مجموعة عمل التقنيات المالية الحديثة التي يتولى صندوق النقد العربي أمانتها الفنية، لتشجيع تبني الهويات الرقمية في الدول العربية.
أشارت الدراسة إلى أن الجهود الدولية تلعب دوراً مهماً لدعم تبني الهوية الرقمية، حيث نصت المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكل شخص الحق في الاعتراف به في كل مكان بوصفه شخصاً أمام القانون”.
كما أشار كل من الهدفين التاسع والسادس عشر من أهداف التنمية المستدامة إلى ضرورة “توفير هوية قانونية للجميع، بما في ذلك تسجيل كافة المواليد” بحلول عام 2030.
وكاستجابة لهذه الجهود، يتبنى البنك الدولي “مشروع الهوية الرقمية من أجل التنمية” (Identity for Development ID4D) كإحدى المبادرات الدولية الساعية إلى تعزيز أنظمة الهوية الرقمية في الدول النامية والأقل نمواً.
كما أُنشأ المنتدى الاقتصادي العالمي منصة الهوية الرقمية لدراسة الآثار والانعكاسات التي تعمل على تحديث عملية التحول من الهوية التقليدية إلى الرقمية.
وبحسب الدراسة ، فإن بعض الدول العربية تواجه تحديات بالنسبة إلى نطاق تغطية الهوية الرقمية ،فضلاً عن الحاجة إلى حصر المواطنيين المستحقين لبرامج الرعاية الاجتماعية، بالتالي ترشيد الإنفاق الحكومي.
أوضحت أنه يُمكن تبني نظم الهوية الرقمية عوضاً عن الهوية التقليدية مساعدة هذه الدول من تحقيق وفورات مالية يمكن الاستفادة منها في برامج وأنشطة ذات أولوية تنموية ، كما يساعد بشكل كبير على دعم الشمول المالي.
أشارت الى أن هناك تقدم ملحوظ في هذا الصدد بالنسبة لمجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث تتزامن الجهود المبذولة لتطوير الهوية الرقمية في هذه الدول مع الرؤى المستقبلية التي تتبناها.
من جانب آخر، تبذل بقية الدول العربية جهوداً حثيثة فى سبيل توفير هوية رقمية لمواطنيها والمقيمين فى محيطها الجغرافي، حيث أحرز عدد منها تقدماً في هذا الصدد كالسودان ومصر وتونس والمغرب والأردن ولبنان.
وبحسب الدراسة ، فإن نظم الهوية الرقمية الكفؤة تستند على أُطر قانونية وتنظيمية مواتية، حيث يستلزم تبني هذه النظم على سبيل المثال وجود أُطر قانونية توازن ما بين اعتبارات حماية خصوصية بيانات الأفراد، وما بين المصلحة العامة، بمعنى إمكانية الإطلاع على البيانات الشخصية للأفراد لأغراض التحقيقات الجنائية أو غيرها، مثل الأوامر القضائية.
بناءً عليه، لجأت بعض دول العالم إلى إصدار قوانين تنظم الأمور المتعلقة بالهوية الرقمية ، حيث تعتبر الهند من بين الدول القليلة في العالم التي لديها قانون للهوية الرقمية متمثلاً في “قانون آدهار 2016” الذي ينظم الإفصاح عن المعلومات البيومترية الأساسية.
على مستوى الدول العربية، اوضحت الدراسة أن بعض الدول قامت بسن قوانين ترتبط بأنظمة الهوية التقليدية، والجهات التنفيذية المسؤولة عن مهام الإصدار والاشراف عليها، كما هو الحال في الإمارات التى أصدرت قانون إنشاء “هيئة الإمارات للهوية”، “واللائحة التنفيذية للقانون الإتحادي رقم (9) لسنة 2006” الخاصة بنظام السجل السكاني وبطاقة الهوية.
أشارت الدراسة الى أن التقديرات تشير إلى أن الشمول المالى المُعتمد على الهوية الرقمية من شأنه أن يعمل على شمولية حوالى 57 % من الأشخاص غير المشمولين مالياً تحت مظلة الجهاز المصرفي، وكذلك الحال بالنسبة لأصحاب المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي يعمل جزء كبير منها في القطاع غير الرسمي في الدول النامية.
لفت الى أن هناك حوالى 2.5 مليار شخص من البالغين لا يستخدمون الخدمات المالية الرسمية بسبب عدم إمتلاكهم لحسابات مصرفية، من بينهم حوالي 1.7 مليار شخص أي ما يعادل خمس سكان العالم ليس لديهم هوية.
أكد صندوق النقد العربى على إهتمامه بدعم تبني نظم الهوية الرقمية ، في إطار الجهود التي تعمل عليها مجموعة عمل التقنيات المالية الحديثة ، التي أُنشئت في عام 2018 بهدف تقديم الدعم الفني للسلطات الإشرافية العربية على صعيد تطوير التقنيات المالية الحديثة والاستفادة منها في دعم الشمول المالي.
أوضح أنه هذا السياق، أصدرت المجموعة حديثاً مجموعة من المبادئ التوجيهية المتعلقة باستخدام نظم الهوية الرقمية، وقاعدة أعرف عميلك حتى يتسنى للدول العربية الاستدلال بها في سبيل تمكين هذه الدول من تطوير نظم الهوية الرقمية بما يساعد على دعم الشمول المالي.
أشار الى أن الدراسة تبنت عددا من التوصيات على صعيد السياسات، من شأنها أن تسهم في دعم عملية صنع القرار في الدول العربية، تتمثل في ضرورة توفير الأطر القانونية والتنظيمية والتشريعية اللازمة بما يضمن حماية حقوق حاملى الهوية الرقمية والجهات المصدرة لها، إضافة إلى الجهات المتُعامل معها.
كما شددت الدراسة على ضرورة التنسيق والترتيب بين الجهات ذات الصلة بما يضمن تغطية كل الجوانب المرتبطة بالهوية الرقمية.
كذلك تعتبر البنية التحتية من أهم الركائز المحفزة التي يجب توفرها ، كما أن هناك أيضاً حاجة إلى الاستفادة من التجارب الدولية والعربية الناجحة، مثل تجربة الهند، وإستونيا، والإمارات.
للإطلاع على الدراسة كاملة من هنا