عبد العال : الربع الأول من 2019 حمل الكثير من رسائل الطمأنة للجنيه المصري
قال محمد عبد العال الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن الربع الأول من 2019 حمل العديد من رسائل الطمأنة للجنيه المصري ، والتى كانت سبباً فى أن يبدأ مساراً تصاعدياً مقابل الدولار الأمريكى.
أوضح عبد العال أنه مع مطلع الأسبوع الماضى ، شهد سعر صرف الجنيه تحسنا ملحوظاً فى تحرك صعودى ، وبوتيرة لم تكن متوقعة ، مسجلا سعرا متوسطه ١٧,٢٥ جنيها لكل دولار ، وهو متوسط يمثل تحسناً كبيراً عن متوسط سعر الصرف الذى كان سائداً فى الربع الأخير من العام الماضى.
تساءل ترى ما هى تلك الرسائل التى تلقاها الجنيه وأدت الى تحسنه ؟ وهل يستمر هذا الاتجاه الصعودي ؟ وهل هناك مخاوف أو مخاطر من موجات معاكسة ؟
يجيب عبد العال، يمكن استقراء أهم خمسة رسائل تكاتفت معا لبناء عوامل دعم مباشرة وغير مباشرة ، وحددت المسار الصعودي للجنيه فى سوق الصرف المصري خلال الأسبوع الماضى .
وبحسب عبد العال فإن تلك الرسائل الخمس تتمثل فى :
الرسالة الاولى : منذ تعويم الجنيه فى نوفمبر ٢٠١٦ أصبح تحديد سعر الصرف يخضع لآلية وحيدة هى آلية العرض والطلب وقوى السوق ، وهو الأمر الذى يعنى أن التغيرات السعرية ستكون مرتبطة بزيادة أو نقص تدفقات النقد الأجنبى.
وكان فى تصريح محافظ البنك المركزي المصرى بأن حجم النقد الأجنبى المتدفق من بداية تعويم الجنيه وحتى الآن قد فاق ال ١٥٠ مليار دولار رسالة تعزز جانب العرض وتحفز تحسن الجنيه .
الرسالة الثانية : رفعت معظم مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية التقيم السيادى لمصر ، حيث نجد أن وكالة فيتش قد رفعت تصنيفها لمصر من – B الى B مع نظرة مستقبلية إيجابية ، كما رفعت ستاندرد آند بورز تصنيفها من -B الى B مع نظرة مستقبلية مستقرة .
واستمدت الرسالة مزيداً من القوة عقب إعلان مؤسسة موديز قبل نهاية الأسبوع الماضى رفع تصنيفها الإئتمانى لمصر من B3إلى B2 مع نظرة مستقبلية مستقرة ، مؤكدة أن الإصلاحات الإقتصادية الجارية ستسهم فى تحسن مركزها المالي وتعزز النمو الإقتصادى المصرى. وأوضحت موديز أنها تعتقد أن القاعدة التمويلية الكبيرة لمصر ستساعدها على مواجهة صدمات إعادة التمويل أو الأحداث الخارجية التى من الممكن أن تؤثر سلباً على سعر صرف العملة الوطنية.
كما أشارت الى أنها تتوقع تحسنا مطرداً فى المركز المالي لمصر ، وأن العمل على الحفاظ على تحقيق فائض أولى فى الموازنة العامة سيمكنها بجانب قوة نمو الناتج المحلى سيساعدها على خفض معدل الدين العام الحكومى إلى مادون ال٨٠٪ بحلول السنة.
الرسالة الثالثة : كانت حول إعلان مصر توقيعها الأسبوع الماضى ، مذكرة تفاهم مع بنك يورو كلير لكى يقدم خدماته إلى محفظة أوراق الدين العام بالجنيه المصرى والتى تخص المستثمرين الأجانب ، وهو الأمر الذى رفع من درجة الثقة فى أوراق الدين السيادية، وسوف يكون من جراء هذا الإتفاق تعميق سوق المال فيما يتعلق بتداول حفظ أوراق الدين العام وزيادة الطلب الخارجي عليها ومن ثم تحسن سعر الصرف . ولا نبالغ فى القول أن تلك الرسالة كانت من اهم رسائل الطمأنة.
الرسالة الرابعة : كان نجاح مصر فى تسويق وإدارة محفظة سنداتها السيادية فى سوق السندات الدولية الدولارية ، فى ظل منافسة شرسة من دول ناشئة أخرى ، أن أعلنت وكالة بلومبرج أن مصر أصبحت أكبر دولة إفريقية مصدرة للسندات بقيمة ٢٢ مليار دولار.
إن تمتع مصر بتلك الميزة النسبية يعطى فى نفس الوقت دفعة على الأقل نفسية وطاقة إيجابية ساعدت على تعافى الجنية المصرى .
الرسالة الخامسة : حملت أرقام الإنجازات الفعلية المدققة ، رسائل دعم واضحة للجنيه المصرى حيث ارتفع معدل النمو الإقتصادى إلى 5.6 ٪ وانخفضت البطالة الى أقل من ٩ ٪ ، وتحقق فائض أولى فى الموازنة العامة لأول مرة منذ خمسة عشر عاما ، كما تجاوز الإحتياطى بالنقد الأجنبى ال ٤٤ مليار دولار ، وارتفعت تحويلات العاملين المصريين فى الخارج.
أضف الى ذلك نجاح مسيرة برنامج الإصلاح الإقتصادى والإستقرار السياسى والمؤسسى.
ويبقى السؤال هل يستمر الإتجاه الصعودي للجنيه وهل هناك عوامل معاكسة؟
فى تصورى أن عوامل الدعم ورسائل الطمأنة ستظل حاسمة لصالح الجنية خلال الستة أشهر القادمة ، ولكننا نسارع بالقول ان هناك عوامل أخرى قد تؤثر عكسياً صعوداً أو هبوطاً.
إن وجود تفاوت فى الأداء الإقتصادى فى بعض المؤشرات منها ارتفاع الدين العام الخارجي والداخلي ، وعجز الموازنة العامة ، وانخفاض معدل الإستثمار المحلى أمثلة لعوامل المقاومة ، ومن ثم علينا توخى منتهى الحذر والتحوط فلا توجد حتى الآن معاير ثابتة تسفر عن سوق كاملة وشاملة وشفافة ، يمكن أن نضع على على أساسها توقعات كاملة.
وننصح بالبعد تماما عن المضاربة أو المتاجرة.إ
ننا نتطلع أن يكون فى تحسن سعر الجنيه الأخير مقدمة لخفض فاتورة الإستيراد لصالح المستهلك النهائي .