يحيى أبوالفتوح: القطاع المصرفي والتحول الرقمي ساهما في دعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة
قال يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الاهلى المصري، إن مؤتمر الناس والبنوك هذا العام يناقش عدداً من القضايا المصرفية الهامة والمحورية تتعلق بصفة أساسية بدور القطاع المصرفي والتحول الرقمي في دعم الاقتصاد القومي والتنمية المستدامة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
جاء ذلك خلال مشاركته في مؤتمر الناس والبنوك الذي يعقد اليوم الثلاثاء، ويناقش دور القطاع المصرفي في دعم التنمية المستدامة.
وأضاف أن ما يزيد من أهمية المؤتمر هذا العام انعقاده في ظل ظروف صعب فرضت علينا مواجهة تحديات عالمية صعبة لاسيما مع استمرار تداعيات جائحة كورونا في التأثير على الإقتصاد العالمي عبر العديد من الصدمات مثل أزمة الطاقة وسلاسل التوريد وارتفاع الضغوط التضخمية.
وأشار إلى أنه وفقاً لتقديرات البنك الدولي كان لجائحة كورونا تأثيرا كبيرا على فقراء العالم بشكل خاص، لتدفع بما قد يتجاوز 100 مليون نسمة إلى دائرة الفقر المدقع في عام 2020 وحده، ومن ثم فقد أصبح لزاما على الدول النامية وضع السياسات التي من شأنها تعزيز النمو طويل الأجل، وتعبئة مزيد من الإيرادات، وجذب الاستثمارات الخاصة للمساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار أبوالفتوح إلى أن مصر قد مضت قدمًا نحو تحقيق التنمية بالتزامن مع مواجهة التحديات المحلية والعالمية المتلاحقة، ونجحت خلال السنوات الأخيرة في دفع جهود التنمية في العديد من القطاعات من خلال المشروعات الكبرى في مجالات البنية التحتية والصناعة والزراعة والتكنولوجيا وغيرها من القطاعات المتنوعة، بالإضافة إلى برامج الحماية الاجتماعية، وزيادة الاستثمار في رأس المال البشرى، واتخاذ خطوات فعالة نحو تحقيق التنمية المستدامة وهو ما أشادت به العديد من المؤسسات الدولية، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي وضعت خطة استراتيجية طويلة المدى لتحقيق التنمية المستدامة 2030، استنادًا إلى الأولويات والمبادئ الوطنية بهدف تحقيق التنمية الشاملة أخذًا في الاعتبار البعد البيئي كمحور أساسي في القطاعات التنموية كافة للتغلب على آثار تغيرات المناخ والحفاظ على الموارد الطبيعية بما يضمن حقوق الأجيال القادمة.
وأكد أن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي أطلقته مصر في إبريل 2021 يعد بمثابة خارطة طريق ورؤية استراتيجية واضحة لمرحلة ما بعد نجاح المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث يستهدف البرنامج القطاعات الحقيقية الواعدة بإصلاحات هيكلية جذرية، بهدف زيادة مرونة الاقتصاد، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، وتحويل مساره إلى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية، بما يدعم قدرته على تحقيق النمو المتوازن والمستدام.
وأوضح أن مصر حرصت في سياساتها وبرامجها التنموية على رعاية الفئات الأكثر إحتياجاً ووضعتها على رأس أولوياتها من خلال توفير العديد من برامج الحماية الاجتماعية التي كان من أبرزها برنامج “حياة كريمة” الذي يعد أحد أكثر البرامج التنموية طموحا وشمولا على المستوي العالمي حيث يستهدف تحويل أكثر من 4500 قرية مصرية إلى مجتمعات ريفية مستدامة، مما يؤثر إيجابيا في خفض معدلات الفقر والبطالة، ويتفق مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة.
وتابع “يعتبر حجم إنفاق مصر على برامج الحماية الاجتماعية كنسبة من الناتج المحلي الأعلى على مستوي الدول العربية والافريقية، مما يؤكد حرص الحكومة على التوسع في برامج الحد من الفقر وتعزيز شبكة الحماية الاجتماعية والذي توج بإدراج العديد من المبادرات المصرية بمنصة أفضل الممارسات التي تحقق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة التابعة لإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة ومنها مشروع رواد 2030 الذي يستهدف نشر فكر ريادة الأعمال وثقافة العمل الحر بين الشباب فضلا عن النهوض بالكفاءات الشابة بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وهو بمثابة اعتراف وتقدير دولي بالجهود التي تقوم بها مصر لدعم بيئة ريادة الأعمال كأحد مكونات الاقتصاد الوطني”.
وأكد أن مصر تمتلك نظام ريادة الأعمال الأسرع نموًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في ظل الاهتمام الكبير للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والتي تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الابتكار وتحفيز النمو.
وتابع “لقد أضحي التحول إلى الاقتصاد الأخضر أولوية قصوى لمصر باعتباره نشاطاً اقتصادياً صديقاً للبيئة وأحد سبل تحقيق التنمية المستدامة، وأصبح هناك ضرورة ملحة للاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية وضخ المزيد من الاستثمارات في مجالات مثل الطاقة المتجددة وتحلية المياه”.
ونوه أنه في هذا الإطار أطلقت مصر الإصدار الأول من دليل معايير الاستدامة البيئية في العام الجاري تحت مُسمّى الإطار الاستراتيجي للتعافي الأخضر بهدف توفير الـمعايير الإرشادية لدمج معايير التنمية الـمُستدامة في الخطط التنموية بما يُعظّم الـمردود التنموي ويحسن من مؤشر جودة الحياة، كما اشتملت الخطة الاستثمارية لمصر خلال العام المالي الحالي على مشروعات خضراء تمثل نسبة 30% من إجمالي المشروعات المقرر تنفيذها مقارنة بنسبة 15% العام المالي الماضي، ومن المستهدف أن تصل تلك النسبة إلى نحو 50% بحلول عام 2024/ 2025.
وأكد على أن مصر أطلقت أولى سنداتها الخضراء بقيمة 750 مليون دولار لأجل 5 سنوات في سبتمبر 2020، كدولة رائدة في هذا الصدد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وشهد الإصدار إقبالًا كبيرًا جاذبا قاعدة جديدة من المستثمرين بأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وشرق آسيا والشرق الأوسط ما يعكس تزايد ثقة المستثمرين في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية ومستقبل مصر والالتزام بسياسات التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن مصر إتجهت بقوة خلال السنوات الأخيرة إلى توليد الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة ونظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي من المخطط أن تصل إلى نحو 20% من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة بحلول عام 2022، وكذلك الاتجاه نحو تسهيل استيراد السيارات الكهربائية، والتوسع في محطات الغاز الطبيعي لتشجيع تحويل المركبات للعمل بالغاز بدلا من البنزين والسولار للحفاظ على البيئة، وكذا إطلاق العديد من المبادرات بالتعاون مع عدد من البنوك لاستبدال المركبات القديمة بأخرى جديدة مع توفير تسهيلات في السداد.
ونوه أن التمويل المستدام يمثل جزء من حركة عالمية لنشر مفهوم “التنمية المستدامة”، يتم توجيهها بشكل أساسي نحو تشكيل دور المؤسسات المالية لتصبح مساهماً أساسياً في تحقيق أهداف التنمية الشاملة، وقد أعلن البنك المركزي المصري مؤخرا عن المبادئ الاسترشادية للتمويل المستدام كخطوة هامة نحو دعم جهود التنمية وخطط الدولة في تحقيق نمو مستدام في جميع المجالات، وتهدف إلى وضع الإطار العام لتطبيق هذا النوع من التمويل بالبنوك المصرية، وبناء القدرات وتوفير المواد اللازمة لتنفيذ تلك المبادئ، وهو ما يأتي في ضوء حرص البنك المركزي على دعم التنمية المستدامة، وبهدف مواكبة أفضل الممارسات الدولية في إرساء قواعد التمويل المستدام بالقطاع المصرفي المصري، والاهتمام بتمويل المشروعات التي تراعي العنصر البيئي بالمجتمع، بالإضافة إلى تلك التي تراعي العنصر الاجتماعي وتعمل على تقليل نسب الفقر ورفع مستوي المعيشة بالمناطق الأكثر احتياجاً، كما يساهم القطاع المصرفي في تحقيق التنمية المستدامة عبر التطوير الصناعي والابتكارات وتنمية البنية التحتية، حيث أن إتاحة المصادر المالية للجميع بسهولة ويسر يشجع على الابتكار والتطوير، مما يؤدي إلى تطوير العملية الصناعية.
وتابع “لا يوجد خلاف على الدور الحالي والمستقبلي للتقنيات الرقمية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتسم بالعدالة والاحتواء الشامل، وتبذل مصر مجهودات كبيرة في مجال التحول الرقمي، وتعمل على تعزيز تنمية البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتحسين الخدمات الرقمية، وتدعم بقوة إرساء دعائم التحول التدريجي إلى مصر الرقمية، حيث بادرت بإطلاق المشروع القومي الطموح للتحول الرقمي الذي يعد من أهم أدوات تحقيق التنمية المستدامة وفقًا لرؤية مصر 2030، بل وليصبح التحول الرقمي جزءا هاما من محاور بناء الجمهورية الجديدة”
وأشار إلى تبني مصر استراتيجية شاملة تستهدف الاعتماد على المدفوعات الرقمية كأداة رئيسية لتعزيز الشمول المالي والتحول إلى الاقتصاد غير النقدي، وذلك عبر تحديث البنية الأساسية للاتصالات، بالإضافة إلى إقرار أطر تنظيمية وتشريعية تحقق الاندماج بين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي، كما استمر البنك المركزي المصري محفزاً لعملية التطوير وداعما لصناعة التكنولوجيا المالية عبر وضع استراتيجية متكاملة للنهوض بمنظومة التكنولوجيا المالية، وذلك لدعم ظهور وانتشار المزيد من خدمات ومنتجات التكنولوجيا المالية.
ونوه أنه تم تحقيق العديد من الإنجازات في مجال التحول الرقمي في القطاع المصرفي ليساهم في تعزيز الشمول المالي كداعم أساسي بشكل مباشر وغير مباشر في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة مثل القضاء على الفقر، وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة اقتصاديًّا، وتوفير فرص عمل لائق، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أنه خلال السنوات الأخيرة تحققت قفزة في حلول الدفع الرقمي ليصل عدد البطاقات المدفوعة مقدما إلى نحو 24.7 مليون بطاقة في يونيو الماضي مقارنة بنحو 10.8 مليون بطاقة فقط في يونيو 2018، ولتتجاوز بطاقات الخصم 20 مليون بطاقة مقارنة بنحو 15.8 مليونا، كما تطور أعداد ماكينات الصراف الآلي ليصل إلى نحو 17 ألف ماكينة.
وتابع “قام الجهاز المصرفي المصري بتنفيذ نحو مليار عملية مصرفية إلكترونية العام المالي 2020/2021 بقيمة تجاوزت 2٫8 تريليون جنيه، وبنمو سنوي 49% فى قيم المعاملات المصرفية الإلكترونية، كما بلغت قيمة عمليات تحويل الأموال من خلال الإنترنت البنكي 1٫4 تريليون جنيه بمعدل نمو 70%، وبلغ حجم المعاملات الإلكترونية من خلال محافظ الهاتف المحمول نحو 176 مليار جنيه خلال نفس الفترة، بنمو ناهز 226%، فيما بلغ إجمالي عمليات التحصيل عبر نقاط البيع الإلكترونية ما يقرب من 136 مليار جنيه بمعدل نمو 19%، وبلغت قيمة المشتريات من خلال البطاقات المصرفية عن طريق المواقع الإلكترونية عبر الإنترنت نحو 23 مليار جنيه بزيادة قدرها 40%”.
وأشار إلى أن البنك الأهلي المصري قد استمر في دوره الرائد علي مستوي القطاع المصرفي، وقدم دوراً بارزاً في عملية التحول الرقمي في مصر خاصة في ظل الاستراتيجية التي ينتهجها بهدف تفعيل قرارات وأهداف المجلس القومي للمدفوعات الالكترونية ودعم توجهات البنك المركزي، مقدما العديد من المنتجات والخدمات المصرفية الرقمية منها خدمة الانترنت البنكي للأفراد والشركات والتي بلغ عدد مشتركيها من الأفراد نحو 6 مليون عميل، فيما بلغ عدد الشركات نحو 63 ألف شركة، وكذلك تم تقديم خدمة تحويل أموال العاملين بالخارج من خلال الهاتف المحمول ليتم صرفها لحظيا من خلال شبكة الصراف الآلي، بالإضافة إلى إتاحة التحويل اللحظي إلي البطاقات المدفوعة مقدما من خلال ماكينات الصراف الآلي ، والحصول على رخصة قبول الدفع لنقاط البيع الإلكترونية من خلال الهاتف المحمول، التى تهدف لإتاحة حلول دفع رقمية جديدة ومتطورة، وذلك كأول بنك فى مصر يحصل على تلك الرخصة.
ونوه أنه استمرارا لدعم المنظومة الرقمية تم إطلاق تطبيق الموبايل البنكي في مطلع 2020، بالإضافة إلى إطلاق خدمة رمز الاستجابة السريع من خلال المحفظة الالكترونية ” الأهلي فون كاش” والتي بلغت عدد محافظها 1.7 مليون محفظة حتى يونيو الماضي وبزيادة بلغت 200% في حجم المعاملات المالية بالمقارنة في نفس الفترة من العام الماضي، مع التركيز على اجتذاب المزيد من الشباب وغير المتعاملين مع الجهاز المصرفي من خلال العديد من القنوات والمنتجات وليستحوذ البنك على 60% من حجم التجارة الالكترونية بالسوق المصرية.
وتابع “كما كان للبنك الأهلي المصري الريادة نحو التوجه نحو انشاء الفروع الالكترونية، حيث كان له السبق في افتتاح أول فرع للخدمات الالكترونية المتكاملة في مصر في مطلع عام 2019، سعيا إلى إتاحة نموذج متطور من الفروع تقدم بعض الخدمات المصرفية بالكامل إلكترونياً للعملاء من خلال قنوات بديلة دون الاستعانة بتدخل بشري كامل. واستمر في هذا التوجه ليصل عدد النقاط الالكترونية حاليا إلى 28 نقطة”.
ونوه أن قيمة المدفوعات الإلكترونية لحاملي البطاقات بأنواعها المختلفة “مسبقة الدفع والخصم المباشر، والائتمان” بلغت نحو 338.4 مليار جنيه لنحو 14.6 مليون كارت خلال العام المالي الماضي 2020-2021، ووصلت قيمة المدفوعات الإلكترونية للبطاقات مسبقة الدفع إلى 21.3 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي لعدد 7.2 مليون بطاقة، بينما بلغت قيمة المدفوعات الإلكترونية لبطاقات الخصم المباشر خلال العام الماضي 290 مليار جنيه لنحو 6 مليون بطاقة. وأشار إلى أن قيمة المدفوعات الإلكترونية لبطاقات الائتمان بالبنك بلغت 27.1 مليار جنيه خلال عام 2020-2021 بعدد بطاقات بلغ 1.37 مليون بطاقة.
وفي ختام كلمته أكد أبوالفتوح أن مصر تمضي بخطى حثيثة في المسار الصحيح نحو تحقيق أجندتها الإنمائية لعام 2030 التي تتفق مع أهداف التنمية المستدامة العالمية يساندها في ذلك قطاع مصرفي قوي ومتطور وقادر على المساهمة بفاعلية في تحقيق هذه الأهداف.