تحرك أمريكي أوروبي لاستبعاد روسيا من الـ”سويفت” ضمن بعض العقوبات ضد موسكو
المركزي الروسي يرد: لدينا كل الأدوات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي في البلاد
اتخذت الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا وكندا خطوات لاستبعاد روسيا من نظام “سويفت” للمدفوعات العالمية بين البنوك، في إطار جولة أخرى من العقوبات ضد موسكو التي تواصل هجومها على أوكرانيا.
وقالت الدول في بيان مشترك إن الإجراءات التي ستشمل أيضاً قيوداً على الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي الروسي ستنفذ في الأيام المقبلة، وفقاً لوكالة “رويترز”.
يأتي ذلك فيما أعلن البنك المركزي الروسي اليوم ، الأحد ، أنه لديه كل الأدوات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي في البلاد .
وأكد البنك ، حسبما نقلت قناة روسيا اليوم الإخبارية ، استقرار النظام المصرفي في البلاد، وإنه لديه رأس مال وسيولة كافية للعمل بسلاسة، مشيرا إلى أنه يمتلك جميع الموارد والأدوات اللازمة للحفاظ على الاستقرار وضمان الاستمرارية التشغيلية للقطاع المالي .
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين قد أعلنت أمس السبت تشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا إثر العملية العسكرية التي شنتها في أوكرانيا ، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي وشركاءه قرروا تجميد أصول البنك المركزي الروسي مما يجعل من المستحيل له تسييل أرصدته.
وأعلن رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون أن بريطانيا وحلفاءها اتخذوا “إجراءً حاسماً” يوم السبت لاستبعاد روسيا من النظام المالي العالمي، من خلال منع بنوكها من استخدام نظام “سويفت” للمدفوعات العالمية بين البنوك.
وأضاف جونسون على “تويتر”: “اتخذنا إجراءً حاسماً الليلة مع شركائنا الدوليين لاستبعاد روسيا من النظام المالي العالمي، بما في ذلك الخطوة الأولى المهمة المتمثلة في إخراج البنوك الروسية من نظام سويفت”.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فقد تبنّت الدول الغربية حزمة جديدة من العقوبات ضد موسكو رداً على غزوها لأوكرانيا، تشمل خصوصاً استبعاد العديد من البنوك الروسية من نظام “سويفت” المصرفي، حسب ما أعلنت الحكومة الألمانية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية التي تترأس حالياً منتدى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، إن العقوبات تشمل “كل البنوك الروسية التي سبق أن عاقبها المجتمع الدولي، وبنوكاً أخرى إذا لزم الأمر”.
ووفقاً لرئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين فإن الاتحاد الأوروبي يريد “شل” أصول المصرف المركزي الروسي، كما أكدت ألمانيا أن الدول الغربية اتفقت على قيود إضافية على وصول البنك المركزي الروسي إلى الأسواق.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن مسئول أمريكي قوله إن “روسيا صارت منبوذة اقتصادياً ومالياً على الصعيد الدولي”، وذكر المسئول أن العقوبات على المصرف المركزي الروسي تعني أن موسكو “لن تستطيع دعم الروبل”، وأضاف: “الغرب سيلاحق الأوليغارشيين الروس وممتلكاتهم”.
وأبلغ عدد من أكبر البنوك الأمريكية في “وول ستريت” مشرِّعين وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأن إقصاء روسيا من نظام الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، “سويفت” (SWIFT)، ستكون له تداعيات بعيدة المدى، قد تضرّ بآفاق الاقتصاد العالمي وتقوِّض الهدف من العقوبات على روسيا، حسبما أفاد مطّلعون على الأمر.
واقترحت مؤسسات، من بينها “جيه بي مورجان تشيس آند كو” (JPMorgan Chase & Co) و”سيتي غروب” (Citigroup)، أن تلتزم واشنطن بأنواع أخرى من العقوبات رداً على غزو روسيا لأوكرانيا، حسبما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لخصوصية المحادثات. وكانت البنوك الأخرى ذات الانكشاف الدولي الأقل أكثر تقبلاً للفكرة، وأبلغت المسئولين بأنها ستكون خطوة يمكن التعامل معها. وامتنع ممثلو البنوك عن التعليق على الأمر.
وأطلق معارضو الفكرة تحذيراً، مفاده أن إقصاء روسيا عن النظام العالمي ذي الأهمية الجوهرية، الذي يتعامل مع 42 مليون مراسلة يومياً ويشكّل شريان حياة لعددٍ من أكبر المؤسسات المالية في العالم، قد يأتي بنتائج عكسية، ما يؤدي إلى ارتفاع التضخم، ويدفع روسيا إلى التقارب بشكل أكبر مع الصين، ويحول دون تدقيق المعاملات المالية من قبل الغرب، كما إنه قد يشجع أيضاً على تطوير طريقة بديلة لـ”سويفت” يمكن أن تضر في النهاية بسيادة الدولار الأمريكي.
وفي الوقت الذي يرفض مسئولو إدارة بايدن استبعاد حتى العقوبات المالية الأكثر صرامة، إلا أنهم أقرّوا بشكل خاص بأنهم لا يفكرون بجدية حالياً في خيار “سويفت”، لأن ذلك سيؤدي إلى عرقلة سبل التجارة مع روسيا، بما في ذلك مبيعات الطاقة المسموح بها بموجب العقوبات الحالية. ويمكن أن تكون لمثل هذه الخطوة تداعيات أوسع نطاقاً، ربما تتسبب في أزمة طاقة في أوروبا وتدمر سبل عيش المواطنين الروس العاديين، وهو سيناريو يقول المسئولون إنهم يريدون تجنبه.
وبادر أعضاء في الكونجرس بدعوة الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة تقريباً لعزل روسيا عن النظام، وهو أمر قالت إدارة بايدن إن الولايات المتحدة لا تستطيع القيام به من جانب واحد، بعدما فشلت الإجراءات السابقة في ردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تنفيذ الغزو، فقد حظر نظام “سويفت” دولة واحدة فقط في تاريخه، وهي إيران في عام 2012، كجزء من الإجراءات التي تهدف إلى احتواء برنامجها النووي.
و أدى النقاش حول هذا الأمر إلى انقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والذين عرضوا تطبيق إجراءات تنافسية لمعاقبة روسيا على عدوانها. ويخوّل مشروع قانون الديمقراطيين، الذي تقدم به بوب مينينديز، رئيس اللجنة وكبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، إدارة الرئيس بايدن فرض عقوبات على أنظمة المراسلات المالية بما في ذلك نظام “سويفت”. ويتضمن مشروع قانون الجمهوريين، الذي تقدم به السيناتور جيم ريش، عقوبات ثانوية على البنوك، ولكنه لا يتطرق للعزل عن “سويفت”.
خلال اتصال أجراه ريش مع الصحفيين الخميس الماضي، قال إن الولايات المتحدة ليست لديها السلطة لإخراج روسيا من نظام “سويفت” بمفردها. وأضاف ريش، وهو جمهوري عن ولاية إيداهو، أن فرض عقوبات ثانوية على البنوك الروسية، من خلال معاقبة أي مؤسسة أخرى تتعامل معها بشكل فعال، من شأنه أن يحقق التأثير المقصود و”يعزل الاقتصاد الروسي”.
وتابع بالقول إن نظام “سويفت”، “ليس ملكاً للولايات المتحدة، ومع ذلك، إذا فرضت عقوبات ثانوية، فسيتعين على (سويفت) الاعتراف بها”.
ضغط مينينديز، إلى جانب عضوي مجلس الشيوخ بوب كيسي، وكريس فان هولين، ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، آدم شيف، على إدارة بايدن لفصل روسيا عن نظام “سويفت”، وهو أمر قال بايدن إنه لا يمكن القيام به دون مساعدة الحلفاء الأوروبيين.
قال مينينديز، وهو ديمقراطي من ولاية نيوجيرسي، في بيان: “الكونغرس وإدارة بايدن يجب ألا يخجلا من فرض أي خيارات، بما في ذلك معاقبة البنك المركزي الروسي، وإزالة البنوك الروسية من (سويفت)، وشل الصناعات الرئيسية في روسيا، ومعاقبة بوتين شخصياً، واتخاذ جميع الخطوات لحرمان بوتين ومساعديه المقربين من الاستفادة من الأصول المملوكة لهم”.
سعى ممثلو “سويفت” إلى عقد اجتماع مع مينينديز في الأسابيع الأخيرة في الوقت الذي يضع فيه مقترحاته لحزمة العقوبات، لكنه رفض عقد الاجتماع، وفقاً لشخص مطلع على الأمر. وأجرى الجمهوريون في اللجان المعنية محادثات مع ممثلين من الصناعة المالية و”سويفت” للتأكد من أن العقوبات الثانوية ستعزل البنوك الروسية وبالتالي الاقتصاد الروسي، وفقاً لشخص آخر.
لم يتمكن ممثل من “سويفت” من تأكيد التواصل على الفور، مشيراً إلى أن الوقت متأخر في بلجيكا التي يقع فيها المقر الرئيسي لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك.
أشاد دانيل فرايد، الذي كان سفيراً في بولندا خلال إدارة كلينتون، بخطوات بايدن الخميس الماضي، وقال في تغريدة على “تويتر” إن إقصاء روسيا عن نظام “سويفت”، أمر “مبالغ فيه” كإجراء رادع. ومع ذلك، قال في رسالة عبر البريد الإلكتروني الجمعة، إنه في حين أن هذه الخطوة ستكون رمزية إلى حد كبير، فإن “الرمزية مهمة في هذه المرحلة”، وإنه يفضل إقصاءها عن الخدمة.
كتب فرايد في تغريدته: “بايدن على حق. استخدام (سويفت) أمر مبالغ فيه كعقوبة. وتعد عقوبات الحظر على البنوك الروسية الكبرى أشدّ وطأة. العقوبات حالياً ليست أمراً يتعلق بتغيير عقلية بوتين، بل تستهدف إحداث الضرر بالاقتصاد الروسي حتى لا تكون لدى بوتين سوى موارد أقل”.
يذكر أن رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، قال الجمعة، إن بلاده تدعم منع روسيا من “سويفت”.
وأضاف في مؤتمر صحفي في لاهاي أن الاتحاد الأوروبي “اتخذ خطوة كبيرة إلى الأمام في ما يتعلق بنظام (سويفت). لدينا صورة واضحة بناءً على اقتراح من الفرنسيين حول الإيجابيات والسلبيات للتأكد من أنه يمكننا أن نقرر إضافتها في مرحلة لاحقة”.