“إنجلترا المركزي”: مستقبل “غير مبشر” للإسترليني في مواجهة الدولار واليورو وموجات التضخم
تشهد العملة البريطانية أدنى معدلاتها السعرية في مواجهة العملتين الأمريكية والأوروبية
يشهد الجنيه الإسترليني أدنى معدلاته السعرية في مواجهة الدولار الأمريكي واليورو، ويصفها الخبراء بأنها الأدنى منذ مطلع العام الماضي، مرجعين ذلك إلى تنامي الضغوط التضخمية في الأسواق البريطانية، وارتدادات الهزة الناتجة عن تراجع مؤشرات الأسهم في بورصة وول ستريت خلال مايو الماضي.
وبحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية، يرى خبراء البنك المركزي البريطاني (بنك إنجلترا) أن آفاق أداء الجنيه الإسترليني في المرحلة القادمة “غير مبشرة”، متوقعين له مزيدا من الانخفاضات في مواجهة موجات تضخمية “عنيدة ” وعصية على التراجع في عموم الأسواق البريطانية.
وعلى الرغم من إقدام بنك إنجلترا على رفع أسعار الفائدة المصرفية 4 مرات متتالية منذ ديسمبر الماضي في مسعى لتحجيم التضخم ومن ثم تعزيز الجنيه الإسترليني، فقد عجزت العملة البريطانية على الصمود في ضغوط تراجعها مسجلة أدنى مستوياتها خلال الأسابيع الستة المنصرمة، وفي الوقت ذاته، أدت التحذيرات الصادرة عن بنك إنجلترا من احتمالات دخول الاقتصاد البريطاني في “حالة كساد” قبل نهاية العام الجاري، أدت إلى زيادة مخاوف المستثمرين من انفلات التضخم في الأسعار في الأسواق البريطانية إلى ما هو أسوأ.
ويقول خبراء بنك إنجلترا، إن ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية لا يعد في الأساس “خبرا طيبا” للمضاربين على العملات الوطنية، وهو ما جعل الإسترليني مهدد بفقد جانب أكبر من قيمته وأثر سلباً على معنويات السوق برغم حزمة التحفيز الاقتصادي التي قررتها الحكومة البريطانية بقيمة 15 مليار إسترليني في الأسبوع الماضي، ويعزي خبراء بنك إنجلترا السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات وتمادي التضخم في ارتفاعه.
ويتجه البنك المركزي البريطاني حاليا إلى سياسة التقييد النقدي، في محاولة من البنك لخفض المعروض من الإسترليني ومن ثم رفع قيمته في مواجهة اليورو والدولار الأمريكي، لاسيما في وقت لم يتخذ فيه البنك أية قرارات حاسمة بشأن الاستمرار في سياسة زيادة الفائدة المصرفية أسوة بما تفعله الولايات المتحدة.
ويتوقع خبراء “المركزي البريطاني” أن يتعزز سعر الإسترليني في مواجهة اليورو الأوروبي من 0.852 إسترليني في الوقت الراهن إلى أعلى من 0.9 إسترليني بحلول نهاية العام الجاري، وذلك إذا آتت سياسات البنك المركزي البريطاني التقييدية للإسترليني أُكُلها.
وبصورة عامة، أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي – وفق اتفاق بريكسيت – في العام قبل الماضي إلى خلق منافسة ضاغطة لم تكن في صالح العملة الإنجليزية، ويقول الخبراء إنه ما لم تفلح حكومة بريطانيا في التوصل إلى اتفاق بينها وبين حكومة إيرلندا الشمالية بشأن الترتيبات المالية و النقدية لمرحلة ما بعد البريكسيت، فقد يشهد الإسترليني ضغوطا أشد وطأة في المرحلة القادمة.
و كان الإسترليني يباع لقاء 1.42 دولار أمريكي في أعقاب توقيع اتفاق بريكسيت في شقه التجاري في ديسمبر من العام 2020 إلا أن العملة البريطانية قد تراجعت لاحقا أمام الدولار الأمريكي مسجلة 1.26 دولار مقابل الجنيه الإسترليني الواحد، نتيجة عدم حسم الخلافات التجارية بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية وتصاعدها إلى حد الحرب التجارية بين البلدين، وهو ما أكده جاريث كولسميث رئيس شعبة التحليل النقدي في بنك إنجلترا.