دكتور زكريا صلاح يكتب .. لجنة دائمة لزيادة حصيلة النقد الأجنبي

حقيقة الأمر أن البنك المركزى والقطاع المصرفي ما هو إلا الوعاء الذي يستقبل الموارد من العملة الأجنبية وليس المسئول عن زيادتها

تحدثت في مقال سابق عن دور القوى الناعمة لمصر والمتمثلة في وزارات التجارة والصناعة، والسياحة والآثار ، والهجرة، والتعاون الدولي، والثقافة ، هذا بالإضافة إلى هيئة قناة السويس في زيادة الحصيلة من النقد الأجنبي، وأنه يجب أن تعمل هذه الجهات على زيادة الحصيلة من النقد الأجنبي ، وأن يكون ذلك مؤشرا لأداء هذه الجهات ، خاصة مع الحاجة الملحة في هذه الفترة لزيادة الحصيلة من النقد الأجنبي.

حقيقة الأمر أن البنك المركزى والقطاع المصرفي ما هو إلا الوعاء الذي يستقبل الموارد من العملة الأجنبية وليس المسئول عن زيادتها ، وإن كان يستطيع في حدود ما يدخل القطاع المصرفي تنمية هذه الحصيلة وإدارتها بالشكل الذي يعود بالنفع على الاقتصاد القومي ، أو أن تقوم بنوك القطاع المصرفي بالاقتراض من الخارج، فالأصل أن مسئولية زيادة الحصيلة تقع على عاتق الجهات السابقة وليس البنك المركزي ، خاصة وأن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي فيما يتعلق بالتجارة الخارجية قد اضطر إليها لإدارة الحصيلة المحدودة من النقد الأجنبي في مواجهة سيل العمليات الاستيرادية.

إن الأمر يستدعى الآن تشكيل لجنة دائمة Steering Committee لزيادة الحصيلة من النقد الأجنبي ، يرأسها البنك المركزي وبعضوية الجهات المشار إليها، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة المالية ووزارة التخطيط ووزارة البترول والثروة المعدنية، وأن تجتمع هذه اللجنة بصورة إسبوعية لحين إنتهاء الظروف الحالية الخاصة بسوق الصرف، على أن ترفع تقريرا أسبوعيا لرئيس الجمهورية عن المقترحات والمعوقات والدراسات التي قامت بها هذه اللجنة ، وأن يتم عرض رقم الحصيلة أسبوعيا لمتابعة الأداء، وبذلك يمكن محاسبة الجهة المقصرة التي لا تساهم بشكل فاعل في زيادة الحصيلة.

مازال لدينا مصادر يمكن تنميتها ، فقط نريد التركيز وتحديد لجنة مسئولة عن ذلك ، فيجب ألا يكون صندوق النقد الدولي هو الحل دائما عند الحاجة لموارد من النقد الأجنبي، فعلى الرغم من انخفاض تكلفة قروضه ، إلا أنه دائما ما يفرض خططا وشروطا لمنح القروض ، والتي تؤثر في معظمها على محدودي الدخل بصورة كبيرة ، مهما تم اقتراحه وتنفيذه من شبكات الحماية الاجتماعية.

فالسياحة لم تعد كسابق عهدها ، وتحويلات المصريين من الخارج على الرغم من تطورها بصورة سنوية إلا أنه يمكن زيادتها بصورة كبيرة ، وكذلك تنمية موارد قناة السويس وزيادة الصادرات في مجال التكنولوجيا، والغاز، وهناك مجال للتفكير في توجيه تكلفة الحصول على النقد الأجنبي إلى حوافز لجهات معينة لزيادة الحصيلة.

إن الأمر يتطلب عصفا ذهنيا من الخبراء الممثلين لهذه الجهات بصورة مستمرة ، للخروج ببدائل ولتحديد المهام والحصص اللازم تحقيقها ، والتركيز عليها لزيادة الحصيلة من النقد الأجنبي،
كما يجب أن يكون من ضمن المهام الموكلة إلى اللجنة متابعة تصريحات الخبراء فيما يتعلق بسوق الصرف والالتزامات الخارجية ، خاصة وأنه أصبح يتم التصريح باتجاهات سوق الصرف علنا وبصورة ممكن أن تؤدى إلى ارتباك الأسواق والتأثير على المعروض من النقد الأجنبي، وتدفع إلى زيادة المضاربة واكتناز الدولار ، وكذلك إظهار حجم الإلتزامات الخارجية بصورة تعطى انطباعا لدى الجمهور بأن البلد على شفا الإفلاس وأنها مطالبة اليوم بسداد مبلغ معين ولا يوجد لديها ، بما يسبب الإحباط والاكتئاب لدى عامة الشعب من غير المتخصصين والمدركين لحقيقة الأمور.

إن مصر مليئة بالعقول والخبراء الذين يستطيعون إيجاد حلول لأية أزمة وتجاوزها، فقط الأمر يحتاج إلى إسناد الأمر لأهله ، وتضافر الجهود ، والتنسيق الجيد بين الجهات المختلفة، وعدم العمل في جزر منعزلة ، والسماع إلى المقترحات والبدائل ودراستها ، واختيار المناسب منها وعدم الإنغلاق على مجموعة معينة دون غيرها.

والله من وراء القصد،،،

دكتور زكريا صلاح
الخبير المصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى