حسن عبد الله يشارك في اجتماعات مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية بجدة
محافظ البنك المركزي المصري يبحث مع رئيس صندوق النقد العربي تنسيق الجهود فيما بين السلطات النقدية بدول المنطقة لمواجهة المتغيرات والتحديات المستحدثة
شارك حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، في اجتماع الدورة السادسة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي عُقد اليوم الأحد ، بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.
تأتي مشاركة عبد الله في اجتماع مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، مُمثلًا لجمهورية مصر العربية بصفته محافظ مصر لدى صندوق النقد العربي، واستجابةً للدعوة التي تلقاها من الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس الإدارة لصندوق النقد العربي.
تناول الاجتماع العديد من الموضوعات الهامة والمُدرجة على جدول الأعمال، والتي من أبرزها الموجة التضخمية العالمية وتداعياتها على السياسة النقدية في الدول العربية، ومخاطر تداعيات تغيرات المناخ على القطاع المالي والخدمات المصرفية وتحديات التحول نحو التمويل الأخضر، فضلًا عن مناقشة متطلبات وتحديات إعادة بناء هوامش رأس المال والسيولة لدى القطاع المصرفي بعد رفع حزم الدعم.
وخلال الاجتماع اطلع محافظو المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية على تقارير اللجان الفنية وفرق العمل المنبثقة عن مجلس المحافظين، ومنها اللجنة العربية للرقابة المصرفية، واللجنة العربية لنظم الدفع والتسوية، واللجنة العربية للمعلومات الائتمانية، وفريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية، وفريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية.
وفي نفس الإطار، استعرض محافظو المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية أيضًا تقرير الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2022، والتقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2022، وكذلك الخطاب العربي الموحد لعام 2022 المزمع تقديمه أمام الاجتماعات السنوية المشتركة لمجلسي محافظي صندوق النقد والبنك الدوليين.
وعلى هامش الاجتماع عقد حسن عبد الله اجتماعًا ثنائيًا مع الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس الإدارة لصندوق النقد العربي، ناقشا فيه عدة موضوعات هامة تتعلق بتنسيق الجهود فيما بين السلطات النقدية في الدول العربية لمواجهة المتغيرات والتحديات المستحدثة، وآليات دعم صندوق النقد العربي لتعزيز تلك الجهود وضمان تحقيق ما تصبو إليه، وبما يعود بالنفع والخير لجميع شعوب المنطقة العربية.
كما شارك عبد الله في حفل الاستقبال الذي أقامه الدكتور فهد بن عبد الله المبارك ، أمس السبت ، بحضور محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، والذين تقدموا بالتهنئة لعبدالله على توليه منصب محافظ البنك المركزي المصري، متمنين له التوفيق والسداد في مهمته المُكلّف بها، كما تم تبادل الرؤى ووجهات النظر في العديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وخلال افتتاح فعاليات تلك الاجتماعات أكد الدكتور فهد بن عبد الله المبارك محافظ البنك السعودي أن المملكة ستظل دائماً داعمةً وسباقه للعمل العربي المشترك، ومساهمةً في تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية عبر المؤسسات التنموية الإقليمية، كما أكد على أهمية التوازن بين الدول في استخدام السياسات المالية والنقدية.
وقال المبارك إن العالم يمر بمرحلة مهمة من التطورات الاقتصادية والإصلاحات والخطط التنموية، بالإضافة إلى المنعطفات السياسية التي يواكبها العالم أجمع، وما يصاحبها من تداعيات على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية.
أضاف أنه لا يخفى على الجميع تزامن هذه التطورات مع التعافي الاقتصادي لما بعد جائحة كورونا (كوفيد-19)، والناتج عن جهود الحكومات في التصدي للجائحة من خلال الحزم التحفيزية والدعم المباشر مما عزز التعافي الاقتصادي، فضلا عن الانعكاسات التي نشأت من تداعيات التوترات الجيوسياسية، والآثار المصاحبة لتلك التوترات نتج عنها اختلال في سلاسل الامدادات مما أدى إلى تنامي الضغوط السعرية والذي ألقى بظلاله على أسعار الطاقة والأغذية.
وأوضح المبارك أن كل هذه العوامل أدت إلى توقعات بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، حيث أشارت أحدث توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة في يوليو الماضي إلى تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي في عام 2022 ليصبح 3.2 % (مقارنة بتوقعات الصندوق في أبريل الماضي عند 3.6%)، والذي يعود في معظمه إلى التغيرات في أسعار الفائدة، وارتفاع معدل التضخم والتذبذبات في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها الاقتصادات الناشئة.
وأشار محافظ البنك المركزي السعودي إلى أن الدول العربية ليست بمعزل عن آثار تلك التحديات، فمن الأهمية دراسة التدابير المحتملة للتصدي لتلك التحديات، وتنسيق جهود الدول العربية لمواجهتها، ودعم السياسات النقدية التي تتخذها دولنا للحفاظ على مسيرة التعافي في اقتصاداتنا، واستمرار تنفيذ الخطط والإصلاحات الاقتصادية لتحقيق مستهدفاتنا في الوصول إلى اقتصادات مستدامة لخلق النمو والوظائف بهدف ازدهار شعوبنا.
وأكد على أهمية التوازن بين الدول في استخدام السياسات المالية والنقدية، للوصول إلى إجراءات إصلاحية وسياسات تهدف إلى معالجة هذه التأثيرات وتفادياً لتفاقمها.
ولفت إلى أن اجتماعات الدورة الــ64 لمحافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية ستتطرق إلى تداعيات الموجة التضخمية العالمية، ومخاطر تداعيات التغيرات المناخية على القطاعات المالية، والتحديات التي تواجه القطاع المصرفي في أعقاب رفع حزم الدعم.
كما ستتطرق ورشة العمل رفيعة المستوى إلى أحد أهم المواضيع في هذه المرحلة، وهي العملات الرقمية للبنوك المركزية. وإنّنا على يقين بأن وجود خبرات عالمية بمشاركة منظمات دولية عريقة، ستثري نقاشاتنا على مدى اليومين القادمين.
وعلى صعيد الإقتصاد السعودي أكد محافظ البنك المركزي السعودي أنه في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية ، فقد استمر الاقتصاد السعودي بتحقيق معدلات نمو مرتفعة، حيث تشير التقديرات للربع الثاني من عام 2022م إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 11.8 % على أساس سنوي، كما أن مستويات التضخم في المملكة لا تزال ضمن المعدلات المقبولة، حيث سجّل معدل التضخم ارتفاعًا سنويًا نسبته 3 % في شهر يوليو للعام الحالي.
أما فيما يخص قطاع العمل بالمملكة، فقد استمر الانخفاض في معدل البطالة العام ليصل إلى 6.0 % للربع الأول للعام الحالي، كذلك استمر الانخفاض في معدل البطالة للسعوديين ليصل إلى 10.1 % في الربع الأول من العام الجاري، محققًا تحسنًا ملحوظًا مقارنة مع عام 2020م حيث سجلت البطالة 12.6 % والذي بلغت فيه نسبة البطالة العالمية معدلات عالية بسبب اثر الجائحة، ويتماشى هذا الانخفاض مع خطط المملكة في تخفيض نسبة البطالة وصولاً إلى المعدل المستهدف في عام 2030 وهو 7 %.
ومن جانبه حذّر الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، أن الاقتصاد العالمي قد يواجه تحديات كبيرة، تتعلق بمخاطر الركود التضخمي، وتداعيات تغيرات المناخ، وتحديات الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية وتقلبات سلاسل التوريد العالمية، مما نتج عنه إعادة تقييم لوضع الاقتصاد العالمي. أشار معاليه أن الاقتصاد العالمي يقدر أن يحقق معدل نمو يبلغ 3.2 و 2.9% عن عامي 2022 و 2023على التوالي ، وهي تقديرات تقل عن التوقعات السابقة، مبيّناً أن هذا الخفض جاء نتيجة لحالة عدم اليقين وما ستسفر عنه التطورات العالمية واحتمالية الدخول فيما يسمى حالة التضخم الركودي.
وفيما يتعلق بالدول العربية، بيّن الحميدي أنه ووفقاً لتقديرات صندوق النقد العربي، ستحقق الاقتصادات العربية نمواً بنحو 5.4 و4.0 % في عامي 2022 و 2023 على الترتيب.
وفيما يتعلق بالموجة التضخمية الحالية، أشار الحميدي إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي، ليبلغ 8.3 % في عام 2022، و5.7 % في عام 2023، مشيراً إلى توقع صندوق النقد العربي تسجيل الدول العربية كمجموعة مستوى تضخم مرتفع نسبياً خلال عامي 2022 و2023 يبلغ حوالي 7.6 % و7.1 % ، على التوالي، في ظل استمرار التطورات الدولية الراهنة.
وأشاد الحميدي بجهود المصارف المركزية العربية في ضبط أوضاع القطاع المالي والمصرفي وتعزيز سلامته، مشيراً أنه من غير المتوقع أن يكون هناك أثر جوهري لارتفاع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، على قدرة القطاع المصرفي العربي على الإقراض ، حيث حققت مؤشرات المتانة المالية للقطاع المصرفي في الدول العربية نتائج جيدة في عام 2021.
فعلى صعيد كفاية رأس المال، بلغ متوسط النسبة في المنطقة العربية حوالي 17.8% في نهاية عام 2021، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية بما يعزز من قدرته على استيعاب الخسائر المحتملة، فيما وصلت نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول لهذا القطاع نحو 32.% ، كما وصلت نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير المنتظمة للمصارف العربية نحو 91.1% في نهاية عام 2021.
أوضح الحميدي أن مسارات النمو في الدول العربية تتأثر بثلاث عوامل رئيسة، هي: التطورات المتعلقة باستمرار العمل بالإجراءات والترتيبات والحزم المالية لاحتواء التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا، والتأثيرات الناتجة عن التطورات العالمية الراهنة على الاقتصادات العربية، إضافة إلى المسار المتوقع للسياسات الاقتصادية الكلية خاصة السياسة النقدية.
وأشار إلى أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول العربية في هذه المرحلة، والتي تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم، ومعدل البطالة الذي سجل نحو 11.3 % ، وهو يعادل ضعف المعدل العالمي، إلى جانب التحدي المتعلق بتزايد معدلات المديونية في ظل الارتفاع الذي شهدته مستويات الدين العام في أعقاب الجائحة، مبيّناً وصول قيمة الدين العام إلى نحو 756.2 مليار دولار بما يمثل نحو 107.3 % من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة.
أكد الحميدي على أهمية توجه الحكومات العربية نحو الإسراع بجهود التحول الرقمي والتحول نحو اقتصاد المعرفة، مشيراً إلى أن الدول التي تمكنت من التعافي السريع من تداعيات الأزمة، ومن التعامل مع تداعياتها بفعالية وكفاءة تمثلت في الدول العربية ذات المستويات الأعلى من الجاهزية الرقمية.
أشار إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في تناول المواضيع والقضايا ذات الأهمية والمستجدات والتطورات ذات العلاقة بأولويات المصارف المركزية العربية، بما يعزز من فرص تبادل الخبرات والتجارب ونقل المعرفة. كما أشاد معاليه بالتقدم الملحوظ في الإصدار الخامس من تقرير الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2022، وما تضمنه من فصول جديدة.
أكد المدير العام رئيس مجلس الإدارة على حرص الصندوق على الاستجابة السريعة لاحتياجات الدول العربية في ظل تداعيات جائحة كورونا، مبيناً في هذا الصدد قيام الصندوق بتلبية طلبات الاقتراض بأقصى سرعة ممكنة، مشيراً أنه تم توفير موارد مالية لعدد من الدول الأعضاء في شكل قروض جديدة، أو سحب على القروض القائمة، لمواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية الراهنة، ذلك من خلال تطبيق إطار الإجراءات السريعة الأمر الذي مكّن الدول الأعضاء المقترضة من الاستفادة من هذه الموارد بأسرع ما يمكن.
أوضح في هذا الصدد أن إجمالي حجم الموارد التي قدمها الصندوق منذ عام 2020 وحتى نهاية النصف الأول من عام 2022 بلغت حوالي 2.25 مليار دولار.
في نفس الإطار، أشار الحميدي، إلى قيام الصندوق بتكثيف جهوده في تنظيم اللقاءات التشاورية وتبادل التجارب والخبرات، وإعداد التقارير والدراسات بشأن التطورات الراهنة وآفاق الاقتصادات العربية، مبيناً في هذا الصدد قيام الصندوق بتنظيم عدد كبير من الاجتماعات التشاورية، بمشاركة العديد من المؤسسات والأطر الإقليمية والدولية، بهدف التشاور حول المواضيع القائمة والأولويات في الدول العربية لدعم فرص الاستقرار المالي.
في سياق متصل، وفي إطار تعزيز استجابة الصندوق لمواجهة تحديات الأزمة الحالية وتقديم المشورة للدول الأعضاء، أوضح المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي مواصلة الصندوق إصدار عدد من الأدلة والمبادئ الإرشادية، هدفت إلى مساعدة الدول العربية على تبني السياسات الاقتصادية والمالية المناسبة.
في سياق آخر، أشار الحميدي إلى استكمال صندوق النقد العربي إنشاء منصة “بنى” للمدفوعات العربية التي تقدم خدمات الدفع والتسوية بعملات عربية ودولية، منوهاً بما تحظى به منصة “بنى” من قبول دولي واسع وباتت تمثل نموذجاً للتوافق مع توجهات مجموعة العشرين لتعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل عبر الحدود بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والاستقرار المالي.