محمد عبد العال يكتب عن .. الجنيه المصرى والحملة الساخرة!

ينفرد الجنيه المصرى بمواجهته ضغوطا إضافية من نوع آخر لا أعتقد أن هناك عملة فى العالم تتعرض لمثيل لها

يواجه الجنيه المصري حاليا ضغوطا صعبة من جراء تتابع الأزمات الاقتصادية المعروفة ، وهو أمر تواجهه كل دول العالم بصور متفاوتة ، وفقاً لظروف كل منها ، ولكن ومع ذلك ينفرد الجنيه المصرى بمواجهته ضغوطا إضافية من نوع آخر ، و لا أعتقد أن هناك عملة فى العالم تتعرض لمثيل لها.

وتتبلور تلك الضغوط فى صور وموجات وسلسلة من المواقف الساخرة التي يقودها عن قصد أو غير قصد قلة من عباقرة ومروجي النكات الضاحكة ، ورسامي الكاركتير ومحترفي ومنتجي ومخرجي الفيديوهات عبر اليوتيوب وكل وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الترندات الإعلانية ، مستغلين عشق المصريين التاريخي والطبيعي لثقافة المرح وخفة الظل وحسن نيتهم ، فيقومون بدورهم بإعادة ترويجها ونشرها عبر صفحاتهم الخاصة ، وهكذا تتسع دائرة الضحك الساخر على حساب سمعة عملتنا الوطنية.

من المعروف أن سعر صرف أية عملة يتوقف على مجموعة متعددة من العوامل الاقتصادية ، من أهمها على سبيل المثال وليس الحصر ، موقف ميزان المدفوعات ، قوة الاحتياطي النقدي ، معدل النمو الاقتصادي ، معدل البطالة ، المؤشرات المالية ، ورغبة الدولة في تحسين قدرتها التنافسية التصديرية والسياحية ، وبالطبع هناك أيضاً توجهات السلطة النقدية فيما يتعلق بالسياسة النقدية التي تنتهجها ومستهدفاتها المعلنة الفورية والاستراتيجية على المدى المتوسط والطويل .. إلخ.

وبناء على مستويات كلٍ من تلك المؤشرات ، ومدى تناسقها يتوازن سعر صرف العملة عند نقطة مرنة ، يُفترض عندها أن يتحقق نسبياً أفضل قيمة حقيقية لها أمام العملات الرئيسة الأخرى.

بالطبع نحن نمر بأزمة اقتصادية ، جارى العمل على كل الجبهات والوسائل لإزالة أسبابها المتأصل منها محليا والمستجد عالمياً ، تلك الأزمة تركت تأثيرها وعلاجها المر على انخفاض قيمة العملة المصرية وضعف القوة الشرائية لها وارتفاع فاتورة الاستيراد ، وبالتالي ينعكس ذلك على ارتفاع مستويات أسعار معظم السلع والخدمات.

هل نواجه تلك الأزمة بالسخرية؟!

على كل مواطن ، مفكر ، ومدرك لأبعاد الأزمة أن ينتقد بموضوعية وعقلانية وإيجابية ، ويقترح الحلول الممكنة والبدائل القابلة للتطبيق على أرض الواقع ، فنحن فى مسيس الحاجة لكل رأي ومشورة تضيف قيمة مضافة ، ولكن ما يواجهه الجنيه المصري الآن من حملات مخجلة ، قد يكون بعضها ممنهج لخدمة أهداف أباطرة السوق السوداء ومضاربي الدولرة.

إن الجنيه المصري ، العملة الوطنية ، وبغض النظر عن قيمته ، فهو رمز وطنىي وقومي ، مثله مثل عَلم البلاد ، له احترامه وهيبته ، لأن التأثير النفسي السلبي لمثل تلك الحملات الساخرة تؤثر نفسياً على تصرفات المتعاملين وتوجهاتهم وقراراتهم الحالية والمستقبلية ، خاصة رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب ، ويكون ضررها فى بعض الأحيان أقوى من التأثير السلبي للمخاطر الاقتصادية الراهنة التي يواجهها الجنيه ، وتعمل عكسياً لتطويق ومحاصرة كل الإجراءات والسياسات التصحيحية التي يمكن أن تتخذ ، والأخطر أنها تؤثر سلبا على سمعتنا الدولية وتحبط من حماسنا الوطني ودرجة وعينا بمصالحنا وأهدافنا القومية.

فلنتوقف عن هذا الهزل ، ودعنا نتوجه للعمل الجاد فهو الطريق الوحيد لإنقاذ اقتصادنا وعملتنا الوطنية “الجنيه”.

محمد عبد العال
خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى