محمد عبد العال يكتب : الحكومة .. والتحرك خارج الصندوق
فى تصورى أن الأيام القادمة سوف تحمل أخباراً وإجراءات سارة وجديدة
رأينا كيف اقتنعت الحكومة بأهمية عودة مبادرة الصناعة والزراعة ، وأهمية استمرار مثل تلك المبادرات فى ظروف أزمات هى الأصعب منذ 80 عاما ، فكان الإعلان عن المبادرة الجديدة بمثابة تحرك إيجابي مستحق خارج الصندوق ، وصدرت المبادرة السخية ، بمبلغ 150 مليار جنيها بفائدة فقط 11% ، وهى فائدة تعتبر فائقة التميز للمقترضين من المصنعين والزراعيين، وباهظة الكُلفة على الحكومة ، فهى التى ستتحمل وحدها فارق الفائدة ، وليس القطاع المصرفى ، الذى سيكون دورة هو التنفيذ فقط.
والجديد أن المبادرة قابلة للاستمرار والتجديد سنويا ، وبالطبع فإن الغرض من المبادرة هو خفض تكاليف التمويل لصالح القطاعات والأنشطة الاقتصادية المستهدفة ، وهو ما سوف يساعد على عودة المصانع للعمل بكامل طاقتها وضمان استمرار مستويات التوظيف والتشغيل.
ومن المتوقع أن يكون رد فعل المستفيدين من تلك المبادرة هو التركيز على تحسين الجودة وخفض مصروفات التشغيل ، لكى يتمكنوا من زيادة فرص المنافسة فى الأسواق العالمية ، إذا أرادوا زيادة أرقام التصدير ، وإنتاج بدائل الاستيراد ، خاصة مستلزمات الإنتاج الوسيطة اللازمة لتوطين الصناعة.
وفى ذات النطاق والأهم مرحلياً ، مطلوب من الصناع والمنتجين للسلع والخدمات أن يقتنعوا أن سوقهم الأول والأخير ، الضامن لاستمرار أنشطتهم حالياً ومستقبلاً ، هو السوق المصري ، الذى يضم أكثر من 100 مليون مستهلك ، فإذا لم يستشعر مجتمع هذا السوق أن مثل تلك المبادرات سوف تمتد آثارها إليه ، متمثلة فى خفض أسعار السلع وتحسن جودتها ، فسوف يجف الطلب المشتق من هذا السوق تدريجياً ، ووقتها لن تنفع أية مبادرات لإعادة تنشيطه ، وسيكون أكبر الرابحين خاسراً .
هناك أيضاً ما نتوقعه من أن تقرر لجنة أسعار الطاقة فى اجتماعها القادم تثبيت أسعار السولار ، ذلك العنصر المهم من عناصر الطاقة ، والمسئول عن تسعير سلسلة كبيرة من المنتجات والخدمات ووسائل النقل ، ومعظمها يدخل فى تركيبة السلع التى يُبنى على تغيرات أسعارها تغيرات المعدل الشهري والسنوي للتضخم.
واستمرار تثبيت أسعار السولار سوف يساعد بالتأكيد على استقرار أسعار حزمة منوعة من السلع والخدمات ، ويساعد على السيطرة على معدلات التضخم ، والتخفيف عن كاهل المواطنين خاصة من حدة موجات الغلاء .. هكذا استنتجت تلميحا من تصريح رئيس الوزراء إبان زيارته لأرض الفيروز سيناء .
وكانت هناك أيضاً توجيهات الرئيس المهمة بخصوص أسعار شراء القمح ، فرغم انخفاض أسعار القمح عالميا لمستويات أقل مما كانت عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية ، إلا أن الحكومة قررت رفع سعر شراء أردب القمح لهذا الموسم من المزارعين المصريين وبنسبة جيدة ، بحسب التصريح الاستباقي لرئيس الوزراء ، وبذلك تضرب الحكومة عصفورين بحجر واحد ، الأول زيادة دخل المزارع وتعويضه نسبياً عن ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج وتحفزه للاستمرار فى التوسع فى زراعة القمح مستقبلاً وصولا للإقتراب من الإكتفاء الذاتى ، والثانى التوفير فى فاتورة الاستيراد وخفض الحاجة لدولار القمح ، و”عُقبال” دولار الذرة ، ودولار فول الصويا والزيوت وكل دولارات الاستيراد .
فى تصورى أن الأيام القادمة سوف تحمل أخباراً وإجراءات سارة وجديدة ، بعضها من خارج الصندوق.
محمد عبد العال
خبير مصرفي