ما هو القرار الذي يمكن أن يتخذه البنك المركزي المصري بشأن الفائدة اليوم؟

أصوات تدعم استمرار صانع السياسة النقدية في التشديد وأخرى تتوقع هدنة لالتقاط الانفاس ودراسة الموقف بعد الزيادات الكبيرة الأخيرة

تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري ، اليوم الخميس ، أول اجتماع لها في 2023 لبحث مصير أسعار العائد الأساسية لدى المركزي ، والتي تعد المؤشر الأبرز لاتجاه أسعار الفائدة على الجنيه في الأجل القصير.

يأتي اجتماع اللجنة هذه المرة وسط تباين في توقعات الخبراء وبنوك الاستثمار حول القرار المرتقب للجنة ، حيث تدعم بعض الأصوات استمرار صانع السياسة النقدية في التشديد وإجراء زيادة أخرى كبيرة لأسعار الفائدة لاحتواء التضخم ، وأصوات أخرى تتوقع هدنة لالتقاط الأنفاس ودراسة الموقف بعد الزيادات الكبيرة التي تم إجراؤها في الآونة الأخيرة.

وكانت لجنة السياسة النقدية قد عقدت 8 اجتماعات خلال عام 2022، تم خلالها زيادة أسعار الفائدة على الجنيه بنحو 8% ، منها 1% في 21 مارس ، و2% في 19 مايو ، و2% خلال الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته في 27 أكتوبر ، والذي جاء مصاحبا لقرار العمل بسعر الصرف المرن ، وأخيرا الـ 3% التي أقرتها في 22 ديسمبر 2022.
وتعقد اللجنة في العام الجديد 8 اجتماعات أولها غدا 2 فبراير ، ثم في 30 مارس، و 18 مايو، و 22 يونيو ، ثم في 3 أغسطس و21 سبتمبر، ثم 2 نوفمبر ، والأخير في 21 ديسمبر.
وفي اجتماعها الأخير قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى المركزي بنسبة 3% لتصل إلى 16.25% للإيداع و17.25% للإقراض و16.75% لسعر الائتمان والخصم وسعر العملية الرئيسية لدى المركزي.
وأكدت اللجنة أن مسار أسعار العائد الأساسية لدى المركزي يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليست السائدة ، لافتة إلى أنها ستستمر في السعي نحو تحقيق هدف استقرار الأسعار.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأميركي” قد قرر مساء أمس الأربعاء رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، كما كان متوقعاً على نطاق واسع، بعد أن رفعها 50 نقطة أساس في ديسمبر الماضي في أعقاب 4 زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة ، ليصل بذلك سعر الفائدة القياسي إلى نطاق من 4.50% إلى 4.75%، وهو أعلى مستوى من عام 2007، أي قبل الأزمة المالية العالمية.
وأشارت اللجنة ، في بيان صدر بعد اجتماعها الأول لهذا العام، إلى أنّ التضخّم تباطأ قليلاً، لكنّه لايزال مرتفعاً، ومع ذلك، قالت إنّ المؤشرات الأخيرة تظهر نمواً معتدلاً في الإنفاق والإنتاج.
وتشير التقارير الاقتصادية الأخيرة إلى أن ضغوط ارتفاع الأسعار آخذة في الانحسار، بالتوازي مع تباطؤ النمو الاقتصادي، ما يعطي إشارات على أن الاقتصاد الأميركي يتجاوب مع الزيادات الحادة في أسعار الفائدة، حيث يعمل صانعو السياسة النقدية على ترويض التضخم ، إلا أن سوق العمل التي لا تزال ضيقة، يمكن أن تزيد الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لتمديد إجراءات التشديد النقدي أو إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات تقييدية لفترة أطول.
ويرى البعض أنه من شأن تباطؤ وتيرة رفع الفائدة الأمريكية تخفيف الضغوط على البنك المركزي المصري فيما يتعلق بتحريك فائدة الجنيه.
وكشف البنك المركزي المصري في وقت سابق من يناير الماضي عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي ، المعد من جانبه ، إلى 24.4% بنهاية ديسمبر 2022 ، مقابل 21.5% بنهاية نوفمبر 2022.
أوضح المركزي أن المعدل الشهر للتضخم الأساسي سجل 2.6% بنهاية ديسمبر ، مقابل 2.7% بنهاية نوفمبر 2022 و0.2% بنهاية ديسمبر 2021.
كما كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم السنوي بالمدن إلى 21.3% في ديسمبر2022 ، مقابل 18.7% في نوفمبر السابق عليه ، كما سجل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية 21.9% في ديسمبر 2022 مقابل 19.2% في نوفمبر 2022 ، و 6.5% في ديسمبر 2021.
وكان البنك المركزي المصري قد حدد مستهدفات جديدة للتضخم عند 7% ±2% خلال الربع الأخير من عام 2024 و5% ± 2% في الربع الأخير من عام 2026.
وقال صندوق النقد الدولي ، في بيان له قبل أيام ، إنه تم الاتفاق مع البنك المركزي المصري على مزيد من سياسة التشديد النقدي ، على خلفية الضغوط التضخمية المستمرة بسبب انخفاض سعر الجنيه.
ومن جانبه يتوقع محمد البيه الخبير المصرفي أن تقوم لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري برفع أسعار العائد الأساسية لدى المركزي بواقع 2 إلى 3% خلال اجتماعها اليوم.
أوضح البيه أن هذا التوقع يأتي على خلفية محاولة صانعي السياسة النقدية احتواء الضغوط التضخمية، حيث انعكس التغير في أسعار الصرف على أسعار السلع والخدمات بالأسواق ، وبالتالي على مستويات التضخم العام والتضخم الأساسي خلال الفترة من سبتمبر وحتى ديسمبر 2022، كما اتخذت أسعار العوائد على أذون الخزانة منحنى صعوديا إلى مستوى 20% و 21% ، وهو ما يتيح للبنك المركزي مساحة أكبر لرفع أسعار العائد لديه لتتماشى مع منحنى العائد على أذون الخزانة.
وبحسب البيه فإنه من المتوقع أن تشهد أسعار المواد البترولية ارتفاعات جزئية خلال الفترة القادمة ، بما يعكس ارتفاع أسعارها عالميا، وفقا لبرنامج الحكومة مع صندوق النقد الدولي، مما قد يزيد من وتيرة الضغوط التضخمية.
أوضح أن سحب السيولة في تلك الظروف من خلال رفع أسعار الفوائد قد يكون الأنسب للاقتصاد ، حيث يعمل على تقليل المعروض النقدي من خلال ترشيد قرارات الاقتراض لارتفاع أسعار الفوائد المدينة ، وكذا تشجيع الادخار نظرا لارتفاع أسعار الفوائد الدائنة على الجانب الآخر أيضا ، وهو الأمر الذي يعمل على إعادة التوازن لأسعار السلع والخدمات من خلال خفض الطلب عليها.
أشار البيه إلى أنه فيما يتعلق بمعدل الفوائد المستهدف من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ، فقد ارتفع النطاق المستهدف لسعر الفائدة القياسي من 4.25 % إلى 4.5 % وهو أعلى معدل خلال 15 عاما ، وذلك بغرض مواجهة معدلات التضخم المرتفعة ، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 40 عاما.
تابع أنه في إطار سعي الحكومة والبنك المركزي المصري لاستعادة جذب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية بشكل مضطرد ، بغرض زيادة تدفق العملة الأجنبية في شرايين الاقتصاد الرسمي، فقد تلجأ لجنة السياسة النقدية إلى رفع أسعار الفوائد لتمهيد الطريق لرفع أسعار العائد على أدوات الدين الحكومية، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمر الأجنبي.
يرى البيه أن رفع أسعار الفوائد سيشكل عاملا هاما لتحقيق معدل فائدة حقيقي بالموجب لتتخطى معدلات التضخم الحالية والمعدلات المتوقعة له خلال المدى المتوسط، وهو ما يسهم بشكل إيجابي في زيادة الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية.
و في هذا الاطار يرى البيه أن لجنة السياسة النقدية قد تتجه لرفع أسعار الفوائد الحالية بواقع 200 إلى 300 نقطة أساس مع مراقبة تحركات أسواق المال العالمية، إلى جانب متابعة تدفق الاستثمارات الأجنبية التي أعلن عنها خلال الفترة الماضية، و هي العوامل الرئيسية التي تؤثر على أسعار صرف العملات الأجنبية و تدفقها.
وتوقع بنك إتش إس بى سى أن يرفع البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية على الجنيه 2% فى اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم.
أرجع البنك توقعه هذا إلى توقعات التضخم الذى وصل لأعلى مستوى فى 4 سنوات عند 21.3% فى ديسمبر 2022 ، وتوقعاته بأن يواصل ارتفاعه لنحو 25% فى الربع الأول من 2023، وهو أكثر بنحو 15% عن الحد الأقصى لمستهدفات البنك المركزى.
أكد إتش إس بى سى أن ارتفاع الفائدة سيعطى بعض الدعم للجنيه الذى فقد أكثر من نصف قيمته.
وقالت هبة منير محلل قطاع البنوك والاقتصاد الكلى بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار “نتوقع أن تبقي لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير للسماح للسوق باستيعاب رفع سعر الفائدة بـ 300 نقطة أساس”
تابعت “نتوقع تسارع التضخم ليصل إلى 23.5% في يوليو 2023 قبل أن يتراجع إلى 18.2٪ في ديسمبر 2023، بمتوسط 21.5% خلال عام 2023 ، كما نتوقع أن يبلغ متوسط عائد أذون الخزانة لأجل العام حوالي 20.6% في عام 2023 ، باحتساب معدل ضرائب قدره 15% للمستثمرين الأمريكيين والأوروبيين ، مع الأخذ في الاعتبار توقعاتنا برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس خلال بقية العام”.
وتوقعت إدارة البحوث بالمجموعة المالية هيرمس قيام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري برفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 1.5%خلال اجتماعها اليوم.
وأرجعت هيرمس ذلك إلى احتواء الضغوط التضخمية الناشئة عن تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بنحو أكبر مؤخرا، حيث انخفضت قيمة الجنيه بنسبة 17% تقريبا خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة من شهر يناير الجاري.
وتوقعت هيرمس ارتفاع التضخم لنحو 23% خلال شهر يناير الجاري مقابل 21.3% في ديسمبر 2022 على أن يستمر بالقرب من تلك المستويات خلال الربع الأول من عام 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى