محمد عبد العال يكتب : من الباندا والساموراي إلى السندات السيادية !!
إن الطريق صعب ولكن علينا أن نجتازه بكل الثقة والتفاؤل مهما كانت الصعاب
ليست هذه أسماء لأنواع من السيارات الجديدة سوف يتم استيراد مكوناتها وتجميعها في مصر ، ولكن هي أسماء لسندات دولية ، قد تكون سندات عادية أو خضراء أو سندات تنمية مستدامة أصدرتها أو سوف تصدرها وزارة المالية ضمن إطار برنامجها المقرر لإصدار السندات الدولية هذا العام.
فالباندا هي سندات مصرية ستصدر باليوان في السوق الصينية ، أما سندات الساموراي فهي سندات مصرية أيضاً صدرت فعلا وبيع منها فى إبريل 2022 إصدار أول بقيمة 60 مليار ين ياباني .
ولكن الجديد على الساحة اليوم تحديداً هو قيام وزارة المالية لأول مرة في تاريخ مصر بإصدار سندات سيادية ، حيث تلقت أمس الثلاثاء أوامر الشراء من المستثمرين.
ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها العالم ، ونحن جزء منه ، ورغم أن إحدى كبريات مؤسسات التصنيف الائتماني قامت منذ أسبوعين فقط بتخفيض الجدارة الإئتمانية لمصر من B2 إلى B3مع تعديل النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة ، ورغم ذلك فقد تم تغطية المبلغ المطلوب فى أول صك سيادى وبنجاح فاق كل التوقعات وبقيمة 1.5 مليار دولار ، بزيادة أربعة أضعاف عن المبلغ المطلوب ، وهو ما أدى إلى تخفيض تكلفة العائد لتستقر عند 11% بدلا من 11.625% مع بداية الطرح والذى تم تغطيته فى يوم واحد بدلا من 3 أيام ، وهو ما يدل على مدى الثقة التي يتطلع بها مجتمع الاستثمار الدولي لمصر.
ولكن ما هي تلك الصكوك السيادية الجديدة؟
تقوم فلسفة الصكوك السيادية على أنها أحد أنواع الأوراق المالية المتعارف عليها ، والتي تستخدم في تمويل الاحتياجات المالية في المشروعات أو الحكومات وسد احتياجات الموازنة العامة ، مثلها مثل السندات وأذون الخزانة ، ولكنها تختلف عن السندات وأذون الخزانة من حيث أن الصكوك السيادية تتوافق مع تطبيقات التعاملات المالية الإسلامية.
الصكوك السيادية هي نوع من أوراق الدين العامة تستهدف تحقيق مصالح متنوعة ومتكاملة ، منها تحقيق رغبة الحكومة في استحداث آليات ومصادر تمويلية جديدة لتمويل عجز الموازنة ، و إتاحة المجال لوزارة المالية في استخدام حصيلة الصكوك السيادية فى تمويل المشروعات الاستثمارية والاقتصادية القومية الجديدة أو إعادة هيكلة بعض المشروعات القائمة، كما تساعد على خفض عبء تكلفة وخدمة الدين العام.
كما تتيح تلك الصكوك فرصا لبعض المستثمرين الذين يصرون على البحث عن منتجات استثمارية تتوافق مع مبادئ الشريعة ، وهو ما تتميز به الصكوك السيادية الجديدة وتوفره لهم ، وبالطبع سيساعد ذلك في تحفيز الطلب على الإصدارات الحكومية من الأوراق المالية وأدوات الدين العام بالجنيه المصري أو بالنقد الأجنبي.
على الجانب الآخر يتساءل الناس كيف ستصدر تلك الصكوك؟ ومن الذي سيقيمها ويراقب آداء الشركات المتعاملة فيها؟ ، وكيف ستحدد أسعارها؟ ، وما هو عمر الصك؟ وهل يمكن استرداد قيمته وكيف؟
وباختصار شديد .. يتيح قانون الصكوك الجديد إنشاء شركات تسمى شركات التصكيك السيادي ، وتتولى تلك الشركات إدارة وتنفيذ عملية إصدار الصك وإبرام العقود بصفتها وكيلاً عن ملاك الصكوك ، وستكون هناك لجان متخصصة من الخبراء المعنيين لتقييم قيم حق الانتفاع أو تأجير الأصول التي تصدر الصكوك بناء عليها، وتحديد القيمة السوقية للصك وقيم الاسترداد أو البيع ، كما سيخضع مقدمو الخدمة لرقابة الجهات الرسمية المعنية ، وسيكون الحد الأقصى لاستحقاق الصك مدة لا تزيد عن 30 عاماً ، وعند نهاية عمره يسترد مالكه قيمته وينتهى حق الانتفاع المقرر على الأصول التي اتخذت أساساً لإصداره.
بالطبع سيكون هناك آليات تتوافق مع محددات الشريعة الإسلامية سواء في تحديد سعر الصك عند إصداره لأول مرة أو قيمته السوقية وأسلوب تداوله على مدى عمره ، أو في مراجعة الصيغ والتطبيقات المتوافقة مع الشريعة التي سيتم إصدار الصك على أساسها.
والمهم في هذه النقطة أن نعلم أن حامل الصك سوف يجني ثمار نجاح المشروع الذي موله الصك عن طريق الحصول على أرباح رأسمالية دورية أو في ذات الوقت من الممكن أن يتحمل ويشارك في الخسارة حال حدوثها.
إن الطريق صعب ولكن علينا أن نجتازه بكل الثقة والتفاؤل مهما كانت الصعاب.
محمد عبد العال
خبير مصرفي