محمد عبد العال يكتب عن.. حرب الجنيه المصري!

البنك المركزي المصري هو الجهة المسئولة عن إدارة سياسة سعر صرف الجنيه

البنك المركزي المصري هو الجهة المسئولة عن إدارة سياسة سعر صرف الجنيه ، وكما هو معروف أن سياسته المعلنة هي سياسة مرنة لسعر الصرف ، وأنه ملتزم بذلك بشهادة صندوق النقد الدولي.

إذن ونحن نعيش مرحلة نعاني فيها قصورا فيما نملكه من النقد الأجنبي ، بسبب تداعيات مباشرة وغير مباشرة لصدمتين متلاحقتين فرضت على العالم وعلينا ، وبالتالي يكون من الطبيعي أن نتوقع أن يواجه الجنيه بعض الضغوط ، وفقاً لتغيرات ظروف العرض والطلب ، وهنا يبدأ دور السياسة النقدية والمالية بالعمل على علاج الأمر بسياسات وإجراءات على المدى القصير وأخرى على المدى المتوسط والطويل ، ورغم أن بعض تلك الإجراءات تكون معروفة ومعلنة ، مثل برنامج الطروحات كمصدر للنقد الأجنبى ، وبعضها ممكن أن يكون غير متوقع وغير مُخطط ويكون تأثيره لحظياً ، مثل إمكانية ضخ المركزي مبالغ دولارية عبر سوق الإنتربنك ، وفي كل الحالات يكون الغرض هو تنمية حصائل النقد الأجنبي من جميع المصادر التقليدية أو غير التقليدية.

وفي ذات الوقت تسعى السياسة النقدية والمالية إلى ضغط الاستيراد وقصره على السلع الإستراتيجية ومستلزمات الإنتاج والخامات اللازمة للأنشطة الصناعية والزراعية والأدوية ، ويكون الهدف الأكبر هنا هو محاولة إحداث توازن مرحلي وواقعي بين عرض وطلب النقد الأجنبي ، وصولاً إلى أقصى استقرار ممكن في سعر الصرف.

في تلك الأثناء نجد أن هناك من يتطوع بالترويج والتسويق بإلحاح ومبالغة للإنخفاض المقبل في الجنيه مقابل الدولار ، وإبراز توقعات البنك الفلاني والآخر العلاني ، وتتسابق وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الفضائية بالتركيز على هذا السبق الفريد ، والتوقع المهيب والتعويم القادم ، حتى ولو كانت توقعاتهم تلك لسعر الجنيه بنسب هامشية تم استيعاب تأثيرها المتوقع فعلا في الأسواق من قبل أن تحدث.

المشكلة أن هناك أطراف متعددة حتى ولو كانت ذات مصالح متعارضة إلا أنها تردد مثل تلك الأخبار ليتضاعف تأثير الخبر ككرة الثلج ، لتنتقل إلى منحنيات واتجاهات أخطر تؤثر سلباً على الجو العام للاستثمار في مصر وتقلل من شهية المستثمرين ، وتدفع التجار إلى رفع أسعار السلع والخدمات بدون مبرر فيرتفع التضخم وتنشط الدولرة والمضاربة.

إن أزمات العملات تظهر في معظم دول العالم بين الحين والآخر ، وهي أمر طبيعي ويرعاها – كما قلنا – المسؤولون عن السياسة النقدية والمالية فى البلد ، أما أن نُسلم آذاننا إلى من لا مصلحة لهم فهذا قد يهدد مركز ومسيرة وقيمة عُمْلَتنا ، وهو الأمر الذي يعظم من التأثيرات السلبية الحادة التي يمكن أن ينتج عنها مضاعفات مشتقة ، مثل ارتفاع فاتورة الاستيراد ، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات وارتفاع معدلات التضخم وتآكل القوة الشرائية لغالبية الناس.

صحيح أن الجنيه المصري يواجه ضغوطا بسبب عوامل اقتصادية ولكن لا يجب أن نُشكل نحن المواطنين قوة ضغط أخرى إضافية وغير مطلوبة وغير مبررة ، وتكون ذات تأثير نفسي ضار على استقرار سعر الصرف أكبر بكثير من ضرر العوامل الاقتصادية البحتة.

إن حرب الشائعات الاقتصادية ، وإعادة تدوير وإبراز التقارير التي تحمل ظلالا قاتمة وموجات التشاؤم عن الاقتصاد المصري وإغفال الإيجابيات التي تحققت وتتحقق يوميا على أرض الواقع يمكن أن تُشكل حائط صد ومقاومة لجهود الدولة القائمة على كل الجبهات للحد من أو لإنهاء حالة القصور المرحلي في حصائلنا ومواردنا من النقد الأجنبي.

محمد عبد العال

الخبير المصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى