محمد عبد العال يكتب .. الرابحون والخاسرون من رفع الفائدة!

ما يهمنا في هذا الخصوص هو مدى الضرر أو النفع المتوقع على المواطن العادي

عملية رفع الفائدة كأحد أدوات السياسة النقدية لمقاومة ظاهرة التضخم هي في حد ذاتها سلاح ذو حدين ، حيث يمكن أن تترك آثارا مباشرة أو غير مباشرة ، إيجابية أو سلبية ، متسقة أو متعارضة ، وفقاً لطبيعة مصالح ونوعية التعامل في مجتمع الأعمال والمنتجين وكافة الأنشطة الإقتصادية ، وأيضا المدخرين وأصحاب الودائع والشهادات ، والمقترضين بمختلف أنواعهم.

وبعبارة أخرى يفرز قرار رفع الفائدة مجموعات من الرابحين، و مجموعات أخرى من الخاسرين.

وما يهمنا في هذا الخصوص هو مدى الضرر أو النفع المتوقع على المواطن العادي؟

إذا تحقق الهدف الرئيسي من رفع الفائدة وهو خفض التضخم واستقرار الأسعار ، فإن ذلك يعني ارتفاع القوة الشرائية للجنيه ، وبالتالي زيادة دخل المواطن الحقيقي.

كما أن هناك علاقة طردية بين معدل التضخم وسعر الصرف ، وبالتالي في حال انخفاض التضخم فإنه حتما في ظل السياسة المرنة لسعر الصرف سوف يتحسن سعر الجنيه ، فتنخفض فاتورة الاستيراد ، وتنخفض تكلفة إنتاج وأسعار بيع السلع والخدمات إلى المستهلكين.

على الجانب الآخر يستفيد القطاع العائلي من ارتفاع سعر الفائدة ويعوضهم عن انخفاض دخولهم الحقيقية.

كما تُقلص عملية رفع الفائدة من العائد السلبي نتيجة الفرق بين عائد أذون وسندات الخزانة وبين معدل التضخم القائم.

ويستفيد صغار المدخرين والمودعين وأصحاب المعاشات من كل رفع للفائدة على مدخراتهم في البنوك التي تتمتع بالعائد المرتفع والأمان التام من كل أنواع المخاطر.

إذن المواطن العادي الغير مُقترض من البنوك أو الشركات المالية غير المصرفية هو أول المستفيدين من أي سياسة إنكماشية تستهدف التضخم.

وعلى العكس تماما سوف يتضرر جميع المواطنين الذين يقترضون من المصارف أو شركات التمويل بأنواعها أو القروض التي تمول مشترياتهم العقارية أو السيارات أو قروض شخصية وبطاقات ائتمان ، حيث ترتفع تكلفة فوائد القروض تلقائيا بذات مقدار الرفع البالغ 2%.

كما سترتفع أسعار جميع أنواع السلع المنتجة محليا أو المستوردة عبر شركات إنتاجية أو شركات تجارة دولية كبرى ، بشرط أن تكون معتمدة بنسبة كبيرة على القروض من البنوك لتمويل الاحتياجات الرأسمالية والتشغيلية.

أما شركات التمويل الأصغر ومتناهية الصغر فلن تتضرر نسبيا ، لثبات أسعار تمويل قروضها في نطاق المبادرات القائمة ، كما يمكن للشركات الصناعية والزراعية الكبرى الإستفادة من مبادرة الدولة الجديدة للتمويل بسعر مميز 11% ، وبالتالي لن تتأثر نسبياً من الرفع الحالي.

أما الشركات الكبرى التي لا تعتمد على الإقتراض من البنوك في تمويل دورتها الإنتاجية فهذه الشركات ستتحسن درجة تنافسيتها السعرية ، وسوف تستحوذ على حصص سوقية أكبر.

كما نتوقع ارتفاع العائد على أذون الخزانة والسندات خلال عطاءات الأسابيع القادمة ، وهو الأمر الذي سوف يساعد على توقع عودة تدفق الاستثمار الأجنبى غير المباشر في أوراق الدين الحكومية ، وزيادة أرصدة النقد الأجنبي وإتاحة فرص أكبر لفتح الاعتمادات وتحقيق سرعة انسياب الإفراجات الجمركية للسلع والخامات والحبوب ، مما يتيح خفض أسعارها ، وكل ذلك سيترك نتائج إيجابية سواء في استقرار الأسعار أو في دعم سعر صرف العملة الوطنية.

من غير المتوقع أن تتأثر البورصة المصرية لأن التأثير قد حدث فعلا استباقيا ، نتيجة توقع المستثمرين مسبقاً قرار الرفع ،

بالإضافة إلى التأثير الإيجابي المتوقع على البورصة مع بداية تفعيل برنامج الطروحات.

ومع ثبات العوامل الأخرى المؤثرة فى سعر الذهب محليا نتوقع أن تنعكس زيادة الفائدة في سعر الذهب نتيجة ارتفاع تكاليف تمويله وأيضا تغيرات سعر الصرف.

 

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى