صندوق النقد العربي يؤكد أهمية مواصلة العمل على تحسين مؤشرات الشمول المالي
رغم التقدم المحرز في هذا الشأن فلا تزال الفرص كبيرة للمؤسسات المالية والمصرفية لتحسين الوصول للخدمات المالية واستهداف الفئات غير المشمولة ودمج القطاع غير الرسمي
أكد الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي على أهمية ودور الشمول المالي في مواجهة التحديات الاقتصادية التي تؤثر على النمو الاقتصادي، وذلك من خلال حشد الموارد لزيادة معدلات الادخار والاستثمار ، وخلق فرص عمل جديدة.
أشاد الحميدي بالاهتمام المتزايد الذي باتت تحظى به القضايا المتعلقة بتعزيز الشمول المالي من قبل صانعي السياسات في الدول العربية، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على مواجهة تحديات الفقر والبطالة وإرساء العدالة الاجتماعية ، منوها بجهود البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية، الحريصة على مواصلة إيلاء الأهمية اللازمة لقضايا تحسين الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المالية ذات الجودة بتكاليف مقبولة، ومنحها الأهمية والأولوية المناسبتين في إطار السياسات الاقتصادية المتخذة، وتعزيز الوعي بالتغير المناخي وأثره على الاستقرار المالي، وتطبيق متطلبات التمويل المسؤول، وتعزيز الثقافة المالية الخضراء، ودعم قطاع التمويل الأخضر والمشاريع الخضراء، والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة في تقديم الخدمات المالية.
وبحسب بيان لصندوق النقد العربي ، فإن تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية في الدول العربية يحظى باهتمام كبير من قبل مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إدراكاً منه للفرص الكامنة والكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلال تعزيز الشمول المالي لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ومواجهة تحديات البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
أكد أنه لا شك أن تعزيز الشمول المالي يلعب دوراً مهماً في دعم جهود مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، من خلال تمكين عملاء القطاع المالي من التعامل مع المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية وتعزيز قدرتهم على التعافي من آثار التغيرات المناخية، وهذا بدوره يساهم في التنمية الشاملة والمستدامة، بالتالي سلامة ومتانة القطاع المالي ، مشيرا إلى ضرورة تبني السياسات المتعلقة بتغير المناخ في إطار الاستدامة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 للأمم المتحدة والمبادئ التوجيهية لاتفاقية باريس، الأمر الذي يحظى باهتمام متزايد من المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
تابع ، أنه إدراكاً لذلك رأى مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إحياء اليوم العربي للشمول المالي، الذي ينعقد يوم 27 أبريل من كل عام، تحت شعار “تعزيز الشمول المالي لدعم جهود مواجهة تداعيات تغيرات المناخ” لفعاليات عام 2023.
أكد الصندوق أنه من المهم مبادرة القطاع المالي والمصرفي بتعزيز قدرته على التعامل مع الصدمات المرتبطة بالمناخ ، وتعزيز الوعي بمفهوم تداعيات التغيرات المناخية وتعميق ثقة المستهلك في المؤسسات المالية للحد من الآثار السلبية لهذه التغيرات في المنطقة العربية.
أشار إلى ان البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية تحرص على دعم جهود المجتمع الدولي في تعزيز التمويل الذي يراعي الاعتبارات المناخية والتنمية المستدامة بصفة عامة ، ويأتي في المقدمة دعم تطبيق أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة وصلتها الوثيقة بمواضيع التغير المناخي، ودعم جهود مجموعة العشرين التي تبنت محور الشمول المالي كأحد المحاور الرئيسة لدعم أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار المالي، حيث تولي مجموعة العشرين اهتماماً خاصاً بدعم وصول الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى الخدمات المالية، إلى جانب الاهتمام بالتوعية والتثقيف المالي المجتمعي اللذان يعززان من فرص نجاح الجهود والسياسات في هذا الشأن.
أضاف أنه في سياق متصل، تمثلت إحدى الأولويات المهمة لمؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين للتغير المناخي الذي عُقد في مصر، في تأمين التمويل اللازم لتلبية متطلبات أهداف المناخ، ومن المرجح أن تناقش الدول المشاركة طرق تسريع وتعزيز الجهود العالمية للتخفيف من آثار تغيرات المناخ والتكيف معها في المؤتمر الثامن والعشرين الذي سيُعقد في الإمارات العربية المتحدة ، كما انه في نفس السياق، تؤكد “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” الصادرة عن المملكة العربية السعودية على الالتزام بجهود الاستدامة الدولية من خلال وضع خارطة طريق طموحة ذات معالم واضحة تعمل على تحقيق جميع المستهدفات العالمية.
وبحسب الصندوق تدرك البنوك المركزية العربية التداعيات والتحديات الكبيرة للتغيرات المناخية، حيث تسعى إلى وضع السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي للتكيف مع ظاهرة التغير المناخي ، مشيرا إلى أنه يُمكن للدول العربية أن تعمل على تطوير وتكامل خطط العمل القُطرية القابلة للتطبيق والمستدامة، التي تساهم في تحفيز النمو وبناء اقتصادات خضراء مستدامة وشاملة ومرنة.
أكد صندوق النقد العربي أنه يولي اهتماماً كبيراً بقضايا تطوير القطاع المالي ذات الأولوية، خاصة على صعيد مواجهة تداعيات التغيرات المناخية والتمويل الأخضر والمستدام، بهدف المساهمة في دعم جهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والاستقرار المالي في الدول العربية.
أوضح الصندوق أنه في هذا الصدد قامت البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية بتبني المبادئ الارشادية التي صدرت عنه حول كيفية تعاملها مع تداعيات الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ على النظام المصرفي والاستقرار المالي ، كما نظّم الصندوق عدداً من ورش العمل عالية المستوى والدورات التدريبية، إضافةً إلى إعداد دراسات وأوراق عمل في هذا المجال ، لافتا إلى المؤتمر الذي نظمه حول دعم الانتقال للاقتصاد الدائري للكربون لتحقيق التنمية المستدامة، كونه يدعم تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون المُراعي للجوانب البيئية فضلاً عن تعزيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية.
في سياق متصل، وحسب تقديرات صندوق النقد العربي، بلغت إصدارات الدول العربية من السندات والصكوك الخضراء المُرتبطة بالأنشطة المُستدامة سواء السيادية أو التي يطرحها القطاع الخاص مقدار 5.5 مليار دولار في عام 2022.
تابع أنه في إطار الأهمية المتزايدة التي باتت تكتسبها قضايا التغيرات المناخية وأثرها على القطاع المالي والمصرفي، يُثمن المجلس ما تتضمنه مبادرة الشمول المالي للمنطقة العربية من أنشطة تركز على التمويل الأخضر ودور المؤسسات المالية والمصرفية في توجيه رواد الأعمال إلى مشاريع واستثمارات مستدامة، وما توليه المؤسسات الشريكة في المبادرة من اهتمام لتعزيز الوعي بمفهوم تداعيات التغيرات المناخية، وتشجيع المنتجات التي تأخذ في الاعتبار البعد البيئي والمراعية للمناخ.
أكد الصندوق اهتمام فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية بالقضايا المتعلقة بالتغيرات المناخية والحد من آثارها السلبية، من خلال تطوير السياسات والإجراءات المتعلقة بتعزيز الشمول المالي والارتقاء بمؤشراته، والعمل على مساعدة الدول العربية على تطبيق المعايير والمبادئ الدولية، وتعزيز التعاون بين مختلف المؤسسات والجهات الوطنية المعنية بقضايا الشمول المالي وبينها وبين المؤسسات الدولية ذات العلاقة.
كما اكد أن هناك حاجة لمواصلة العمل على تحسين مؤشرات الشمول المالي، حيث إن إحصاءات البنك الدولي لعام 2021 تشير أن نسبة السكان الذكور البالغين في الدول العربية الذين تتوفر لهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، قد ارتفعت في المتوسط إلى 48% ، و31% بالنسبة للنساء، و32% على صعيد الفئات محدودة الدخل.
أشار إلى أنه رغم التقدم المحرز، لا تزال الفرص كبيرة، خاصة للمؤسسات المالية والمصرفية، لتحسين الوصول للخدمات المالية في المجتمعات العربية، واستهداف الفئات غير المشمولة مالياً، ودمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الوطني من خلال تبني السياسات المناسبة.
في هذا السياق، وجب التنويه بجهود الدول العربية التي قامت بتطبيق النموذج الشامل للمسوحات الإحصائية في مجال الشمول المالي، والتأكيد على أهمية متابعة تطبيقه في بقية الدول، بما يساعد على الارتقاء بجودة مؤشرات الشمول المالي وفقاً لأوضاع كل دولة.
أشار إلى أنه في إطار استمرار الجهود التي قامت بها البنوك المركزية والبنوك التجارية والمؤسسات المالية الرسمية العربية في السنوات الماضية، لإحياء اليوم العربي للشمول المالي والتنظيم المتميز للأنشطة والفعاليات في هذا اليوم، بما ساهم في نشر الوعي والتثقيف المالي بين كافة أفراد المجتمع، فقد أصبح من الأهمية بمكان تعزيز إحياء فعاليات هذا اليوم وتوسيع نطاق المشاركة المجتمعية فيه، ذلك بتنفيذ الفعاليات والأنشطة التي تعمل على تعزيز المعرفة بمفهوم تداعيات التغيرات المناخية وقضايا التمويل الأخضر المستدام ، كما تتطلع البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى مشاركة السلطات الإشرافية الأخرى، وفي مقدمتها وزارات المالية وهيئات أسواق المال وهيئات الإشراف على التأمين وجمعيات البنوك وجميع المؤسسات المالية الأخرى في إحياء فعاليات اليوم العربي للشمول المالي لعام 2023.