أبرز رسائل محافظ البنك المركزي المصري خلال الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإفريقي بشرم الشيخ
حسن عبدالله : مصر لديها برنامج متكامل يتمتع بالإفصاح والشفافية التامة لجذب القطاع الخاص
أؤكد “كمواطن” أن دخول الحكومات جاء لتحقيق التوازن الاقتصادي بعد عام 2011 وأتوقع مشاركة غير مسبوقة للقطاع الخاص مرة أخرى
وأكد عبد الله على ضرورة تحفيز القطاع الخاص لتنفيذ استثمارات مباشرة بدلًا من الاعتماد على القروض مرتفعة الأعباء
لا بد من توفير فرص تمويلية طويلة الأجل بتكلفة منخفضة تشجع على جذب الاستثمارات الخاصة للقارة
الأمر يتطلب تشجيع القطاع الخاص على توجيه المزيد من استثماراتهِ للمشروعات صديقة البيئة
يجب التحول من الاستثمارات القائمة على أدوات الدين إلى الاستثمارات الفعلية في رأس المال وتعزيز الشَرَاكة بين القطاعين العام والخاص
وجه حسن عبدالله محافظ البنك المركزي المصري ورئيس مجلس محافظي مجموعة بنك التنمية الإفريقي عددا من الرسائل المهمة خلال الاجتماعات السنوية للمجموعة التي اختتمت فعاليتها أمس الجمعة بمدينة بشرم الشيخ.
وأكد عبدالله أن مصر توفر بيئة تتمتع بدرجة غير مسبوقة من الشفافية والوضوح والإفصاح لجذب القطاع الخاص للاستثمار في الاقتصاد المصري، الذي يتمتع بدرجة عالية من الاستقرار.
أوضح عبدالله أن التحدث عن إلتزام الحكومة بزيادة مشاركة القطاع الخاص بالاقتصاد المصري ليس من اختصاص البنك المركزي الذي يرأسه، ولكنه بصفته “مواطن مصري” يؤكد على تمتع القطاع الخاص على مدار عقود ماضية بحصة حاكمة في إجمالي الناتج المحلي تتراوح ما بين 70 إلى 80%، وذلك حتى عام 2011.
أكد أن البلاد شهدت بعد عام 2011 حالة من إحجام القطاع الخاص عن وضع أية استثمارات إضافية في مصر، مما دفع الدولة إلى ضخ الاستثمارات للحفاظ على توازن واستقرار اقتصاد البلاد.
وأوضح أن هناك برنامج كامل لجذب القطاع الخاص يتمتع بتوفير كافة الإجراءات التي تتميز بالشفافية والإفصاح وسرعة الإجراءات من قبل الحكومة المصرية سوف يتم تنفيذه قريبًا، سيضمن ليس فقط طرح 32 شركة للاستثمارات الخاصة بإجمالي 40 مليار دولار، ولكن ستتجاوز استثمارات القطاع الخاص هذا المستهدف بشكل ملحوظ، نظرًا لاستقرار السوق، وتنفيذ البرنامج غير المسبوق لضمان دخول القطاع الخاص بإجراءات منضبطة تحقق المصلحة لجميع الأطراف.
وكان عبد الله يتحدث خلال مشاركته في الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإفريقي لعام 2023، والتي استضافتها مدينة شرم الشيخ مؤخرا ، والتي تطرقت لمجموعة من الموضوعات المهمة ، منها طرح رؤية كاملة لاجتذاب القطاع الخاص والتوسع في العمل بالقارة السمراء، وفقًا للمعايير الاستثمارية الحقيقية القائمة على دراسات الجدوى وتحقيق الأرباح، وليس من منطلق المسؤولية الاجتماعية، وذلك في ظل ما تتمتع به دول أفريقيا من فرص تنافسية وغير مسبوقة وعوائد مرتفعة على رؤوس الأموال المستثمرة.
وطالب محافظ البنك المركزي بضرورة العمل على توفير آليات لتشجيع التوسع في الاستثمارات الخاصة بإفريقيا، والحد من المخاطر التي تواجه المستثمرين، مع بذل المزيد من الجهد لفتح آفاق استثمارية أكثر ربحية، مع الأخذ في الاعتبار أن القطاع الخاص يضع هامش العائد على استثماراته ضمن أهم أولوياته.
وأكد عبد الله على ضرورة تحفيز القطاع الخاص لتنفيذ استثمارات مباشرة بدلًا من الاعتماد على القروض مرتفعة الأعباء، وذلك من خلال توفير البيئة الداعمة التي تضمن للمستثمرين أن يغطي العائد على رأس المال كافة المخاطر المحتملة، خاصة في ظل تمتع القارة الأفريقية بفرص ومزايا تنافسية هائلة في كافة القطاعات.
كما أشار إلى الدور الحيوي الذي تلعبه مؤسسات التمويل متعددة الأطراف في التوعية، معربا عن تطلعه لقيام تلك المؤسسات بدور فعال في حشد رؤوس أموال القطاع الخاص، عبر تقديم المساعدات الفنية وتمويلات ميسرة وطويلة الأجل، كذلك توفير آليات جديدة للتمويل كتقديم الضمانات، بما يضمن تحقيق عائد مرتفع يلبي تطلعات المستثمرين وطموحاتهم.
وأوضح محافظ المركزي أنه كمواطن مصري يرى أن القطاع الخاص المصري كان يتمتع دائمًا بالقوة، فالدولة تسانده وتشجعه على التوسع بشكل مستمر، وهناك مساعٍ حثيثة لتوسيع قاعدة ملكية هذا القطاع عبر برنامج للطروحات الحكومية، وذلك في إطار خطة وطنية واضحة تتسم بدرجة عالية من الشفافية.
وقال حسن عبد الله ، والذي يشغل منصب رئيس مجلس محافظي مجموعة بنك التنمية الإفريقي ، إن القارة الإفريقية تتمتع بأعلى عائد على الاستثمار في العالم أمام القطاع الخاص، كما تمتلك فرص استثمارية هائلة وغير مسبوقة أمام المستثمرين، مشيرًا إلى أن هذه الإمكانات تؤهل القارة لاجتذاب رؤوس الأموال الخاصة والاستثمارات الدولية للعمل داخل دولها بناءًا على أسس الاستثمار المتعارف عليها مثل الربحية والعائد على رأس المال، وليس من منطلق المسؤولية الاجتماعية.
شدد عبدالله على أهمية توفير آليات الحد من المخاطر التي تعيق التوسع في استثمارات القطاع الخاص بإفريقيا، مع إيجاد فرص تمويلية تتناسب مع ظروف دول القارة الإفريقية، وذلك من حيث آجال الإقراض الطويلة، والتكلفة المنخفضة للفوائد، بهدف تشجيع جذب الاستثمارات الخاصة، وتعزيز تدفقات رؤوس الأموال للنهوض باقتصاديات المنطقة، والاستفادة من الفرص التنافسية القوية التي تطرحها الدول الإفريقية.
توقع أن يساهم توفير العوامل المحفزة لجذب الاستثمارات الخاصة بالقارة الإفريقية وتوافد القطاع الخاص للاستثمار بدول القارة ، في جعل إفريقيا بمقدمة القارات تحقيقًا لمعدلات النمو، وذلك لما تمتلكه من موارد تؤهلها لتحقيق ذلك.
وبحسب عبد الله فقد تزامن انعقاد الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقي هذا العام مع ظُهور العَديد من المُستجدات والتحديات على جميعِ الأصعدة، ومن أبرزها اضطراب أداء القطاعات المالية، واستمرار ارتفاع الضغوط التضخمية، وتزايد حِدّة الاضطرابات الجيوسياسية، فضلًا عن تداعيات أزمة وباء “كوفيد – 19”.
أشار إلى أن القارة الإفريقية لم تَكُن بِمنأى عن تلك التحديات، التي أدت إلى تزايد الضُغوط على اقتصادات دول القارة، لتزداد فجوات التمويل اتساعًا مع تراجع حجم المساعدات الدولية واضطراد أعباء الديون، وتزايد تكاليف برامج وإجراءات الحماية الاجتماعية ، وهو الأمر الذي نَتَجَ عنه بلا شك انحسار قدرة حكومات تلك الدول على تنفيذ خططها التنموية التي تأخذ بعين الاعتبار البُعد البيئي، وصولًا إلى بلوغ هدف استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أشار إلى أن تحقيق الطموحات التنموية يُؤكد على أهمية الدور المَنُوط بمؤسسات التمويل الإقليمية والدولية المًعنية بقضايا التنمية داخل القارة ، وعلى رأسِها مجموعة بنك التنمية الإفريقي الذي يلعب دورًا محوريًا لتعزيز ثقة مُستثمري القطاع الخاص، وهو الأمر الذي يفرضُ ضرورةَ النظرِ في إيجاد آلياتٍ وأدواتٍ تمويلية جديدة ومُبتكرة، تستهدف تعزيز قُدرات الدول الإفريقية في مواجهة تلك التحديات، سعيًا إلى تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
أشار إلى أنه في عام 2020 بلغ حجم التدفقات المالية المحلية والدولية المُخصصة لمواجهة تَغيُّـر المناخ في القارة الإفريقية ما قيمته حوالي 30 مليار دولار فقط، وهو ما لا تتجاوز نسبته 12% من حجم التمويل المطلوب الأمر الذي يعكس حجم الفجوةِ التمويلية التي تواجهها دول القارة في هذا المجال.
أكد محافظ البنك المركزي أنه في ظلِ الضغوط التي تُعاني منها معظم موازنات دول القارة ، فإن الأمر يتطلب تشجيع القطاع الخاص على توجيه المزيد من استثماراتهِ إلى المشروعات صديقة البيئة، والتحول من الاستثمارات القائمة على أدوات الدين إلى الاستثمارات الفعلية في رأس المال، وتعزيز الشَرَاكة بين القطاعين العام والخاص.
أوضح أنه فيما يتعلق بمؤسسات التمويل الإقليمية والدولية فإنه قد يكون من المُناسب أن تَنظر تلك المؤسسات في اتِّباع نهجٍ جديدٍ لِمُسَاندة دول القارة الإفريقية، بحيث لا ينحصر دورها في تقديم القروض وما تفرضه من أعباء متزايدة على اقتصاداتِ دُول القَارة، وإنما العمل على زيادة تدفق قنواتها التمويلية تجاه تشجيع الاستثمارات في المشروعات البيئية والتنموية التي تُعزِّز التنمية المُستدامة.
تابع : أنه مِن مُنطلق الاحتياجـات الحاليــة لـدول القارة، وإيمانًـا بالدورِ المهم الذي تَلعَبُه مؤسسات التمويل الإقليمية أرى إمكانية أن تَتَبنى هذه المؤسسات رسـالةً واضحةً تَقضِي بتجنب التوسع في الإقراض مُرتفع التكلفة وتوجيه الجانب الأكبر من برامجها التمويلية نحو تشجيع الاستثمارات المباشرة في دول القارة.
أشار محافظ المركزي إلى إنَّ مِصرَ جزءٌ لا يتجزأ من تلك التفاعلات الإقليمية والعالمية ، وبالتالي فإن تلك التطورات والمتغيرات المعاصرة، كان لها بالغ الأثر على العديد من المُعطيات المالية والاقتصادية المحلية.
أكد عبد الله أن جميع المسئولين في مصر تتكاتف جُهودهم الراميةِ إلى اتخاذِ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بالحد من الآثار السلبية لتلك المتغيرات ، وهو الأمر الذي يَتوافق ويَتسق مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أشار في الجلسة الختامية للمؤتمر الاقتصادي لمصر 2022 إلى أنه على كُلِ مَسئولٍ أن يَنظر إلى المستقبل حتى يتخطى التحديات وأن الدولة المصرية مُستعدة لتقديم كُل الدعم المُمكن للمستثمرين.