محمد عبد العال يكتب.. آلية رفع الفائدة بين الضرر والضرورة !!

في تصوري أن معدل التضخم المصري ، قد فقد حالياً خاصية التفاعل مع توجهات رفع الفائدة  

بعد معاودة ارتفاع معدل التضخم الأساسي الى 40.31% عن شهر مايو الماضى ، أي تلامسه مع مستواه التاريخي غير المسبوق ، تتجه بعض التوقعات إلى احتمالات رفع الفائدة من جانب لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي المصري في اجتماعها الخميس المقبل.

ولكن في تصوري أن معدل التضخم المصري ، قد فقد حالياً خاصية التفاعل مع توجهات رفع الفائدة ، فبعد دورة طويلة من التشديد النقدي على مدى خمسة عشر شهرا تم خلالها رفع الفائدة بمقدار ألف نقطة أساس ( 10%) ، ورغم ذلك لم يتقلص معدل التضخم ، وما زال قابعا بعيدا عن مستهدفه وهو 7%+ أو -2% حتى نهاية عام 2024.

ليس معنى هذا أن السياسة النقدية قد جانبها الصواب خلال الفترة الماضية ، العكس هو الصحيح ، لأن سياسة رفع الفائدة في الحقبة الماضية ، كانت ضرورة حتمية ، ونجحت في أن تكون سياسة مرنة على جانبي امتصاص السيولة ( عناصر كمية وسائل الدفع ) وتقليص حجم عناصرها في حدود معقولة ، الأمر الذي أدى إلى نقص السيولة المتاحة للإنفاق ، وبالتالي خفض جانب الطلب ، ومن ناحية أخرى أتاحت للبنوك إصدار شهادات ادخارية بأسعار فائدة فائقة التميز ، لتعويض مدخرات القطاع العائلي نسبياً عن معدلات التضخم المرتفعة.

ولكن سياسة رفع سعر الفائدة كما أن لها نقاط تميز لها أيضا نقاط ضعفها ومخاوفها العكسية.

ويشير واقع الأمور أن معالجة أسباب التضخم الآن لا يجب أن تعتمد على آليات رفع الفائدة فقط ، حيث نجد أن سعر الصرف فى ظروفنا الحالية هو صاحب التأثير الأكبر والمباشر والمتبادل على معدلات التضخم ، وأن معالجة أسباب الضغوط الحالية على سعر الصرف ووقف استمرار وتكرار تخفيض الجنيه المصري مقابل الدولار ، هو أحد أهم المفاتيح لاحتواء معدلاته المرتفعة الحالية.

وبعبارة أخرى لكى تنجح أداة رفع الفائدة محلياً في احتواء التضخم لابد من السعى أولا لتحقيق استقرار سعر الصرف.

إن ظروفنا ومشاكلنا في مصر مختلفة عن ظروف ومشاكل دول أخرى تحارب التضخم برفع الفائدة.

إن التركيز على سياسة رفع الفائدة بأكثر مما هى علية الآن ، قد لا يجدي نفعاً على المستوى الاقتصاد الكلي في شقيه النقدي والمالي.

وفي تصورى أن لجنة السياسة النقدية في اجتماعها القادم قد ترى أن بتثبيت الفائدة هو أفضل الحلول في المرحلة الحالية.

محمد عبد العال

خبير مصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى