محمد عبد العال يكتب .. سعر الصرف بين المرونة والخطوط الحمراء!!
نتوقع ألا يكون هناك خفضاً أو تعويما مرتقباً للجنيه المصري على المدى القصير والمتوسط
التوجه الحكيم والشجاع والاستراتيجى الذي أفصح عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماعه مع شباب الإسكندرية مؤخراً ، والذي أوضح فيه أن سياسة التعويم المستمر للعملة الوطنية قد تكون غير مناسبة إذا تعارضت مع مصالح الناس وأوضاعهم الاجتماعية ، وأن هذا التعارض هو خط أحمر.
هذا التوجه الجديد وضع كل المراقبين المحليين والدوليين للسياسة النقدية المصرية في حيرة وتوجس بالغين ، ولكن كانت رسالة الرئيس لكل العالم واضحة وحاسمة ، ومضمونها أن نظام التعويم الكامل الحر ليس بالضرورة أن يكون هو أفضل النظم التي تتوافق مع ظروفنا الصعبة الحالية ، فكل دولة لها نظمها وظروفها الإقتصادية والمالية والنقدية.
وفي تقديري أنه من المتوقع أن يكون هناك ردود أفعال على كافة المستويات الدولية والمحلية حول رسائل الرئيس منها:
أولا – مع صندوق النقد الدولي ، نتوقع أن يكون هناك تفاهمات مشتركة ، قد تدور على التقدير المتبادل للإنجازات التي حققتها مصر حتى الآن ، في ظل دعم الصندوق والتجربة الرائدة التي تستوجب الاستمرار في دعم مصر لمواجهة تداعيات الصدمات الخارجية الصعبة ، والتي لم تكن متوقعة ، وحيث أنه من أهم أهداف الصندوق هو تحقيق الاستقرار الاجتماعي في الدول التي يتعاون معها ، فهناك درجة كبيرة من الثقة ، في تجاوب الصندوق في دراسة إمكانية إحداث بعض الاسترخاء الزمني في تلبية بعض المتطلبات التي صعب تنفيذها على أرض الواقع المصري ، ونتوقع أن يستمر تدفق دفعات القرض المقرر بعد إجراء تعديلات بسيطة في شروط ومحددات المراجعة ، ومن ثم يستمر برانامج دعم الصندوق باعتبار أن الاقتصاد المصري نموذج متميز للإصلاح الاقتصادي.
إن مقام الصندوق سيظل محفوظاً والاحترام والاهتمام والتعاون المتبادل سيظل قائماً ، ولكن في إطار جديد من تقدير الأوضاع المحلية والعالمية الصعبة وتداعياتها الاجتماعية على المصرييين.
ثانيا – نتوقع أن ان تتجه السلطات المالية والنقدية وعلى رأسها البنك المركزي في انتهاج سياسة سعر صرف أقل مرونة لفترة مناسبة ، تكون تغيرات سعر الصرف ، صعودًا وهبوطا ، في حدود بسيطة لا تؤثر بشكل مباشر على رفع أسعار السلع المتاحة في الأسواق للمستهلك النهائي ، وتدفع مجمل الأسعار في الأسواق إلى الإستقرار ، وذلك إلى أن تتحسن الأمور ، فيمكن أن نعود مرة أخرى إلى نظام سعر الصرف الحر أو العائم بالكامل.
ثالثاً – مؤسسات التصنيف والتقيم الائتماني الدولية ، ربما تقترب تلك المؤسسات من تفهم ما وراء السطور والمعاني التي وردت في رسالة الرئيس ، وتقتنع أن التمسك باختيار نظام صرف معين تحت أية ضغوط محلية أو خارجية دون الأخذ في الإعتبار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتطبيقه ، هو أمر ربما يكون له تداعيات سلبية على مجمل المؤشرات الكلية للاقتصاد القومي ، بالطبع من المتوقع أن تستمر تلك المؤسسات في وضع الاقتصاد المصري تحت المتابعة ، ولكن لا أعتقد أنه سيكون هناك تعديلات مرتقبة ، سواء من ناحية درجة التصنيف أو النظرة المستقبلية.
رابعا – نتوقع إصدار بعض القرارات والإجراءات الحاسمة من قبل الحكومة المصرية ، التي قد تدخل في نطاق “قرارات خارج الصندوق” ، لدفع أنشطة التصدير ، وأيضا الإعلان بالتعاون مع القطاع الخاص عن الحد من استيراد قائمة من السلع غير الضرورية حالياً أو التي يمكن تصنيعها محلياً خلال فترة معقولة ، ودفع وتسريع برنامج الطروحات في ظل الإعلان عن استقرار سعر الصرف الرسمى ، مع الدفع الجاد لأولويات جذب الاستثمار المباشر ، والنظر في استحداث مؤشر للجنيه المصرى ، وتسويق بعض السندات فى سوق السندات الآسيوية.
خامساً – إن الاتجاه الأغلب فى ضوء ما سبق وفي ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية ، وفى ضوء رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسى السابق الإشارة اليها ، نتوقع أن تستمر لجنة السياسة النقدية فى إبقاء أسعار الفائدة كما هي عليه لدورة أخرى ، وعلى الجانب الآخر نتوقع ألا يكون هناك خفضاً أو تعويما مرتقباً للجنيه المصري على المدى القصير والمتوسط.
محمد عبد العال
خبير مصرفي