نائبة مدير عام “النقد الدولي” : على “المركزي الأوروبي” ونظرائه مواصلة رفع الفائدة للسيطرة على التضخم
حتى ولو زاد ارتفاع تكاليف الاقتراض من احتمالات حدوث الركود
أكدت غيتا غوبيناث، النائبة الأولى للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن البنك المركزي الأوروبي ونظراءه عليهم مواصلة رفع أسعار الفائدة للسيطرة على معدلات التضخم الكبيرة، ولو زاد ارتفاع تكاليف الاقتراض من احتمالات حدوث الركود.
وبحسب بلومبرج ، صرّحت غوبيناث على هامش المنتدى السنوي لـ”المركزي الأوروبي” المُقام في سينترا، البرتغال، بأن “معدلات التضخم تستغرق وقتاً طويلاً للعودة إلى مستهدفها، بما يعني أنه ينبغي للبنوك المركزية، ومنها (المركزي الأوروبي)، الاستمرار في التزامها مواجهة التضخم رغم مخاطر ضعف النمو الاقتصادي”.
وأضافت أنه باستشراف المستقبل سنجد أن التغيرات الهيكلية في الاقتصاد تؤدي إلى زيادة مخاطر ارتفاع الأسعار، وقد تفرض على البنوك تنقيح استراتيجياتها.
علاوة على ذلك، فقد تتسبب الأزمات المالية في تعارض هدفَي استقرار الأسعار والاستقرار المالي.
ويجتمع مسؤولو “المركزي الأوروبي” في هذا المنتدى لتوقع الفترة الإضافية لدورة التشديد النقدي التاريخية، التي أصبحت ضرورية لإعادة التضخم إلى معدله المستهدف عند 2%.
ورغم تراجع معدل التضخم الأساسي بعد انخفاض أسعار الطاقة، فإن الضغوط الأساسية مستمرة بشكل أكبر، وقد تتفاقم في يونيو الجاري.
واتفقت غوبيناث أيضاً مع كريستين لاجارد، رئيسة “المركزي الأوروبي”، إذ دعت الحكومات للانضمام إلى المعركة ضد التضخم، بدلاً من مفاقمة المشكلات عبر تقديم دعم حكومي شامل، بما سيؤدي إلى انتهاء رفع أسعار الفائدة في وقت أقرب من المتوقع، والحدّ من تأثير بعض السياسات النقدية.
وتابعت: “تخفيف بعض الآثار الجانبية لمحاربة التضخم باستخدام أدوات السياسة النقدية قد يعزّز دور السياسة المالية”.
ومع ذلك، وفي نهاية المطاف، أشارت إلى أن تحقيق الاستقرار في الأسعار -بغض النظر عن الوضع المالي- تتحكم فيه البنوك المركزية بالدرجة الأولى.
وأكدت البنوك المركزية بشكل كبير تصميمها على محاربة التضخم، إذ تَعهَّد “المركزي الأوروبي” برفع أسعار الفائدة مجدداً في يوليو.
ولا يزال “بنك إنجلترا” على مسار رفع الفائدة بحزم، حتى في ظلّ أزمة وشيكة في القروض العقارية.
وفي الولايات المتحدة يشير “الاحتياطي الفيدرالي” إلى احتمال حدوث زيادات أخرى في معدلات الفائدة، رغم توقفه المؤقت في اجتماعه السابق.
واستطردت غوبيناث بأنه يمكن للبنوك المركزية تحمل عودة بطيئة بدرجة ما إلى مستهدف التضخم لتجنب أزمة شاملة.
ومع ذلك، يجب أن لا يحدث ذلك إلا عندما تتفاقم الأوضاع، في إشارة منها إلى الأزمات المالية التي ظهرت مؤخراً في كوريا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
كذلك تهدّد العوامل الهيكلية، مثل إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية، والانقسام الجيوسياسي، وتغير المناخ، بإطالة أمد التضخم، بما يعني أن العودة إلى أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي كانت قبل الجائحة أمر مستبعد.
تابعت غوبيناث: “قد تحتاج البنوك المركزية إلى تشديد سياستها النقدية أكثر إذا اتسع نطاق صدمات الإمدادات، وأثرت سلباً في القطاعات الأساسية في الاقتصاد، أو إذا استمرّ معدل التضخم أعلى من المستهدف، بدرجة يُرجَّح معها تنحية التوقعات جانباً. قد تحتاج أيضاً إلى تشديد السياسة النقدية في ظلّ اقتصاد قوي يمكن فيه للمنتجين نقل الزيادات في التكلفة إلى المستهلكين بشكل أكثر سهولة، وتقلّ فيه رغبة العاملين في تقبل الانخفاضات في الأجور الحقيقية”.
كما قد يجب إعادة النظر في مساوئ ومنافع التسهيل الكمي، فحتى إن كان “أداة حاسمة” عند ارتفاع معدل البطالة وانخفاض معدل التضخم، فستظل تكاليف الاقتراض قرب أدنى حد لها على هذا النحو، حسب توضيحها.
اختتمت غوبيناث: “يجب التزام مزيد من الحذر عند استخدام التسهيل الكمي، ومصاحبته بتوجيه مستقبلي يعد بمعدلات فائدة أساسية منخفضة، بخاصة عندما يتعافى معدل التوظيف كثيراً، مع وصول التضخم إلى مستوى أقلّ من المستهدف بشكل ضئيل، لأن الاستمرار في التسهيل الكمي في تلك الظروف يزيد خطر إفراط النمو الاقتصادي، وإجبار السياسة النقدية على إجراء تغير كامل في توجهاتها”.