بلومبرج: الأسواق على موعد مع أسبوع حاسم من قرارات البنوك المركزية
توقعات بزيادة الفائدة الأميركية والأوروبية 25 نقطة أساس في ظل استمرار تجاوز التضخم المستويات المستهدفة
تجتمع البنوك المركزية الكبرى حول العالم خلال الأسبوع الجديد لوضع السياسة النقدية وسط دلائل مستمرة على انحسار أسوأ أزمة تضخم منذ عقود.
وبحسب بلومبرج فإنه من المتوقع أن يرفع كل من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس، لافتة إلى أن التركيز الأكبر سينصب على الإشارات الصادرة عن صانعي السياسات النقدية حول الزيادات الأخرى المحتملة أو خطط التوقف عن الرفع لفترة طويلة.
وحذر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد من أن التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، مما يضطرهما لزيادة تكاليف الاقتراض. لكن مع عدم اجتماع أي من البنكين المركزيين مرة أخرى حتى سبتمبر، يقول خبراء الاقتصاد إن آفاق السياسة النقدية حتى نهاية العام لا تزال مفتوحة.
وفي آسيا، لا يزال بنك اليابان يغرد خارج السرب، إذ توقع أكثر من 80% من المحللين الذين شملهم استطلاع أن يستمر المحافظ، كازو أويدا، في دعم ثالث أكبر اقتصاد في العالم حتى مع بقاء التضخم أعلى من هدفهم البالغ 2%.
الاحتياطي الفيدرالي
يستعد صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء إلى أعلى معدل في 22 عاماً، مع الإبقاء على ميل نحو التشديد، مما يشير إلى زيادة إضافية محتملة في وقت لاحق من العام.
ويُتوقع أن ترفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة ربع نقطة إلى نطاق 5.25-5.5%، وهي الزيادة الحادية عشرة خلال الأشهر الستة عشر الماضية.
وسيصدر قرار سعر الفائدة في الساعة 2 مساءً في واشنطن ، ويعقد باول مؤتمراً صحفياً بعده بنصف ساعة.
ويأتي الارتفاع المرتقب في يوليو بعد توقف مؤقت في يونيو كان يهدف إلى إبطاء وتيرة الزيادات مع اقتراب أسعار الفائدة من مستوى يُعتقد بأنه مقيد بما يكفي لإعادة التضخم إلى هدف 2% بمرور الوقت.
ومع ذلك، سيريد باول وصناع السياسة الآخرون أن يبدوا حازمين وأن يبقوا الخيارات مفتوحة لرفع الفائدة مرة أخرى إذا لزم الأمر لتجنب تكرار ارتفاع الأسعار.
وقال جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في”آي إن جي فايننشال ماركتس” : “التضخم يتباطأ، ولكن ليس بالسرعة التي يريدها الاحتياطي الفيدرالي. لن يخاطر المسؤولون لاسيما في ظل استمرار قوة سوق العمل”.
وقالت آنا وونغ، كبيرة خبراء الاقتصاد الأميركي “بلومبرج إيكونوميكس”: “من المحتمل أن تكون البيانات الاقتصادية المتباينة منذ اجتماع منتصف يونيو قد فشلت في تسوية الجدل الداخلي بشأن ما إذا كانت زيادة يوليو ينبغي أن تكون الأخيرة. نعتقد بأن العديد من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ما زالوا على قناعة برفع سعر الفائدة مرة أخرى هذا العام، ولكن بيانات التضخم الضعيفة لشهر يونيو قد تكون أضعفت قناعتهم”.
ويراهن المستثمرون على زيادة الاحتياطي الفيدرالي الفائدة بمقدار ربع نقطة يوم الأربعاء، والتي ترجح السوق أنها ستكون الزيادة الأخيرة للبنك المركزي الأميركي في دورة التشديد النقدي.
البنك المركزي الأوروبي
بعد أن أصبح من شبه المؤكد رفع سعر الفائدة الأوروبية ربع نقطة هذا الأسبوع، ستركز الأنظار على كيفية توصيف لاجارد لخطط سياسة البنك المركزي الأوروبي لما بعد يوليو.
ويشدد المسؤولون منذ فترة على أن القرارات ستستند إلى البيانات الواردة، وقد يكون سبتمبر هو الشهر الأول الذي يلتزمون فيه بالفعل بهذه الفكرة.
ومن المتوقع عدم قول أي شيء من شأنه أن يكسر عادة راسخة بالالتزام المسبق الفعلي تجاه الخطوة التالية.
وقد يصبح مثل هذا التغيير في الأسلوب ضرورياً، مع اقتراب البنك المركزي الأوروبي من نهاية دورة التشديد الأكثر قوة في تاريخه الذي يعود إلى 25 عاماً.
ورفع صناع السياسة سعر الفائدة على الودائع 400 نقطة أساس منذ يوليو الماضي، ويتوقع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع “بلومبرج” زيادة مرتين أخريين، أحدهما في يوليو والآخر في سبتمبر، واللذين من شأنها رفع السعر الرسمي إلى 4%.
ولا يزال يتعين أن يصل أثر معظم هذا التشديد إلى الاقتصاد، وقد تركز الكثير من الجدل العام في الآونة الأخيرة على ما إذا كانت الإجراءات الجاري إعدادها ستكون كافيةً لإعادة التضخم إلى 2%، أم ستكون هناك حاجة لتدابير أخرى.
وفي حين يُرجح أن يظهر مسح جديد لعمليات الإقراض في البنوك يوم الثلاثاء أن الطلب على القروض ومعايير الائتمان تراجعاً أكثر في الربع الثاني، فإن ضغوط الأسعار الأساسية لا تزال قوية بشكل غير متوقع.
وبحلول موعد عودة مجلس المركزي من إجازته الصيفية في سبتمبر، سيكون قادراً على الاعتماد على تقريري تضخم آخرين، وعلى لمحة عامة عن أداء الاقتصاد في الربع الثاني، والتوقعات المحدثة -إلى جانب العديد من مجموعات البيانات الأخرى- لاتخاذ قرار.
وقال ديفيد باول، خبير اقتصادي بارز. “بلومبرج إيكونوميكس”: “من المرجح أن يركز البنك المركزي الأوروبي على ثلاثة إجراءات رئيسية في اجتماعه المقبل في 27 يوليو إذ من المحتمل أن تعلن لاجارد عن زيادة أخرى في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وتقول إن القرار في سبتمبر سيعتمد على البيانات، وتؤكد على عدم خفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب”.
ويتوقع المستثمرون بنسبة مئة في المئة تقريباً أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية يوم الخميس.
وينصب تركيز السوق على احتمال تبني زيادة إضافية في اجتماع لاحق، ليبلغ معدل الفائدة على الودائع ذروته في نطاق 4%.
بنك اليابان
يواصل كازو أويدا، محافظ بنك اليابان المركزي الإشارة إلى أن تحولاً رئيسياً نحو سياسة أكثر تشدداً بعيد بعض الشيء، حتى مع استمرار الأسعار في الارتفاع بوتيرة أسرع من معدل التضخم المستهدف البالغ 2% من قبل بنك اليابان.
ويرى أكثر من 80% من الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع “بلومبرج” حالياً أن البنك المركزي الياباني سيُبقي على جميع أدوات سياسته النقدية كما هي يوم الجمعة ، ويتوقع الباقي توسيعاً آخر لنطاق العائد المستهدف لبنك اليابان، أو تعديلاً مماثلاً. وأظهر الاستطلاع السابق أن نحو ثلث المستجيبين يتوقعون تغير في يوليو.
ومع ذلك، يتوقع كثيرون أن يدفع استمرار ارتفاع الأسعار بنك اليابان إلى رفع توقعات التضخم لهذا العام.
وكانت تلك المراجعة التي تلوح في الأفق أحد المصادر الرئيسية للتكهن بأن بنك اليابان قد يعدل تدابير التحفيز في يوليو لكن كشف أشخاص مطلعون على الأمر لـ”بلومبرج” أن المسؤولين لا يرون حاجة ملحة لمعالجة الآثار الجانبية لبرنامج التحكم في منحنى العائد في هذه المرحلة، على الرغم من أنهم يتوقعون مناقشة هذه المسألة.
لكن هدأ النقاش في السوق مع استمرار أويدا في إعادة تأكيد افتراضه بأن تعديل مستهدف التضخم يبدو بعيداً بعض الشيء في الوقت الحالي.
وباستثناء حدوث مفاجأة هذا الأسبوع، يتوقع مراقبو بنك اليابان حالياً الإصدار التالي لتوقعات الأسعار ربع السنوية في أكتوبر باعتباره التوقيت الأكثر ترجيحاً لأي تحرك.
وقال تارو كيمورا، خبير اقتصادي أول في “بلومبرج إيكونوميكس”: “لا نتوقع أن يأتي أويدا بمفاجأة على غرار التي جاء بها كورودا ويعدل وضع منحنى العائد في اجتماع بنك اليابان في 28-29 يوليو، مثلما توقع البعض. وإلى أن يؤكد بنك اليابان أن الطلب قوي بما يكفي لتغذية التضخم المستدام، سيؤثر أويدا تجنب أي تغييرات متسرعة قد يُنظر إليها على أنها متشددة ، نتوقع ألا يتبنى بنك اليابان أي تغيير في سياسته في اجتماع الأسبوع الجاري وحتى النصف الأول من 2024 “.