محمد عبد العال يكتب : الجديد فى الصكوك السيادية الجديدة
تقوم فكرة الصكوك السيادية على أنها أحد أنواع الأوراق المالية المتعارف عليها ، والتي تستخدم في تمويل الإحتياجات المالية في المشروعات أو الحكومات ، وسد إحتياجات الموازنة العامة، مثلها مثل السندات وأذون الخزانة ، ولكنها تختلف عن السندات وأذون الخزانة من حيث أن الصكوك السيادية تتوافق مع تطبيقات التعاملات المالية المصرفية.
ويأتي قانون الصكوك السيادية ليسد فراغا تشريعيا قائما لدينا فعلا ، فمن المعروف أنه لا يوجد لدينا حالياً قانون يوفر الإطار التشريعى اللازم لكى تتمكن الحكومة، ممثلة فى وزارة المالية ، من إصدار الصكوك السيادية.
وتقوم فلسفة الصكوك السيادية على أنها نوع من أوراق الدين العام يحقق مصالح متنوعة ومتكاملة منها :
– تحقيق رغبة الحكومة فى استحداث آليات ومصادر تمويلية جديدة لتمويل عجز الموازنة بدلاً من الإعتماد على البنوك فقط.
– اتاعحة المجال لوزارة المالية فى استخدام حصيلة الصكوك السيادية فى تمويل المشروعات الاستثمارية والاقتصادية القومية الجديدة أو إعادة هيكلة بعض المشروعات القائمة.
-خفض عبء تكلفة وخدمة الدين العام وزيادة أجل محفظة الدين ، تماشياً مع استراتيجية الدولة لخفض معدل نمو الدين العام.
– خلق سوق جديدة لتداول الصكوك السيادية ، بما يتناسب مع نمو سوق المال المصرى ، وأهمية أن تتوفر منصات مصرية لتداول مثل تلك الصكوك ، تلبية للمستثمرين المحليين والأجانب وتماشيا مع رواج هذا السوق إقليميا وعالمياً ، حيث يبلغ إجمالى الصكوك المصدرة والمتداولة فى العالم نحو 2.7 تريليون دولار أمريكي ، بينما حصيلتنا فى هذا السوق منعدمة.
– تلبية رغبة وطلب شريحة عريضة من المستثمرين الذين يرفضون التعامل مع البنوك أو الاستثمار فى الأوعية الإدخارية الاستثمارية التقليدية ، وإصرارهم على البحث عن منتجات استثمارية تتوافق مع مبادئ الشريعة ، وهو من أهم ما تتميز به الصكوك السيادية الجديدة وتوفره لهم.
وبالطبع سيساعد ذلك فى تحفيز الطلب على الإصدارات الحكومية من الاغوراق المالية وأدوات الدين العام بالجنيه المصرى أو بالنقد الأجنبى.
على الجانب الآخر يتساءل الناس كيف ستصدر تلك الصكوك؟ ومن سيقيمها ويراقب آداء الشركات المتعاملة فيها؟ ، وكيف ستحدد أسعارها؟ ، وما هو عمر الصك؟ وهل يمكن استرداد قيمته وكيف؟
وباختصار شديد ، وإلى حين موافقة مجلس الشعب على القانون ، وإصدار المذكرة التفسيرية له ، يمكن الإقتراب من إجابات لتلك الأسئلة على ضوء ما ورد فى بنود مشروع القانون وعلى ما هو مطبق فعلا ومتعارف عليه فى الدول الأخرى.
يتيح مشروع القانون الجديد إنشاء شركات تسمى شركات التصكيك السيادى ، وستتولى تلك الشركات إدارة وتنفيذ عملية إصدار الصك وإبرام العقود بصفتها وكيلاً عن ملاك الصكوك ، وستكون هناك لجان متخصصة من الخبراء المعنيين لتقييم قيم حق الانتفاع أو تأجير الأصول التى تصدر الصكوك بناء عليها ، وتحديد القيمة السوقية للصك وقيم الاسترداد أو البيع.
كما سيخضع مقدمو الخدمة للجهات الرسمية المعنية ، وسيكون الحد الأقصى لاستحقاق الصك مدة لا تزيد عن 30 عاماً ، وعند نهاية عمره يسترد مالكه قيمته وينتهى حق الانتفاع المقرر على الأصول التى اتخذت أساساً لإصداره.
بالطبع سيكون هناك آليات تتوافق مع محددات الشريعة الإسلامية ، سواء فى تحديد سعر الصك عند إصداره لأول مرة أو قيمته السوقية وأسلوب تداوله على مدى عمره ، أو فى مراجعة الصيغ والتطبيقات المتوافقة مع الشريعة التى سيتم إصدار الصك على أساسها.
والمهم فى هذه النقطة أن نعلم أن حامل الصك سوف يجنى ثمار نجاح المشروع الذى موله الصك، عن طريق الحصول على أرباح رأسمالية دورية ،وفى ذات الوقت من الممكن أن يتحمل ويشارك فى الخسارة حال حدوثها.
من الجدير بالذكر أنه ليس من المتوقع أن تنافس الصكوك السيادية الجديدة أوراق الدين العام السيادية القائمة والتى سوف تظل قائمة من سندات وأذون خزانة ، ولا حتى مع الودائع المصرفية التقليدية وشهادات الإيداع ، لأن الطلب على تلك الصكوك السيادية الجديدة هو قاصر أساسا على المستثمرين والمدخرين الراغبين فى التعامل مع منتجات استثمارية متوافقة مع الشريعة بغض النظر عن مستوى ما يجنيه منها من دخل سنوي.
الخبير المصرفي والإقتصادي