دكتور زكريا صلاح يكتب عن الصندوق السيادى وإدارة محفظة هيئة الأوقاف المصرية
أموال الأوقاف هى وقف خيرى لا يحق لأحد أن يتعدى عليها أو أن يستحوذ عليها لأنها أصول قد أوقفت لكى يستخدم العائد المتولد منها فى الصرف فى مصارف الخير والتكافل الإجتماعى وإعالة الأسر الفقيرة وغيرها من المشروعات الخيرية هذا هو الأصل فيها ، ولدينا فى مصر أعيان وأوقاف كثيرة.
وقد أنشئت هيئة الأوقاف المصرية لدعم تفرغ وزارة الأوقاف لعملها الدعوي والديني، ولتصبح الهيئة هي المسئولة عن إدارة جميع أعيان وأموال الأوقاف ووضع خطط الإستثمار لها، واستغلال العائد من هذه الأموال والأعيان في دعم ميزانية الوزارة فى كافة المجالات الدعوية وغيرها.
وكانت العملية الإدارية لهذه الأوقاف والأعيان موكلة إلى المحليات التى فشلت فى إدارتها فسحبت منها.
ولاشك فى أن استخدام عائد هذه الأموال فى دعم ميزانية وزارة الأوقاف فى كافة المجالات الدعوية وغيرها من أنشطة الوزارة شىء هام ومحمود لنشر ثقافة الدين الإسلامى الوسطى والإنفاق على كافة المشروعات الدعوية والإسلامية داخلياً وخارجياً وإقامة المسابقات الرسمية فى حفظ القرآن وغيرها من المسابقات الدينية والمشروعات التى من شأنها رفعة الدين الإسلامى، هذا إضافة الى المصاريف الإدارية وبخاصة أجور العاملين التابعين للوزارة، وتوفير الموارد اللازمة لذلك أمر ضرورى.
ونظراً لكبر حجم هذه الأعيان والأوقاف ، والتى طبقا لما نشرته إحدى الصحف على لسان رئيس مجلس ادارة الهيئة فى 28 نوفمبر 2018 ، تبلغ تريليون و37 مليار و370 مليون و78 ألف جنيه، فإن هذه المحفظة الكبيرة من الأعيان والأموال تتمثل فى استثمارات فى رؤوس أموال شركات وآلاف الأراضى وآلاف الأفدنة الزراعية وآلاف الوحدات السكنية وآلاف المزارع وهى محفظة كبيرة ومتنوعة كما تم ذكره، ولك أن تتخيل العملية المعقدة التى تتطلبها إدارة محفظة بهذا الحجم.
هذا وقد قامت الدولة بإصدار قانون رقم 177 لسنة 2018 لتأسيس وإنشاء صندوق مصر السيادى المملوك بالكامل للدولة ويتمتع بالإستقلال المالى والإدارى وذمة مالية مستقلة عن الدولة، وله إدارة محترفة من مجموعة من المتخصصين والمحترفين فى الإستثمار وإدارة الأصول، والذى أنشئ كأحد الحلول غير التقليدية لتعظيم الإستفادة من الأصول المملوكة للدولة عن طريق جذب رؤوس الأموال لتمويل المشروعات وفرص الإستثمار وفتح باب المشاركة مع القطاع الخاص وجذب استثمارات الصناديق السيادية الأخرى وذلك بعيداً عن الإجراءات البيروقراطية المعوقة للإستثمار.
ونظرا لكبر حجم محفظة الأعيان والأوقاف التى تديرها هيئة الأوقاف فإن المقترح الذى أطرحه هو أن يتم ايكال هذه المحفظة الى صندوق مصر السيادى حيث أن الأمر يتطلب إدارة محترفة مؤهلة بخبرات إدارية واستثمارية وإدارة المخاطر وقادرة على بناء إستراتيجيات الإستثمار لتحقيق على الأقل عائد مرضى ومناسب Required Rate of Return مع تجنيب المحفظة أية مخاطر قد ينتج عنها خسائر تؤدى الى تآكل أصول المحفظة، وليس من شك فى أن الأمر سيتطلب إعادة حصر هذه الأوقاف وتحديث قواعد بياناتها واسترجاع المغتصب منها وفى كل الأحوال فإن هذا المقترح يمكن أن يحقق فى نظرنا الآتى:
- تجنيب الوزارة أو الهيئة البحث عن جهات مختلفة لإدارة أصول محفظة الأعيان والأوقاف المتفرقة والمتنوعة والتعامل مع جهة واحدة من السهل مساءلتها وتلقى التقارير الدورية وبالتالى توفير إدارة واعية ومتخصصة لإدارة المحفظة.
- تعظيم الموارد والعائد لوزارة الأوقاف من إدارة هذه الأصول من خلال الصندوق وبالتالى تمكينها من تمويل أنشطتها وتحسين الدخول والتوسع فى أنشطة أخرى لأن العائد المحقق سيكون بالتأكيد أكثر بكثير من المحقق حالياً.
- سيتم إعادة حصر هذه الأوقاف وتحديث قواعد بياناتها واسترجاع المغتصب منها وبالتالى حفظ الحقوق والأعيان والأوقاف لتبعية وزارة الأوقاف والهيئة.
- إعطاء الفرصة للصندوق للنمو بمحفظة الأصول وتعظيم العائد وبالتالى الإستفادة بجزء من العوائد المحققة كونه مديرا للمحفظة.
- تبنى استراتيجيات استثمار تحقق النفع للوزارة وللدولة ككل وبالتالى تحسين ميزانية الدولة والصرف على مختلف المشروعات الإجتماعية.
إننى لا أدعو هنا الى الإستحواذ على الأعيان والأوقاف التى تشرف عليها هيئة الأوقاف أو نقل ملكيتها ولكن إيكال عملية الإدارة لجهة متخصصة قادرة على تعظيم العائد من هذه الأصول.
والله من وراء القصد ،،
دكتور زكريا صلاح الخبير المصرفى