محمد عبد العال يكتب .. هل كل الطرق تؤدي إلى تثبيت أسعار الفائدة؟
هل كل الطرق تؤدي إلى تثبيت أسعار الفائدة؟ .. وبعبارة أخرى هل تثبيت سعر الفائدة من قبل لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في إجتماعها الخميس المقبل هو أمر يمكن إعتباره ضرورة وليس إختيارا؟
قبل أن نصل إلى إجابة منطقية لهذا التساؤل دعونا نذكر بعض النقاط المهمة وهي:
– اختار البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة كسياسة تحفيزية طويلة المدى عقب صدمة ” كورونا ” تماشيا مع إستراتيجية الدولة لتشجيع النمو ودعم تعافي الإقتصاد ، والتركيز على تشجيع التمويل والإستثمار في القطاعات ذات الإمكانيات المستقبلية الواعدة.
– تميزت السياسة النقدية في هذه المرحلة أيضا كونها سياسة فائقة التيسير، واتصفت بدرجة كبيرة من المرونة، التي مكنتها من التعامل بكفاءة مع مختلف الظروف العالمية والمحلية.
فقد تبنى البنك المركزي سياسة تحفيزية تدعم السيولة المالية للشركات والأفراد ، وفي ذات الوقت أعطى الضوء الأخضر لبعض البنوك المملوك أسهمها للدولة لتشجيع الإدخار العائلي بأسعار فائدة مميزة في وعاء إدخاري لمدة عام ، نجح في استقطاب نحو 383 مليار جنيه في 6 أشهر ، وتم إيقافه مؤخرا بعد أن حقق أهدافه.
– مع ثبات الفائدة لدى المركزي منذ منتصف مارس الماضي صاحب ذلك إعلان مؤسسات ووكالات التصنيف الدولية تثبيت التصنيف الإئتماني لمصر ، مع إجماع تلك المؤسسات على النظرة المستقبلية المستقرة ، متوقعين في الوقت نفسه تحسنا في المؤشرات الإقتصادية والمالية واستقرار سعر الصرف واحتياطي النقد الأجنبي.
في ضوء ذلك ثبتت لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة باعتبارها متسقة مع كل تلك الفعاليات السابق ذكرها.
ولكن هل من جديد يمكن أن يجعلنا نفكر في إحتمالية حدوث أي تحريك للفائدة من جانب اللجنة يوم الخميس القادم؟
دعونا نؤكد أولا على أنه لا توجد أية علاقة مباشرة على أرض الواقع بين وقف شهادات الـ 15 % من جانب بنكي الأهلي المصري ومصر وخفض الفائدة على شهادات بنك الإستثمار القومي وبين إمكانية قيام لجنة السياسة النقدية بخفض الفائدة في إجتماعها القادم ، حيث أن تلك القرارات تتعلق بالبنوك التي أصدرتها ولظروف كل بنك منها.
– استمر منحنى معدل التضخم في الإنخفاض وصولا إلى معدل تاريخي غير مسبوق في مصر ، حيث انخفض معدل التضخم السنوي إلى 3.6% بنهاية أغسطس الماضي ، مقابل 4.6% في شهر يوليو ، محققا مستوى أقل من المستهدف من جانب البنك المركزي وهو 9% +/- 3% بنهاية الربع الأخير من 2020 .
هذا التراجع المستمر في التضخم يرجع لتباطؤ معدل ارتفاع الأسعار لعدة مجموعات رئيسية من السلع.
– تراجع التضخم بهذا الشكل أدى إلى زيادة معدل الفائدة الحقيقية السائد في مصر في حدود متوسط يصل لنحو 6% ، ( وهو ما يساوي معدل الفائدة الإسمي السائد مطروحا منه معدل التضخم ) ، وهو من أعلى معدلات الفائدة الحقيقية على مستوى العالم ، والأعلى على الإطلاق في الأسواق الناشئة، وهو ما يعزز تدفق الإستثمار الأجنبي غير المباشر في أوراق الدين الحكومية.
– هذا الأمر يعزز أيضا قدرة السلطات النقدية المصرية في أي تحرك تجاه أسعار الفائدة ، ويعطى مجالا ومساحة أكبر للبنك المركزي في خفض الفائدة ، مع ضمانها تحقيق التوازن بين توقعات التضخم المستقبلية وضمان تدفق النقد الأجنبي.
– من المعروف أن مصلحة وزارة المالية في خفض الفائدة ، حيث أن كل خفض للفائدة بمقدار 1% يوفر للموازنة العامة للدولة 10 مليارات جنيه ، بالإضافة إلى أن خفض الفائدة يشكل حافزا لسوق المال وينشط التعامل على الأسهم.
من كل تلك المعطيات تكون الإجابة على السؤال الذى طرحناه في البداية، أنه رغم الإجماع من جانب المراقبين والمؤسسات الدولية والمحلية على توقع تثبيت الفائدة في الإجتماع القادم للمركزي، إلا أن الأمر قد يكون على العكس ممهدا لإجراء خفض في حدود 50 إلى 100 نقطة أساس.
ومن هنا نقول ختاما.. تثبيت الفائدة ليس بالضرورة بل إن الخفض قد يكون الإختيار الأفضل.