أحمد عزالدين يكتب: سعر الصرف .. هل التغير حقيقى ومستمر؟

ذكرت فى مقالتى السابقة بعنوان «الوجه الآخر للتحليل الاقتصادي.. لماذا كل تلك الاختلافات» يوم 29 نوفمبر أسباب اختلاف الاقتصاديين فى التحليل 2018، ولكن وجود الأسباب والعلل لا ينفى ظهور النتائج التابعة لها. حيث قُيم التحليل الاقتصادى من أكثر الوظائف غير الموثوق بها بداية من الأزمة العالمية 2008 حتى الآن.
أما فى مصر، فوجدنا كثير من الاختلاف فى آراء الاقتصاديين حول تحرك سعر صرف الايجابى فى الآونة الأخيرة وما إذا كان ذلك التحرك مبرراً أم لا.
فمن جانب يرى محللون أن هذا التحرك الإيجابى منطقى مشيرين إلى التحسن الفعلى فى قطاعات مختلفة فى الدولة مثل قطاع السياحة الذى يمثل %12 من إجمالى الناتج المحلى و%9.5 من إجمالى العمالة وهو المقدر بـ 2.5 مليون وظيفة، ويبلغ إجمالى مصروفات السائحين الأجانب ما يقارب الـ 218 مليار جنيه مصرى.
ومن جانب آخر، التفات المستثمرين الأجانب للأسواق الناشئة مثل مصر للعديد من الأسباب ليكن من أهمها حرب التجارة والعملات بين الصين وامريكا – التى ذكرتها أيضا فى مقالات سابقة – وعدم قدرة المركزى الامريكى السيطرة على الوضع من خلال السياسات النقدية مثل سعر الفائدة حيث ابقاها كما هى فى اجتماعه الأخير.
فى الواقع أرى أن زملائى المحللين الاقتصاديين أسبابهم صحيحة – كما ذكرت أهمها – ولكن هذه الأسباب ليست كافية أن تجعل الجنيه يتجه هذا الاتجاه الإيجابى طوال هذه الفترة (من يناير حتى اليوم). وللاجابة على السؤال الهام المتداول بين العامة، هل سيظل الجنيه المصرى يتحرك فى هذا الاتجاه الايجابى من الصعود؟ فبحسب بيان وكالة بلومبرج الاخير عن الأسواق الناشئة التى ستتأثر بتغير سعر الفائده فى امريكا تأتى مصر فى المرتبة الرابعة بعد الارجنتين التى تحتل المرتبة الاولى وتليها تركيا فى المرتبة الثانية. وهو ما يجب ان يلتفت اليه البنك المركزى المصرى والمحللون الاقتصاديون، حيث ان وسائل الانتاج المتوفرة حاليا لا تتماشى مع هذا الارتفاع فى سعر الصرف ولا تضمن استمراريته.
أما عن اموال المستثمرين فى سوق رأس المال المهتمة حاليا بمصر مثلها مثل دول الاقتصاد الناشئ فهى غير مضمونة الاستمرارية حيث نفس أسباب جذب هذه الأموال، مثل ثبات سعر فائدة المركزى الامريكى فى ظل الاضطراب الاقتصادى العالمى الراهن، قادرة ان تعيد توجه رؤوس الاموال مرة أخرى إلى الدول التى تملك وسائل انتاج حقيقية والتى بدورها تؤمن معدل عائد قد يكون ثابتاً نوعا ما على المديين القصير والطويل. ولذلك لا يمكن الاعتماد على الاستثمارات الاجنبية فى سوق رأس المال كمؤشر لتحسن الاقتصاد بل هذه الاستثمارات مستفيدة من مرحلة عدم الثبات الاقتصادى لدول الاقتصاد الناشئ.
بمعنى اخر أنه فى الفترة الحالية للاقتصاد المصري، لا يمكن اعتبار سعر الصرف مؤشراً لتعافى الاقتصاد على المدى البعيد بل يمكننا اخذ مؤشرات اكثر دقة مثل معدل التضخم والبطالة والناتج الإجمالى المحلى وسعر الفائدة والاستثمار الاجنبى المباشر… إلخ. حيث إنه اصبحت الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة هى المحرك الأساسى لسعر الصرف.

بقلم: أحمد عزالدين
محلل مالى واقتصادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى