محمد عبد العال يكتب .. هل الجنيه المصرى محصن ضد تداعيات كورونا ؟

مر عام على جائحة كورونا ، ورغم التحديات التى فرضتها ، فإن الجنيه المصرى استطاع أن يستوعب الصدمة ، ويقلص من تداعياتها ، بل حافظ سعر صرفه على رتم مستقر ، مع ميل للتحسن طوال عام الجائحة.

والآن يثار السؤال الذى يشغل بال الكثيرين!

هل الجنيه المصرى عبر العام الجديد سيظل محصناً ، ضد تداعيات كورونا الإقتصادية بكل أنواعها ؟ هل هناك عوامل جديدة فى أفق 2021 يمكن أن تحصن مسيرته عبر الأوضاع والظروف الإقتصادية التى تكتنف العالم وما زالت بصماتها واضحة وممتدة على الساحة الإقتصادية ؟

كلنا نعلم أن الغموض وعدم الوضوح مازال يسود العالم ، ونحن جزء منه ، ويصبح التنبؤ بمجريات الأمور أمر صعب جداً حتى فى المستقبل القريب ، إلا إننا وإجمالاً يمكن القول أن اقتران العوامل الإيجابية بالعوامل السلبية التى كانت سائدة والتى أسفرت فى العام الماضى عن تولد تأثير محصلته فى المتوسط كانت إيجابية لصالح الجنيه ، ومع افتراض إستمرار عوامل هذا التأثير ، الأمر الذى يعنى إمكانية توقع حالة من التفاؤل تجاه الجنيه خلال العام الجديد.

تُرى ماهى عوامل النجاح الأساسية الجديدة أو المستمرة المتوقع أن تطل بظلالها على مسيرة الجنيه؟

إجمالا يمكن حصر أهمها في العوامل التالية:

* بداية حملة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا فى مصر ، وهذا من أهم المؤشرات العالمية الإيجابية لإمكانية تعافى الإقتصادات ، وبالتالى سعر صرف العملة.

* توقع تحسن آداء الشركات المقيدة فى البورصة ، نتيجة ظهور آثار مبادرات دعم السيولة والسياسة النقدية فائقة التيسير ، التى أتاحها البنك المركزى إبان الأزمة فى العام الماضى ، ومع استمرار تعافى الإقتصاد ، سيتحسن حتماً آداء البورصة ، ومع تحسنها المتوقع ونتيجة الإرتباط الطردي بين آداء البورصة والجنيه ، فإنه من المتوقع أن يكون لذلك تأثير إيجابي على سعر صرفه ، وسوف يعظم نشاط البورصة توقع استكمال برنامج الطروحات وأيضا الإعلان عن عزم الحكومة طرح بعض المشروعات الناجحة المملوكة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة للبيع فى البورصة.

* التأثير الإيجابى المحتمل لانخفاض معدل التضخم واستقراره عند رقم أحادى يقبع بين حديَّ مستهدف جديد هو 7% ± 2% حتى نهاية 2022 ، وهو ما يعنى استقرار مستوى الأسعار فى الاسواق ، وزيادة الدخول الحقيقية للمدخرين والمواطنين ، وهو ما يرفع من جاذبية الجنيه فى نظر المستثمرين المحليين والأجانب ، فى كل من الإستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر.

* إستمرار تحسن أو استقرار رصيد صافى الإحتياطى بالنقد الأجنبى لدى البنك المركزي ، وضمان تغطيتة لاحتياجات مصر الإستيرادية الإستراتيجية وسداد الإلتزامات الدولية ، لمدد فى حدود التغطية الحالية.

* استمرار تحسن إيرادات المصادر التقليدية المصرية للنقد الأجنبى ، وفيما عدى إيرادات السياحة التى توقفت عالميا ، وتضررت مصريا ، فإن المصادر الأخرى كلها حققت مستويات معقولة ، ومن ثم فإن توقع استمرارها إذا تعافت إيرادات السياحة ، فإن ذلك سيعطى دفعه قوية لاستقرار الجنيه.

* استمرار تحسن المؤشرات الكلية للإقتصاد المصرى ، مع الحرص على تفعيل استراتيجية السيطرة على الدين العام الخارجى ، بإعادة الهيكلة وخفض كُلفة أعبائه ، ووضعه فى منحنى متناقص بالنسبة لإجمالي الناتج المحلى ، إن ذلك سيكون مدعاة لمؤسسات التقيم والتصنيف الإئتمانى الدولية ، لا فقط لتثبيت تصنيف مصر ، مع الإحتفاظ بالنظرة المستقبلية المستقرة ، ولكن ذلك سيكون عاملا محفزاً لرفع درجة التقييم.

* من أهم العوامل الإيجابية المستجدة فى العام الجديد ، بعد التنفيذ الناجح لبرنامج الإصلاح الإقتصادى ، هو توجه الدولة لتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلى والفنى ، بالتعاون مع صندوق النقد الدولى ، والذى يهدف لإعادة الهيكلة الشاملة وإصلاح الأنظمة والتشريعات التجارية والإستثمارية ، وبلورة دور القطاع الخاص ، واستكمال برنامج الخصخصة ودعم المصدرين ، ودفع عمليات التحول الإلكتروني والشمول المالي .

* استمرار البنك المركزي فى الإعلان عن استمرار سياسته النقدية التيسيرية ، وتجديد واستحداث مبادرات جديدة لمساعدة ودعم القطاعات المتضررة من آثار الجائحة ، سوف يحفظ للإقتصاد استمرار قوة الدفع وارتفاع معدل النمو وخلق فرص لوظائف جديدة.

بالطبع فإن التطورات الإقتصادية والعالمية فى المستقبل سوف تخضع لمخاطر وعوامل الصعود والهبوط ، وفاعلية السياسات الإقتصادية والنقدية والمالية ، وتطور ظروف الجائحة ، ومدى نجاح خطط توزيع الأمصال ، وتأثير حزم الإنعاش لمواجهة أية مستحدثات جديدة.

ولكننا نجد أنفسنا فى النهاية نستطيع القول أنه مع افتراض تنامى واستمرار العوامل الإيجابية السابق ذكرها ، فإن الجنيه المصرى سيظل محتفظاً بعوامل دعم ، ربما تجعله مستقراً عند المستويات التى انتهى بها هذا العام ، أو بعبارة أخرى التحرك صعوداً وهبوطا بين مدى سعرى 15 و16 جنيه لكل دولار خلال الستة أشهر القادمة.

محمد عبد العال – الخبير المصرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى