رئيس صندوق النقد العربي: رقمنة الخدمات وتطوير التشريعات أبرز آليات دعم قطاع التمويل الأصغر
أهمية وجود رؤية واضحة مستقبلية حول دور قطاع التمويل الأصغر في تعزيز الشمول المالي بدول المنطقة
الصندوق لن يدخر أية وسيلة للمساهمة في دعم مساعي دولنا العربية لتطوير هذا القطاع
ألقى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح ورشة عمل المائدة المستديرة حول تطوير قطاع التمويل الأصغر في الدول العربية، والتي نظمها الصندوق “عن بُعد” في إطار المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية.
وشارك في الورشة عدد من الخبراء من الدول العربية من وزارات المالية والمصارف المركزية ومؤسسات النقد، والهيئات المشرفة على قطاع التمويل الأصغر، والبنوك التجارية، وإتحادات البنوك، وشبكات التمويل الأصغر في الدول العربية؛ كما شارك في الورشة عدد من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية مثل الوكالة الألمانية للتنمية، ومجموعة البنك الدولي، والتحالف العالمي للشمول المالي.
وأشار الحميدي إلى قيام الصندوق بتكثيف جهوده في تعزيز الحوار والتشاور حول تداعيات جائحة كورونا والفرص المتاحة لتعزيز الشمول المالي بالتعاون مع المؤسسات الشريكة بالمبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية.
وأشاد الحميدي بالتقدم الحاصل على صعيد التحول المالي الرقمي، مشيراً في هذا الإطار بالوثيقة الصادرة عن الصندوق حول إطار التحول المالي الرقمي في الدول العربية، والتي قدمت خارطة طريق لتسريع التوجه إلى الخدمات المالية الرقمية والمتطلبات في السياسات والإجراءات في هذا الشأن.
وأوضح أن المشاورات أبرزت أهمية تطوير قطاع التمويل الأصغر في الدول العربية، والفرص المتاحة التي توفرها التقنيات المالية للارتقاء بالخدمات المتاحة، إدراكاً للأهمية الكبيرة التي يحققها القطاع في خلق فرص العمل ومواجهة تحديات البطالة ودعم فرص التنمية الاقتصادية والإجتماعية المستدامة.
وأكد معالي على أهمية وجود رؤية واضحة مستقبلية حول دور قطاع التمويل الأصغر في تعزيز الشمول المالي في الدول العربية، مشيراً في هذا الصدد إلى الأولويات الرئيسة في محاور العمل لتطوير هذا القطاع التي تتمثل في تعزيز السيولة والضمانات، ورقمنة الخدمات وتسهيل وصولها لمستهلكي خدمات التمويل الأصغر بالاستفادة من التقنيات الحديثة، إلى جانب تطوير التشريعات التي تحكم عمل مؤسسات التمويل الأصغر.
وأشاد الحميدي بالجهود التي قامت بها السلطات في الدول العربية لتنظيم قطاع التمويل الأصغر، مبيناً أنه لا تزال هناك حاجة لمراجعة التشريعات القائمة، خاصة على صعيد القيود بشأن نطاق الخدمات التي تقدمها مؤسسات التمويل الأصغر وسقف التسهيلات التي يمكن أن تقدمها، بما يحافظ على التوجه لدعم صغار المقترضين من جهة، مع مساعدتهم من جهة أخرى للتحول إلى مشروعات صغيرة ومتوسطة، والاهتمام بالفرص التي يتيحها توظيف التقنيات الحديثة في تطوير خدمات مؤسسات التمويل الأصغر وفرص حصولها على السيولة اللازمة لها.
وأوضح أن صندوق النقد العربي لن يدخر أي جهد أو وسيلة للمساهمة في دعم مساعي دولنا العربية في تعزيز تطوير التمويل الأصغر، بما يساهم في وصول جميع فئات المجتمع للخدمات المالية، متطلعاً أن تساهم ورشة اليوم في تحقيق الأغراض المنشودة في إطلاق أنشطة في هذا الشأن.
وإلى نص الكلمة كاملةً:-
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أسعد الله أوقاتكم بكل خير أينما كنتم،
بدايةً أرجو أن تكونوا وعوائلكم بخير وسلامة.
يسرني أن أرحب بكم، في افتتاح ورشة عمل الطاولة المستديرة حول “تطوير قطاع التمويل الأصغر في الدول العربية”، التي ينظمها صندوق النقد العربي في إطار المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية، بواسطة تقنية الإتصال المرئي.
اسمحوا لي بدايةً أن أعرب عن خالص شكري وتقديري للحضور الكريم في الورشة التي يُشارك فيها نخبة من الخبراء من دولنا العربية من وزارات المالية والمصارف المركزية ومؤسسات النقد، والهيئات المشرفة على قطاع التمويل الأصغر، والبنوك التجارية، وإتحادات البنوك، وشبكات التمويل الأصغر في الدول العربية. كما لا يفوتني أن أشكر المؤسسات المالية الإقليمية والدولية على تفضلهم بالمشاركة معنا اليوم.
الشكر موصول كذلك للمؤسسات الشريكة في المبادرة، كل من الوكالة الألمانية للتنمية ومجموعة البنك الدولي والتحالف العالمي للشمول المالي على مشاركتهم في ورشة العمل، وعلى تعاونهم المتواصل لدعم جهود تعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية.
كما لا يفوتني في هذه المناسبة أن أتقدم بالشكر للخبراء والمتحدثين من البنوك المركزية العربية والمؤسسات الإقليمية والدولية، الذين حرصوا على المشاركة اليوم لتقديم مرئياتهم حول واقع التمويل الأصغر في المنطقة العربية قبل وخلال الجائحة وبعدها، وعدد من القضايا حول سبل تطوير قطاع التمويل الأصغر في المنطقة العربية، بما يشمل جوانب الإصلاحات للارتقاء بقطاع التمويل الأصغر، إضافة إلى خيارات السياسات والمتطلبات التشريعية والتنظيمية لتعزيز فرص التمويل الأصغر على المديين القصير والمتوسط.
حضرات السيدات والسادة،
كثف صندوق النقد العربي منذ جائحة كورونا بالتعاون مع المؤسسات الشريكة بالمبادرة، جهوده في تعزيز الحوار والتشاور حول تداعيات الجائحة والفرص المتاحة لتعزيز الشمول المالي. ونحن سعداء ما نتج عن هذه المشاورات والحوار، من تقدم على صعيد التحول المالي الرقمي خاصةً الوثيقة الصادرة عن الصندوق حول إطار التحول المالي الرقمي في الدول العربية. قدمت الوثيقة خارطة طريق لتسريع التوجه إلى الخدمات المالية الرقمية والمتطلبات في السياسات والإجراءات في هذا الشأن. أبرزت المشاورات إضافة للتحول المالي الرقمي، أهمية تطوير قطاع التمويل الأصغر في الدول العربية، والفرص المتاحة التي توفرها التقنيات المالية للارتقاء بالخدمات المتاحة.
ولذلك تأتي ورشة اليوم في سياق المساعي لمناقشة التحديات والمتطلبات اللازمة لتطوير قطاع التمويل الأصغر في دولنا العربية، إدراكاً للأهمية الكبيرة التي يحققها القطاع في خلق فرص العمل ومواجهة تحديات البطالة ودعم فرص التنمية الاقتصادية والإجتماعية المستدامة.
من المناسب أن يكون لدينا رؤية واضحة مستقبلية حول دور قطاع التمويل الأصغر في تعزيز الشمول المالي، انطلاقاً من الاتجاهات الحديثة وتطلعاتنا عن هذا القطاع. لعل ورشة اليوم، تقدم لنا مسارات واضحة نحو تطوير القطاع، وزيادة مساهمته في النشاط الاقتصادي.
لقد أظهرت نتائج الاستبيان الذي تم توزيعه على أعضاء فريق الشمول المالي في الدول العربية مؤخراً، حول أولويات تطوير قطاع التمويل الأصغر في الدول العربية، أن تعزيز السيولة والضمانات تمثل الأولوية الرئيسة في محاور العمل لتطوير هذا القطاع، إلى جانب رقمنة الخدمات وتسهيل وصولها لمستهلكي خدمات التمويل الأصغر بالاستفادة من التقنيات الحديثة. كما أبرز الاستبيان، أهمية تطوير التشريعات التي تحكم عمل مؤسسات التمويل الأصغر، بما يعزز فرص النمو والتنافسية بين هذه المؤسسات.
ليس خافياً أن السلطات الإشرافية في الدول العربية، اهتمت كثيراً في السنوات الماضية بتنظيم قطاع التمويل الأصغر، الأمر الذي ساهم في دخول مؤسسات ومزودي خدمات جدد. مع ذلك هناك حاجة لمراجعة التشريعات القائمة، خاصة على صعيد القيود بشأن نطاق الخدمات التي تقدمها مؤسسات التمويل الأصغر وسقف التسهيلات التي يمكن أن تقدمها، بما يحافظ على التوجه لدعم صغار المقترضين من جهة، مع مساعدتهم من جهة أخرى للتحول إلى مشروعات صغيرة ومتوسطة. كما لا بد أيضاً من الاهتمام بالفرص التي يتيحها توظيف التقنيات الحديثة في تطوير خدمات مؤسسات التمويل الأصغر وفرص حصولها على السيولة اللازمة لها.
نحن مسرورين أن ورشة اليوم تتناول جميع هذه القضايا، متطلعين للحوار بشأنها. كما نتطلع لتعزيز فرص التعاون مع جميع المؤسسات الإقليمية والدولية بما يساهم في تبني أنشطة مشتركة تدعم تطوير قطاع التمويل الأصغر في المنطقة العربية.
كذلك نتطلع أن تقدم الورشة تصور مستقبلي لقطاع التمويل الأصغر في إطار منظومة الخدمات المالية الرقمية والاتجاهات الحديثة في صناعة التمويل الأصغر، مستفيدة في هذا السياق من تجارب لدى عدد من الدول العربية وغير العربية، لمعالجة التحديات الراهنة للارتقاء بالقطاع.
حضرات السيدات والسادة الحضور،
لا يخفى عليكم الأهمية الكبيرة التي تحظى بها اليوم سياسات واستراتيجيات الشمول المالي الرقمي، حيث بات تعزيز القدرة للوصول إلى الخدمات المالية لمختلف شرائح المجتمع خاصة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، هدفاً رئيساً لدى صانعي السياسات الاقتصادية، لما له من أثر إيجابي على الاستقرار المالي والاجتماعي والتنمية الاقتصادية. لا شك أن سرعة توظيف التقنيات الحديثة سيساعد في ظل الطبيعة الشابة لمنطقتنا العربية في تحقيق الأغراض المرجوة.
في هذا السياق، تأتي أهمية الأنشطة الإقليمية وأنشطة وفعاليات مبادرة اليوم العربي للشمول المالي، الذي تتعاون فيه المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية مع المؤسسات المالية والمصرفية وهيئات التقنيات والاتصالات ووزارات التربية ومنظمات المجتمع المدني للتوعية بقضايا الشمول المالي.
نحن ممتنون في هذا الصدد، لما قامت به المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية هذا العام، من أنشطة وفعاليات للتوعية بالشمول المالي الرقمي. كما نشكر المؤسسات المالية والمصرفية التي بادرت بمناسبة هذا اليوم، بإطلاق مبادرات وترويج عدداً من الخدمات والمنتجات المالية، التي تعزز من فرص وصول مختلف فئات المجتمع وفي مقدمتها المشروعات المتناهية الصغر والمجتمعات الريفية للخدمات المالية الرسمية، بما يخدم أيضاً متطلبات تطوير قطاع التمويل الأصغر.
حضرات السيدات والسادة،
أسمحوا لي أن أنوه أن بناء ثقافة مجتمعية تدرك الفرص والمخاطر في الخدمات المالية، تمثل عملية متواصلة للإرتقاء بالتوعية المالية، خاصةً للفئات الشابة، لذا بادر صندوق النقد العربي بإطلاق عدد من الكتيبات للنشئ بغرض المساهمة في جهود التوعية حول القضايا والخدمات المالية، بما يخدم الشمول المالي، آملين أن تساهم هذه الكتيبات في تحقيق الغرض المنشود منها.
قبل الختام، أود التأكيد في هذه المناسبة على أن صندوق النقد العربي لن يدخر أي جهد أو وسيلة للمساهمة في دعم مساعي دولنا العربية في تعزيز تطوير قطاع التمويل الأصغر، بما يساهم في وصول جميع فئات المجتمع للخدمات المالية، متطلعين إلى أن تساهم ورشة اليوم في تحقيق الأغراض المنشودة في إطلاق أنشطة في هذا الشأن.
أخيراً، لا يفوتني في هذه المناسبة، إلا أن أجدد الشكر والعرفان لدولة مقر صندوق النقد العربي، دولة الإمارات العربية المتحدة، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق في سعيه لتحقيق أهدافه.