مصطفى عبده يكتب : عملية الإستثمار
المستوى الأول .. نظرياً تمر عملية الإستثمار في المعتاد بثلاث مراحل رئيسية، والمرحلة الأولى فيها تكون بتكبد نفقات أولية لبدء الإستثمار (Investing) ، ثم بعد مرور فترة زمنية ، والتي تتوقف على حسب طبيعة الإستثمار، نكون في المرحلة الثانية، وفيها تتم عملية حصاد لعوائد تلك الإستثمارات (Harvesting) ، ثم نأتي إلى المرحلة الثالثة والأخيرة، وهى اتخاذ القرار للإختيار بين إعادة الإستثمار مرة أخرى أو تصفية هذا الإستثمار والتوجه نحو استثمارات أخرى أكثر ربحية وعوائد (Reinvest or divestment)
المستوى الثاني .. في الواقع العملي فإن الصفر والواحد الصحيح في النظام الثنائي للأعداد ينظر لهم على كونهم يمثلون عمل النظام وإغلاق النظام، وهما متكاملان يجب أن تغلق لتفتح وتفتح لتغلق تماماً، مثلما أن أي استثمار يلزمه تكامل معياري النية والقدرة على الإستثمار، (مجتمعين وليس منفردين ، فلا يمكن أن تبدأ استثمار وعندك النية فقط بدون القدرة…. والعكس صحيح ).
وكل عمل ممكن أن ينظر له على أنه استثمار ما يبدأ بوضع نقود / وقت / مجهود ما…. ثم بعد ذلك…. تحصد نتائج استثماراتك….
ثم يطفو التساؤل الإستراتيجي التالي على السطح.. هل تعيد الإستثمار مرة أخرى أم تخرج منه (تصفيته) لتبدأ استثمارا جديدا ؟.
فيمكن أن تعيد استثماراتك لكي تنميها بافتتاح مشاريع إضافية من نفس نوع الإستثمار (أو فروع إضافية) ، وهو ما يسمي بالنمو العضوي عن طريق وحدات الأعمال الإستراتيجية (growth through strategic business units -SBUs)، والذي يعتبر أقل تكلفة من النمو عن طريق الإستحواذ (growth through acquisition) لانعدام وجود الإسم التجاري والشهرة…… وهنا التركة….. لأن الكثير من الأعمال (الإستثمارات) لا تدر عوائدا ( بالكلية…. أو العوائد المرضية).
فما هو الوقت المناسب لتقرر التخارج (تصفيته والانتقال لاستثمار جديد) من مثل هذا الاستثمار غير المدر لعوائد سواء بالكلية أو العوائد المرضية والمتوقعة سابقاً؟ قبل الدخول في هذا الاستثمار ؟ والذي غالبا ما يكون المرء واقع أسير له بحكم العادة والتعود عليه……… أو أملاً في تحقيق عوائد مستقبلية فى الأجل المنظور).
وسبب التركة…. أنه في كثير من الأحيان التخارج من الاستثمار غير المدر لعوئد أفضل بكثير من تكرار الاستمرار به وإعادة الاستثمار به .. ولكن العقل يمنعك من القيام باتخاذ القرار الصحيح (بسبب التخوف من المخاطر المرتبطة بالاستثمارات الجديدة والتكاليف المتكبدة والمرتبطة بهذا الاستثمار والإكتفاء بوجود منافع ضمنية صغيرة وغير مرضية فى الوقت نفسه)….. كما أن الكثير يتبنى وجهة النظر بأني لن أترك هذا الاستثمار إلا عند تصفيته هو فعليا من تلقاء نفسه… ولن أتركه من تلقاء نفسي وبمحض إرادتي ….. هو يتركني أنا لن أتركه “نظرية شلالات النيجرا “…. وذلك طالما كان لديك محفظة متنوعة من الاستثمارات (diversified portfolio) ، مثل البنوك التجارية التي تخصصها الأساسي هو الاستثمار في عمليات الإقراض ، ولكن لأغراض تنوع محفظتها الاستثمارية يجب أن يكون لديها استثمارات خالية من المخاطر واستثمارات في شركات تابعة وشقيقة ذات أنشطة متنوعة تجارية وخدمية وعقارية وتكنولوجيا معلومات …. الخ، فضلا عن استثمارات مالية في أسهم مقيدة بسوق الأوراق المالية بجانب نشاطها الرئيسي.
ما سبق ينسحب على أعمال البنوك والشركات و الأفراد ….. بما فيهم أعمالك واستثماراتك أنت.
المستوى الثالث .. على المستوي الشخص الذي يطبق ما سبق فإننا أيضا في حياتنا الشخصية قد نحتاج لتفهم وتطبيق نفس المفاهيم نحو مراحل عملية الاستثمار، وهو أمر كما أنه يحقق الرخاء الشخصي فإنه أيضا قد يساهم بشكل ما في الرخاء المجتمعي والرخاء الوطني ، إذا ما تم تبنينا وجهة النظر الاستثمارية في جميع أعمالنا وتوجهاتنا ، وتفهم أنه قد يتطلب منا التضحية وتكبد التكاليف بغرض الإستثمار وحصائد العوائد المرتبطة ، وهي بطبيعة الحال نظرة مستقبلية بعيدة المدي وتبعد نوعاً ما عن وجهة النظر المعتادة والتي تدور حول النشاط الإستهلاكي الحالي ضيق المدي والنطاق.
الخلاصة :- لا تقلق من تصفية أحد استثماراتك…. ولكن ابحث دومًا….. عن الإستثمارات المدرة لعوائد وأعطها تركيزك….. وفكر دوماً بمبدأ……. تتبع الأنشطة المدرة لعوائد income producing activities – IPA.
مصطفى عبده
الخبير الإقتصادي