محمد عبد العال يكتب: 4 مؤشرات لآفاق نمو الاقتصاد المصري
أربعة مؤشرات اقتصادية مهمة تصادف الإعلان عنها مع مطلع العام الجديد ، وترجع أهميتها إلى التأثير الإيجابي لكل مؤشر منها ، منفردا ، على واقع الاقتصاد المصري ، ثم من التأثير التبادلي المستقبلي المُضاف ، والناتج من تفاعل المؤشرات الثلاثة معاً.
المؤشر الأول : تحسن مؤشر مديري المشتريات ، من 48.7 نقطة فى نوفمبر إلى 49 نقطة فى ديسمبر ، صحيح أن الارتفاع هامشي ، ومازال تحت مستوى الخمسين نقطة ، وهى نقطة التوازن الفارقة بين الانكماش والنمو ، إلا أن الجديد أن هذا المؤشر ظل جامدا ، يعبر عن حالة انكماش الاقتصاد غير النفطي في القطاع الخاص المصري طوال الثلاثة عشر شهرا الماضية ، حتى الشهر الأخير من العام ، حين بدأ يظهر هذا التحسن الإيجابي البسيط ، وهو ما يعني أنه كانت هناك في نهاية العام زيادة جديدة فى أنشطة المشتريات وأيضا زيادة نسبية في طلبيات مخزون الشركات.
وفي رأيي أن أحد أهم الملامح الإيجابية لهذا التوجه أن مؤشر مديري المشتريات لم يتأثر سلباً بالموجة السعرية التضخمية العالمية الراهنة حتى الآن.
والنتيجة أن نشاط القطاع الخاص المصري، معبراً عنه بمؤشر مديري المشتريات ، مازال يعكس نسبياً ظاهرة انكماشية ، ولكن بصورة متناقصة مع ميل للتحسن.
المؤشر الثاني : وهو المرتبط بحالة التفاؤل بدعائم الانضباط المالي وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي ، والذي أكدته التوقعات المتفائلة التي أعلنتها وزارة المالية حول أهداف الاقتصاد الكلي، شملت التركيز على معدل النمو المُحقق والمستهدف.
وكان الاقتصاد المصري قد حقق معدل نمو 9.8% خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2021/2022 ، مقارنة ب 0.7% خلال الربع الأول من العام الماضي ، وهو ما يُشير إلى إمكانية تحقيق معدل نمو متوقع ما بين 5.5% و 5.7% فى نهاية يونيو القادم ، أي نهاية السنة المالية الحالية.
والجديد في هذا المقام أن وزارة المالية تستهدف تحقيق معدل نمو 5.7% فى عام 2022/2023 ، يرتفع تدريجياً إلى 6% في عام 2024/2025 ،كما تستهدف تحقيق فائض أولي 2% وخفض العجز الكلي إلى 6.1% فى العام المالي 2022/2023 ثم إلى 5.1% في عام 2024/2028.
وفي تصوري أنه من أهم الأهداف المعلنة هو استهداف خفض معدل الدين للناتج المحلي الإجمالي إلى أقل 99% في العام المالي 2022/2023 ثم إلى 82.5% فى 2025.
المؤشر الثالث : تراجع الدين الخارجي لمصر بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي لأول مرة منذ عام ونصف ، ليسجل 137.4 مليار دولار مقابل 137.9 مليار دولار فى الربع السابق.
ويعكس ذلك نجاح إستراتيجية الدولة في إدارة عملية تقليص معدل نمو الدين العام ، سواء عن طريق خفض نسبة خدمة الدين إلى إجمالي مصروفات الدولة وإطالة عُمر الدين الخارجي ، والتوسع في إصدار السندات الحكومية المتنوعة ، واستحداث أدوات جديدة ، مثل الصكوك السيادية والسندات الخضراء.
المؤشر الرابع : تحقيق قناة السويس إيرادات قياسية فى عام 2021 بلغت 6.3 مليار دولار، وهو رقم قياسي جديد وغير مسبوق على مر تاريخها ، رغم ظروف تداعيات صدمة كورونا العالمية.
ولكن ما هي النتائج المتوقعة ؟ والاقتراحات المطلوبة التي يمكن أن تسفر عنها تطور تلك المؤشرات وتفاعلها مع بعضها البعض من أجل تعظيم القيم المضافة؟
التحسن الطفيف في مؤشر مديري المشتريات يتطلب مزيدا من استمرار سياسة دفع النمو الاقتصادي واستمرار السياسة النقدية التيسيرية ، مع استمرار تشجيع القطاع العائلي، بمنحهم عوائدا مميزة على مدخراتهم ، لتشجيعهم على تنشيط معدل الاستهلاك الضروري في المرحلة الحالية لدفع الإنتاج.
كما أن سياسة توطين الصناعة المصرية وإيجاد بدائل للاستيراد ، والسعي لتحقيق الهدف القومي، للوصول إلى حجم صادرات يقدر بمائة مليار دولار ، ستكون أهدافا إستراتيجية وحاسمة على المستوى القومي فى المرحلة الراهنة ، رغم الصعوبات المحلية والإقليمية والعالمية المعاصرة.
إن تحقيق معدل النمو الاقتصادي المستهدف وتحسن العجز في الميزان التجاري سوف يؤديان حتما إلى تراجع قيمة الدين الخارجي ، وانخفاض نسبته إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي ، وهو ما يمهد إلى تحسن درجة الملاءة الائتمانية لمصر ، ويساعد على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر ، ويحفز تحويلات المصريين العاملين فى الخارج ، ومع استمرار تعافى السياحة ونمو إيرادات قناة السويس، فإن من محصلة كل ذلك هو استمرار الشخصية القوية للجنيه المصري ، مع مزيد من الاستقرار مدفوعا بسياسة نقدية متميزة بآلية سعر الصرف العائم ، وإدارة رشيدة لسياسة أسعار الفائدة.
محمد عبد العال
خبير مصرفي