محمد عبد العال يكتب عن .. الإستباقية في إدارة مخاطر السيولة الطارئة
تضع البنوك المركزية في كل إرجاء العالم ، متطلبات احترازية كمية ونوعية لمواجهة مخاطر السيولة.
ومخاطر السيولة هي عدم قدرة البنك على تمويل الزيادة في الأصول ، أو مقابلة الالتزامات عند استحقاقها ، أو مع إمكانية ذلك ولكن مع تكبد خسائر كبيرة أو غير مقبولة.
وفى إطار إستراتيجية البنك المركزي المصري لتطبيق أفضل الممارسات الدولية ، لدعم قدرة الجهاز المصرفي ، في إدارة كل أنواع المخاطر المصرفية ، ومنها مخاطر السيولة ، يتأكد المركزي من التزام البنوك بالمتطلبات التنظيمية والسقوف والمحددات الموضوعة من قِبله ومن قبل مجالس إدارات تلك البنوك ، ومنها على سبيل المثال ، الحد الأدنى من الاحتياطي النقدي الإلزامي كنسبة من الودائع ، ونسب السيولة القانونية، ونسب السيولة حسب سلم الاستحقاقات ، ونسب فجوات السيولة الجارية والتراكمية ، ونسب تركز أكبر المودعين ..الخ من المحددات ، التي يتعين أن تلتزم بها البنوك في ظروف العمل العادية وغير العادية ، لكي تتجنب بقدر كبير من الثقة ، احتمال التعرض لأزمات أو مخاطر سيولة.
ولكن لم يكتف البنك المركزي بتلك الضوابط والمحددات السابق الإشارة إليها، وإنما استهدف أيضا أن تتم عملية إدارة مخاطر السيولة بشكل احترازي ، واستباقي ، في آن واحد ، مستهدفاً وضع آلية للتعامل مع أزمات السيولة الطارئة التي يمكن أن تحدث في المستقبل ، ولذلك قام البنك المركزي بالإعلان عن إطار عمل مناسب يوضح قواعد ومحددات التصرف المبكر لمعالجة مخاطر السيولة الطارئة ، إذا ما حدثت في المستقبل.
بمقتضى تلك الآلية سيوفر البنك المركزي المصري “تمويل سيولى طارئ” ، باعتباره المقرض الأخير والملاذ الآمن ، وذلك في حالات عدم قدرة البنك على توفير احتياجات السيولة الطارئة من سوق الانترنت.
لقد تضمن الإطار تفصيلات فنية ورقابية ، و إشرافية، منوعة، ومشددة ، ربما تضيق مساحة المقال للتعرض لها تفصيلا ، ولكن قد يكون من المفيد تدوين الملاحظات التالية :
- إن السيولة الطارئة وفقاً لهذا المفهوم هي أداة من أدوات التمويل يوفرها البنك المركزي ، بشروط معينة، لوحدات الجهاز المصرفي ، لمواجهة أزمات سيولة طارئة وقصيرة الأجل .
- إن هذا الإطار ليس بديلا للإجراءات والمحددات الرقابية الأخرى المطبقة حاليا لإدارة مخاطر السيولة ، وإنما جاء كحلقة في سلسلة استكمال الإجراءات الإشرافية والرقابية والتنظيمية المقررة وفقا للأصول الدولية.
- إن هذا الإطار لم يُعَد من قبل البنك المركزي لأسباب تعود لمعاصرة أزمات سيولة حاضرة الآن على الساحة المصرفية، وإنما ووفقا لصياغة المركزي ” هو إطار يحدد شروط وإجراءات التعامل بشكل مسبق ويرفع جاهزية البنوك للتعامل مع أزمات السيولة المحتملة ، الأمر الذي يدعم الحفاظ على سلامة المصرف وثقة المتعاملين فيه”.
ومن الجدير بالذكر أن متوسط نسبة التمويل إلى الودائع السائدة لدى الجهاز المصرفي المصري في حدود 50% ، وهو ما يدلل على درجة السيولة المرتفعة التي يتمتع بها الجهاز المصرفي المصري .
ووفقاً لتصريح الأستاذ جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي المصري فإن القطاع المصرفي المصري يتميز بنسب سيولة هي الأعلى في المنطقة.
- إن عملية منح السيولة الطارئة تختلف عن عمليات السياسة النقدية الأخرى ، كالسوق المفتوحة ، أو صفقات التسهيلات لمدة يوم ،وليس لها أيضا ادني علاقة بسياسة أسعار الفائدة أو أسعار الصرف.
- إن تلك الأداة التمويلية الطارئة تتطلب شروط منوعة فنية ورقابية ومحددات ، أهمها ضرورة توفر الملاءة المالية للبنك ، وأيضا توفر ضمانات كافية ، وان سعر العائد المطبق سيكون أعلى من متوسط الأسعار السائدة في السوق.
محمد عبد العال
خبير مصرفي