طارق متولي يكتب.. المؤسسات ملزمة برد الجميل للمجتمع الذي تعمل به
مفهوم المسئولية المجتمعية في الماضي لم يكن كما هو الآن
مفهوم المسئولية المجتمعية في الماضي لم يكن كما هو الآن ، حيث تحول من مجرد فعل الخير إلى كونها منهاج عمل واضح ومحدد ومدرج ضمن إستراتيجية المؤسسات وضمن ممارسة الأعمال اليومية.
المسئولية المجتمعية هي التزام الشركة تجاه أصحاب المصالح من حملة الأسهم والمستهلكين والعملاء والموردين والعاملين والبيئة والمجتمع ، وهى عمل تطوعي لا يستلزم سن القوانين أو وضع قواعد تلتزم بها الشركات ، ولكنه أصبح إلزاميا من منظور ضرورة قيام الشركات ، سواء محلية أو دولية ، بلعب دور إيجابي على المستوى الاجتماعي ، والشركات ملزمة برد الجميل للمجتمع الذي تعمل به ، فضلا عن الفوائد التي يمكن أن تحققها الشركة للعاملين والمساهمين لديها.
وتنطوي المسئولية المجتمعية للشركات على الجانب المجتمعي ، والذي يحوى تحته العديد من الجوانب ، سواء كانت صحية أو بيئية أو اقتصادية ، والجانب الآخر هو المسئولية التي يجب أن تكون عامة ، خاصة على الصعيد الاجتماعي.
ويعرف البنك الدولي للمسئولية المجتمعية بأنها التزام أصحاب الأعمال والنشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة ، من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلى والمجتمع ككل ، لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة والتنمية في نفس الوقت.
وبدأ التطور التاريخي لمفهوم المسئولية المجتمعية للشركات مع مطلع القرن العشرين ، حيث كانت الفلسفة الاقتصادية تفترض أنه من واجب الشركات الأساسي والوحيد هو تعظيم الربح دون أن تقوم بأي واجب تجاه المجتمع ، إلا انه في السبعينيات من القرن الماضي تطور مفهوم المسئولية المجتمعية ، من خلال سداد الأجور للعاملين وسداد الضرائب للحكومات واحترام سيادة القانون واحترام العقود المبرمة ، ومع الوقت بدأ الاهتمام من المدراء التنفيذيين بأهداف أخرى إلى جانب تعظيم الأرباح ، مثل مصالح المستهلكين والموظفين والدائنين والمجتمع المحلى ، مع الاهتمام بتطوير التشريعات الخاصة بتحسين بيئة الأعمال وتطوير سياسات التعيين والاستخدام وعدم التمييز والاهتمام بحماية البيئة ومنع التلوث والحد من إهدار الطاقة.
ومع تطور وتنامي مفهوم المسئولية المجتمعية والاستثمار المسئول فإن المؤسسات في عالم اليوم يجب ألا تكتفي بمجرد التبرع بالأموال ، والذي أصبح أمرا بديهيا ، بل يجب أن تسعى إلى الإبداع في تبنى استراتيجيات متكاملة ، وتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية ومنها على سبيل المثال ، احترام حقوق العاملين وتوفير بيئة عمل مناسبة ، الالتزام بسياسات عدم التمييز في التعيينات والاستخدام ، الالتزام بسياسات الحفاظ على البيئة ومنع التلوث ، والالتزام بسياسات الحفاظ على الطاقة ومنع الهدر.
كما تتضمن أيضا الالتزام بالشفافية الكاملة في التعامل مع أصحاب المصالح من العاملين والموردين والعملاء والمنافسين والمجتمع ككل ، الالتزام بأن تكون المسئولية المجتمعية ضمن الخطة الإستراتيجية للشركة وإدماجها ضمن ممارسة الأعمال اليومية ، الالتزام بالتنمية المستدامة والاستثمار المسئول ، التأكد من التزام الموردين وأصحاب المصالح بقواعد المسئولية المجتمعية وحماية حقوق العاملين لديها وتطبيق الحد الأدنى للأجور والحفاظ على البيئة ، على أن تكون تلك المحددات أحد طرق تفضيل التعامل وليس السعر والجودة فقط ، الالتزام بالمنافسة العادلة ومنع الاحتكار ، ضرورة وجود إدارات متخصصة المسئولية المجتمعية داخل الشركات ، على أن تتبع الإدارة العليا مباشرة ، والعمل على تطوير قواعد ملموسة لقياس مسئولية الشركة المجتمعية والإبداع في السياسات المجتمعية.
خلاصة القول أن المسئولية المجتمعية تعنى كل ما سبق ، بهدف خدمة الشركات للمجتمع الذي تعمل فيه ، عبر الكثير من الأنشطة والمشروعات الخدمية ، التي من شأنها العمل على دفع عجلة التنمية بالمجتمع ، وهى تحقق العديد من الفوائد للمجتمع والشركة ، والتي تتمثل في تقديم سلع ومنتجات صحية للمجتمع ، والمحافظة على البيئة خالية من التلوث ، وزيادة ولاء الموظفين ، وتمتع الشركة بالمصداقية ، وخلق علاقة جيدة مع المساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح.
طارق متولي
نائب رئيس بنك بلوم مصر سابقا والخبير المصرفي